حكم ما لو أخرج الزكاة بنفسه حال الارتداد ثمّ تاب - حكم ما إذا كان الارتداد أثناء الحول 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3685


   وأمّا الثاني ـ أعني : ما لو أخرجها بنفسه حال الارتداد ثمّ تاب ـ فهو على صور : لأ نّه إمّا أن تكون العين باقية في يد الفقير أو تالفة ، وعلى الثاني فإمّا أن

ــ[229]ــ

يكون الفقير القابض عالماً بالحال ـ أي حالة ارتداد الدافع ـ أو جاهلاً .

   فمع بقاء العين يجدّد النيّة ، إذ لا اثر للدفع السابق الصادر حال الارتداد .

   وأمّا مع التلف : فإن كان عن علم من القابض جاز الاحتساب عليه ، لأ نّه مدين للمالك وضامن للمال ، إذ مع علمه بارتداد المالك ـ المستلزم لعدم اتّصاف المدفوع بالزكاة وبقائه على ملك مالكه ـ فتصرّفه فيه تصرّفٌ في مال الغير ، وليس التسليط من المالك إلاّ بعنوان ـ وهو الزكاة ـ يعلم القابض بعدم صحّته من المالك حسب الفرض ، وعليه فلو أتلفها أو تلفت في يده كان الفقير القابض مشغول الذمّة ومديناً ، فيجوز للمـالك أن يحتسب هذا الدين من الزكاة ، فلا يجب عليه الدفع ثانياً .

   نعم ، يجب ذلك في الصورة الثالثة ـ  أعني : ما إذا كان القابض جاهلاً بالحال ـ لعدم ضمانه حينئذ بعد أن كان مغروراً من قبل المالك ، إذ هو الذي سلّطه على المال مجّاناً وغرّره في إتلافه ، فكان قرار الضمان عليه لا على الفقير الجاهل ، فلا دين ليحتسب من الزكاة ، فلا مناص من تكرارها ودفعها ثانياً ، فلا حاجة إلى التكرار إلاّ في صورة واحدة من هذه الصور الثلاث ، وأمّا في الصورتين الاُخريين فيجدّد النيّة أو يحتسب حسبما عرفت .

   وأمّا إذا كان الارتداد أثناء الحول : فإن كان عن فطرة انقطع الحول وسقطت عنه الزكاة ، لخروج المال عن ملكه وانتقاله إلى الورثة ، ووجب استئناف الحول على كلّ وارث بلغت حصّته النصاب . وعلى أيّ حال، لا موضوع للزكاة بالإضافة إلى المرتدّ نفسه .

   وإن كان ملّة أو كان امرأة وإن كان ارتدادها عن فطرة ، فبما أنّ المال باق على ملك المالك حينئذ فلا موجب لانقطاع الحول ، بل ينتظر إلى ما بعد حلول

ــ[230]ــ

الحول ، فإن تاب ورجع كان هو المتولّي للإخراج ، وإلاّ دخل في الممتنع ، وكان المتصدّي حينئذ هو الحاكم الشرعي حسبما عرفت .

   وكيفما كان ، فسقوط الزكاة عن الكافر على القول به ـ كما تقدّم ـ يراد به الكافر الأصلي ، وإلاّ فالارتداد لا يوجب سقوط الأحكام الثابتة في الإسلام ، لإطلاقات الأدلّة ، مضافاً إلى بعض النصوص الخاصّة الواردة في الموارد المتفرّقة ، غاية الأمر أنّ كفره مانعٌ عن تصدّيه بنفسه ، فيتولاّه الحاكم الشرعي حسب التفصيل الذي عرفت بما لا مزيد عليه .

   نعم ، في المرتدّ الفطري لا يبعد القول بأنّ الولاية للوارث دون الحـاكم كما أشار إليه سيّدنا الاُستاذ (دام ظلّه) في تعليقته الشريفة، نظراً إلى ما تقدّم من أنّ الخيار إنّما هو للمالك لا للساعي ولا
للفقير(1)، بمقتضى صحيحة بريد (2) المعلّلة بأ نّه الشريك الأعظم وإنّ أكثره له ، حيث يستفاد منها أنّ الاختيار في باب الزكاة ـ أي ولاية التطبيق ـ إنّما هي بيد الشريك الأعظم الأوفر نصيباً ، ومصداقه في المقام هو الوارث ، لانتقال المال إليه بعد الارتداد عن فطرة ، فإنّه الشريك فعلاً مع الفقير بدلاً عن المالك قبل الارتداد، فالمقام نظير الموت الحقيقي ، فكما أنّ المالك لو مات بعد حلول الحول كان الخيار للوارث بلا خلاف فيه ولا إشكال وهو موردٌ للإجماع والتسالم ظاهراً ، فكذا في الارتداد الذي هو موتٌ معنوي ، وكيفما كان فشمول النصّ المتقدّم للمقام غير بعيد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 187 .

(2) الوسائل 9 : 129 /  أبواب زكاة الأنعام ب 14 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net