حكم ما لو علم أكثرية أحد المخلوطين مردّداً ولم يمكن العلم به 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 13:الزكاة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3724


ــ[299]ــ

   ولو علم أكثريّة أحدهما مردّداً ولم يمكن العلم (1) وجب إخراج الأكثر من كلٍّ منهما ، فإذا كان عنده ألف وتردّد بين أن يكون مقدار الفضّة فيها أربعمائة والذهب ستمائة وبين العكس ، أخرج عن ستمائة ذهباً وستمائة فضّة . ويجوز أن يدفع بعنوان القيمة ستمائة عن الذهب وأربعمائة عن الفضّة بقصد ما في الواقع .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل يشاركها فيها بمقتضى الفهم العرفي حسبما عرفت .

   وعليه، فالمركّب من الذهب والفضّة محكومٌ بوجوب الزكاة أيضاً كالأجزاء ، بشرط بلوغ النصاب في كلٍّ منهما أو في أحدهما بحسابه ، وإلاّ فلا زكاة وإن كان المجموع بمقدار النصاب ، كما هو الحال في حال الانفراد أيضاً ، فلو كان له مقدارٌ من النقود قد امتزج ما يعادل مائة درهم من الفضّة منها بما يعادل عشرة دنانير من الذهب بحيث كان المجموع بمقدار عشرين ديناراً ، لم تجب الزكاة ، كما دلّت عليه النصوص على ما سيأتي ، فيعتبر مراعاة النصاب في كلٍّ منهما بحياله ، وحينئذ فإن علم بالحال فهو ، وإلاّ بأن شكّ في بلوغ النصاب فيهما أو في أحدهما فقد حكم في المتن بوجوب الفحص والاختبار بالتصفية .

   ولكنّه غير ظاهر ، لعدم الملزم للفحص بعد كون الشبهة موضوعيّة ، ورواية زيد الصائغ قد عرفت ضعفها ، فلا تصلح للاستناد إليها .

   نعم ، لو أراد أن يحتاط أمكنه الدفع من الخارج بعنوان القيمة بمقدار يتيقّن معه بالفراغ على تقدير الاستقلال ، بلا حاجة إلى التصفية ، وإلاّ فله الاكتفاء بالمقدار المتيقّن ـ لو كان ـ والرجوع فيما عداه إلى أصالة البراءة المتّفق عليها في مثل المقام بين الاُصولي والأخباري كما مرّ .

   (1) فكانت عنده كمّيّة من النقود قد غشّ الذهب منها بالفضّة وهو يعلم

ــ[300]ــ

بأنّ أحدهما أكثر ولكنّه مردّد بينهما ، فحينئذ يجب إخراج الأكثر من كلٍّ منهما ، عملاً بالعلم الإجمالي .

   أقول : للمسألة صورتان ، إذ :

   تارةً : يفرض أنّ الأكثر ـ أي المقدار الزائد على الآخر ـ غير بالغ حدّ النصاب إلاّ على تقدير دون تقدير ، فلا تجب الزكاة فيه بقول مطلق .

   وهذا كما لو كانت عنده ثمانمائة وعشرون من النقود: أربعمائة منها من الذهب ، وأربعمائة من الفضّة ، وتردّد العشرون الزائد بينهما ، فإنّه إن كان عشرين مثقالاً من الذهب كان نصاباً ، وأمّا إذا كان من الفضّة فهو دون النصاب ـ لأنّ نصابه أربعون درهماً والعشرون مثقالاً أقلّ منه ـ فلا تجب فيه الزكاة على هذا التقدير . ولا ينبغي التأمّل في عدم وجوب الزكاة في هذا المقدار الزائد المشكوك كونه نصاباً ، لأصالة البراءة عن تعلّق الزكاة به الجارية في الشبهة الموضوعيّة الوجوبيّة بلا كلام . فليكن هذا الفرض خارجاً عن محلّ البحث .

   واُخرى : يفرض بلوغه حدّ النصاب على كلّ تقدير ، فوجبت فيه الزكاة مطلقاً ، كما لو كانت تلك النقود ثمانمائة وأربعين ، أو يفرض أ نّها كانت ألفاً كما افترضه في المتن ، فكانت أربعمائة ذهباً وأربعمائة فضّة ، وتردّدت المائتان الباقية بينهما التي هي نصابٌ على كلّ تقدير .

   وقد حكم في المتن بوجوب إخراج الأكثر ، أي بدفع زكاة المائتين مرّتين : تارةً بحساب الذهب واُخرى بحساب الفضّة ، عملاً بالعلم الإجمالي بتعلّق أحد التكليفين ، فيدفع عن ستمائة ذهباً وستمائة فضّة .

   ثمّ ذكر أ نّه يجوز الاقتصار في المائتين على حساب الذهب بعنوان القيمة ، أي بقصد ما اشتغلت به الذمّة واقعاً ، المردّد بين كونه نفس الفريضة إن كان ذهباً وقيمتها إن كان فضّةً، فيدفع ستمائة عن الأكثر قيمة وهو الذهب ، وأربعمائة عن الفضّة .

 
 

ــ[301]ــ

   [ 2655 ] مسألة 8 : لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولكن الظاهر جواز الاقتصار على الأقلّ قيمةً وهو الفضّة ، فإنّ الزكاة وإن كانت حقّاً متعلّقاً بشخص العين الخارجيّة إلاّ أ نّها على سبيل الشركة في الماليّة ، وللمالك ولاية التبديل والإخراج من غير العين بعنوان القيمـة ، فهو مخيّر بين الأمرين ـ أي دفع العين والقيمة ـ فالحقّ وإن كان متعلّقاً بالعين إلاّ أنّ الواجب هو الجامع بين الأمرين ، وبما أنّ القيمة ـ التي هي عدل الواجب التخييري ـ مردّدة بين الأقلّ والأكثر ـ لتردّدها بين قيمة الذهب التي هي أكثر ، والفضّة التي هي أقلّ ـ فلا علم باشتغال الذمّة إلاّ بالمقدار المتيقّن ، وهو الأقلّ ، وأمّا الزائد عليه فتعلّق التكليف به مشكوك من أوّل الأمر، فيرجع في نفيه إلى أصالة البراءة ، فيكون المقام مثل ما لو لم يكن عنده من أوّل الأمر إلاّ مقدار النصاب وكان مردّداً بين الذهب والفضّة الذي يقتصر فيه على الأقلّ قيمةً ويدفع الزائد بأصالة البراءة .

   فما ذكره في المتن من لزوم دفع الأكثر عملاً بالعلم الإجمالي مبنيٌّ على قصر النظر على ما في العين، الذي هو دائر بين المتباينين ـ أعني: نفس الذهب والفضّة ـ ولا مناص حينئذ من الاحتياط رعايةً لتنجيز العلم الإجمالي كما أفاده (قدس سره)، وأمّا بملاحظة القيمة وجواز دفعها بدلاً عن العين الموجب لقلب التكليف من التعييني إلى التخـييري وتعلّقه بالجامع بينهما ، فالواجب حيـنئذ دائر بين الأقلّ والأكثر باعتبار تردّد القيمة بينهما ، المحكوم بلزوم الاقتصار على الأقلّ ودفع الزائد بالأصل، لا أ نّه دائر بين المتباينين ليجب الاحتياط ، فإخراج الأكثر مبنيٌّ على الاحتياط الاستحبابي .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net