عدم اختصاص التنزيل بالحرمة المستندة إلى النسب بالاستقلال
الجهة الثالثة : أنّ مقتضى إطلاق الجملة الشريفة(3) أيضاً عدم اختصاص التنزيل فيها بالحرمة المستندة إلى النسب بالاستقلال ، فتعمّ الحرمة التي للنسب فيها دخل بنحو الجزئية ، كما في المصاهرة التي هي علقة متقوّمة بعلقتين ، كالعلقة المتحقّقة بين أُمّ الزوجة وزوج بنتها ، فإنّها متقوّمة بالزوجيّة الكائنة بينه وبين بنتها والأُمومة المتحقّقة بينها وبين بنتها . فأُمّ المرأة التي ليست زوجة للشخص لا تحرم عليه من هذه الجهة ، كما أنّ من ليست أُمّاً لزوجة الشخص لا تحرم عليه من هذه الجهة ، فهي علقة قائمة بنسب وسبب ، والقاعدة المتقدّمة(4) بحكم إطلاقها تنزّل ــــــــــــــــــــــــــــ
(3) يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . (4) يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب .
ــ[25]ــ
الرضاع منزلة النسب في هذه العلقة . فالأُمّ الرضاعية للزوجة تحرم على زوج بنتها الرضاعية ، كما تحرم عليه أُمّها النسبية .
نعم هذه القاعدة(1) لا تتكفّل تنزيل الرضاع منزلة الجزء الآخر وهو الزوجيّة ، فإذا أرضعت امرأة ولد زيد فلا تحرم على زيد أُمّ هذه المرأة النسبيّة ، لعدم تنزيل القاعدة المزبورة الرضاع منزلة الزوجية ، فلا تصير تلك المرأة برضاعها ولد زيد بحكم زوجته لتكون أُمّها النسبيّة أُمّ زوجته .
ثمّ إنّه يترتّب على ما ذكرناه حرمة أُمّ الموطوء وأُخته وبنته الرضاعيات على الواطئ ، وكذلك حرمة أُمّ المزني بها وبنتها الرضاعيتين على الزاني ، بناءً على ما هو المشهور بين الفقهاء من الحرمة في النسب . فما عن العلاّمة(2) والمحقّق الثاني(3) (قدّس سرّهما) ـ من القول بعدم التحريم في المسألة الثانية ـ لا نعرف له وجهاً صحيحاً . على أنّ صحيحة محمّد بن مسلم(4) قد دلّت بظاهرها على التحريم ، نعم بناءً على ما اخترناه ـ من عدم الحرمة فيها في النسب ـ لا مجال للقول بها في الرضاع ، وتحمل الصحيحة حينئذ على الكراهة .
|