«1» المراد من عموم المنزلة شمول الحرمة بالرضاع للعناوين الملازمة للعناوين المحرّمة بالذات وإن افترقت عنها ، لأنّها لازم أعمّ ، أي العنوان اللازم يكون أعمّ من الملزوم المحرّم ذاتاً فيقال مثلا : إنّ أُمّ الأخ بمنزلة الأُمّ ، فكما تحرم بالنسب تحرم بالرضاع أيضاً ، ويتحقّق عموم المنزلة في الموارد التالية :
أحدها : أُمّ الأخ .
وهذا العنوان بنفسه ليس من المحرّمات بالنسب كي يحرم مثله بالرضاع ، لعدم الدليل على الحرمة بهذا العنوان ، إلاّ أنّه قد يقترن مع عنوان محرّم بالنسب أو بالمصاهرة ، وقد يفترق عنهما ويتحقّق بالرضاع فقط ، ولكن لا يوجب الحرمة إلاّ عن طريق عموم المنزلة لملازمة هذا العنوان لبعض العناوين النسبيّة المحرّمة كما أشرنا ، ولكن حيث إنّه لازم أعمّ فإذا افترق عن المحرّم الذاتي فلا يوجب الحرمة .
بيان ذلك : أنّ العنوان المذكور يتحقّق إمّا بالنسب ، أو المصاهرة ، أو بالرضاع وتحرم المرأة بالأوّلين ، دون الرضاع إلاّ على القول بعموم المنزلة ، فيتحقّق في :
1 ـ أُمّك .
فإنّه يصدق عليها أُمّ أخيك ، إذا كان لك أخ شقيق ، وهي محرّمة عليك بالنسب وهذا ظاهر . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 23 .
ــ[27]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـ زوجة أبيك (أي أُمّ أخيك من أبيك) .
وهي محرّمة عليك بالمصاهرة ، لأنّها زوجة أبيك ، وقال عزّ من قائل : (وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)(1).
3 ـ الأُمّ الرضاعية لأخيك .
وهذه كما إذا أرضعت أجنبيّة أخاك ـ وهي ليست بأُمّك ولا زوجة أبيك ـ فإنّ هذه أُمّ رضاعية لأخيك ، تحرم عليه ، ولكن لا تحرم عليك ، لعدم صدق عنوان الأُمّ ، ولا زوجة الأب عليها ، نعم يصدق عليها العنوان الملازم للعنوانين المحرّمين(2) وهو عنوان أُمّ الأخ ولكن هذا ليس من العناوين المحرّمة ، إلاّ على القول بعموم المنزلة ، ولا نقول به .
ومثل أُمّ الأخ أُمّ الأُخت ، فهي إمّا أن تكون أُمّاً لك أيضاً ـ كما إذا كانت الأُخت شقيقة لك ـ أو تكون أُمّها زوجة أبيك ، كما إذا لم تكن شقيقة . والأُولى تحرم عليك نسباً والثانية تحرم عليك مصاهرة .
وأمّا إذا أرضعت امرأة أجنبيّة أُختك فهي تكون أُمّاً رضاعية لأُختك ، ولكن لا تحرم عليك إلاّ بعموم المنزلة ، كما عرفت في أُمّ الأخ .
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّه إذا كانت أُمّ أخيك أو أُختك أُمّاً لك أيضاً فتحرم عليك نسباً ورضاعاً ، لأنّ أُمّ الأخ أو الأُخت حينئذ تكون أُمّك، وهي محرّمة عليك نسباً ورضاعاً .
وكذا أُمّ الأخ أو الأُخت بالمصاهرة ، فهي محرّمة أيضاً ، لأنّها زوجة أبيك .
وأمّا الأُمّ الرضاعية لأخيك أو أُختك من دون أن تكون زوجة لأبيك فلا تحرم عليك ، لا بالنسب ولا بالمصاهرة ، لعدم النسبة ولا المصاهرة ، ولا الرضاع المحرّم ، إلاّ ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 22 . (2) أي الأُمّ وزوجة الأب .
ــ[28]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن طريق عموم المنزلة ، ولا نقول به . وكذا الأُمّ النسبية لأخيك الرضاعي كما في مثال المتن .
المورد الثاني : أُمّ ولد الولد (أُمّ الحفيد أو الحفيدة) .
وهذا العنوان أيضاً لا يحرم ذاتاً ، نعم يتحقّق بالنسب والمصاهرة والرضاع ، وتحرم عليك المرأة في الأوّلين ، دون الثالث ، إلاّ عن طريق عموم المنزلة ، فيتحقّق في :
1 ـ بنتك :
فإنّه يصدق عليها أنّها أُمّ ولد ولدك ، إذا كان لها ولد من زوجها ، إذ هي ولدك ، فابنها يكون ولد ولدك ، وهي أُمّه ، لأنّها أُمّ حفيدك أو حفيدتك ، وهي محرّمة عليك ، لأنّها بنتك النسبيّة ، وهذا ظاهر .
2 ـ زوجة ابنك :
إذ يصدق عليها أنّها أُمّ ولد ولدك ، فيما إذا كان لها ولد من ابنك ـ زوجها ـ وهذه تحرم بالمصاهرة كما هو ظاهر ، فإنّها حليلة الابن المحرّمة بالنصّ القرآني(1)، لا بعنوان أُمّ الحفيد .
3 ـ الأُمّ الرضاعيّة للحفيد .
وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبيّة حفيدك أو حفيدتك ، فإنّها يصدق عليها عنوان أُمّ ولد الولد ، ولكن لا تحرم عليك ، لعدم النسبة ، ولا المصاهرة ، وليس هناك إلاّ الرضاع بعموم المنزلة ، لملازمة هذا العنوان (أُمّ ولد الولد) مع العنوان النسبي (البنت) .
ويتحقّق هذا العنوان عن طريق الرضاع غير المحرّم على الموارد التالية أيضاً وتكون من موارد عموم المنزلة تحت عنوان « أُمّ ولد الولد » كالمثال المتقدّم ، وهي :
أ ـ لو أرضعت زوجة ابنك ولداً أجنبياً ، وكان لذلك الولد أُمّ نسبيّة ، فإنّها تحلّ ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 23 .
ــ[29]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لك وإن صدق عليها عنوان « أُمّ ولد ولدك » .
ب ـ نفس الفرض وكان لذلك الولد أُمّ أُخرى رضاعيّة ، فإنّها تحلّ لك أيضاً ، وإن صدق عليها عنوان « أُمّ ولد الولد » .
والحاصل : أنّ التي تحرم مع صدق هذا العنوان عليها هي زوجة الابن عن طريق المصاهرة ، والبنت عن طريق النسب . وأمّا لو صدق هذا العنوان عن طريق الرضاع فقط دون المصاهرة والنسب ، فلا أثر له إلاّ بعموم المنزلة ، لعدم حرمة هذا العنوان بالنسب ذاتاً كي يحرم مثله بالرضاع ، نعم هو ملازم للمحرّم الذاتي .
وبالجملة : إنّ أُمّهات ولد الولد لا تحرمن ، إلاّ من كانت بنتك ، أو زوجة ابنك .
المورد الثالث : جدّة الولد
وهذا العنوان يتحقّق أيضاً بالنسب والمصاهرة والرضاع ، ويحرم في الأوّلين ، دون الأخير ، لتحقّقه في :
1 ـ أُمّك :
إذ هي جدّة ولدك ، فإنّه لو كان لك ولد فأُمّك جدّة ولدك ، وحرمة هذه ظاهرة .
2 ـ أُمّ الزوجة (جدّة الولد بالمصاهرة) :
فإنّه إذا كان لك ولد من زوجتك ، فأُمّها تكون جدّة ولدك ، وهذه تحرم بالمصاهرة بعنوان أُمّ الزوجة (أُمّهات النساء) دون عنوان جدّة الولد .
3 ـ أُمّ مرضعة ولدك (جدّته الرضاعية) :
كما إذا أرضعت أجنبية ولدك وكانت لتلك المرضعة أُمّ ، فهي لا تحرم عليك وإن صدق عليها (جدّة ولدك) لعدم حرمة هذا العنوان بما هو في النسب كي يحرم مثله بالرضاع إلاّ بعموم المنزلة ، لأنّها بمنزلة الأُمّ النسبيّة .
هذا كلّه فيما إذا كان ولدك نسبياً وكان له جدّة من الرضاع ، وأمّا إذا كان لك ولد
ــ[30]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رضاعي ، كما إذا أرضعت زوجتك طفلا أجنبياً ، وكان لذاك الطفل الرضيع جدّة من النسب ، أو من الرضاع ـ بأن رضع من ثدي امرأة أُخرى لها أُمّ ـ فجدّاته تحلّ لك ، لعدم النسب ، ولا المصاهرة ، إلاّ الرضاع غير المحرّم ، لكونها بمنزلة الأُمّ النسبيّة .
هذا كلّه في جدّة ولدك ، وأمّا أُمّ ولدك فهي حلال لك ، لأنّها إمّا زوجتك ، أو مرضعة ولدك ، ولا مانع من تزويجها إذا لم تكن مزوّجة . المورد الرابع : أُمّ العمّ أو العمّة .
فإنّها لا تحرم بهذا العنوان أيضاً ، إلاّ أن يقترن بعنوان محرّم ذاتي ، أو نقول بعموم المنزلة ، ولا نقول به ، فإنّ هذا العنوان يتحقّق أيضاً إمّا بالنسب، أو المصاهرة ، أو الرضاع ويحرم في الأوّلين دون الثالث ، لتحقّقه في :
1 ـ الجدّة للأب :
فإنّه يصدق عليها أنّها أُمّ عمّك أو عمّتك ، وهذه تحرم بالنسب كما هو ظاهر ، لأنّها أُمّك بالواسطة .
2 ـ زوجة الجدّ :
كما إذا لم يكن العمّ أو العمّة شقيقاً لأبيك ، وهذه تحرم بالمصاهرة لأنّها زوجة الجدّ .
3 ـ الأُمّ الرضاعيّة للعمّ أو العمّة :
وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبية عمّك أو عمّتك ، فإنّها تكون أُمّاً لهما . وهذه لا تحرم عليك ، لعدم النسب ولا المصاهرة بينك وبينها ، وليس هناك إلاّ الرضاع ، وهو لا يحرِّم في الفرض ، لعدم حرمة هذا العنوان (أُمّ العمّ أو العمّة) في النسب كي يحرم مثلها بالرضاع ، إلاّ عن طريق الملازمة بينه وبين الجدّة ، ولا نقول باستلزامها الحرمة إلاّ على القول بعموم المنزلة .
ــ[31]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المورد الخامس : أُمّ الخال أو الخالة .
وهذه أيضاً تتحقّق في ثلاثة موارد :
1 ـ الجدّة للأُمّ :
وهذه تحرم عليك بالنسب كما هو ظاهر .
2 ـ زوجة الجدّ للأُم :
وهذه تحرم عليك بالمصاهرة .
3 ـ الأُمّ الرضاعيّة لهما :
وهذه لا تحرم عليك ، لعدم النسب ولا المصاهرة ، فلا موجب لتحريمها إلاّ الرضاع بعموم المنزلة ، ولا نقول به كما في الموارد السابقة .
المورد السادس : أُخت الولد .
وهذا العنوان بنفسه ليس من العناوين المحرّمة بالذات أيضاً ، كالعناوين المتقدّمة ولكن قد يتّحد مع العنوان المحرّم بالنسب أو المصاهرة ، لتحقّقه في الموارد الثلاثة التالية أيضاً :
1 ـ بنتك :
فإنّه يصدق عليها أنّها أُخت ولدك إذا كان لك ولد آخر ، وهذه تحرم بالنسب ، لأنّها بنتك ، وهذا ظاهر .
2 ـ بنت امرأتك :
وهي الربيبة ، فإنّها تكون أُختاً لولدك من أُمّه ، وهذه تحرم عليك بالمصاهرة ، لأنّها ربيبتك .
3 ـ الأُخت الرضاعيّة لولدك :
وهذه كما إذا أرضعت امرأة أجنبيّة ولدك ، وكانت لها أو لزوجها بنت ، وكان
ــ[32]ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزوج هو الذي نشأ اللبن بسببه ـ المعبّر عنه في الاصطلاح الفقهي بالفحل أو صاحب اللبن ـ فإنّه يصدق على تلك البنت أنّها أُخت ولدك عن طريق الرضاع . وهذه لا تحرم عليك بهذا العنوان ، لأنّ المحرّم إنّما هو عنوان البنت ، لا أُخت الولد ، فإنّها لا تحرم عليك إلاّ أن تكون بنتك أو ربيبة لك ، أو نقول بعموم المنزلة في الرضاع ، هذا .
ولكن قد دلّت النصوص الخاصّة(1) على أنّه لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن(2) ولا في أولاد المرضعة(3) فلا يصحّ نكاحهنّ ابتداءً ولا استدامة . وعليه لو ارتضع ولدك من جدّته لأُمّه حرمت عليك زوجتك التي هي أُمّ ذاك الولد ، لأنّها صارت حينئذ من أولاد صاحب اللبن ، كما أنّها صارت من أولاد المرضعة ، ويحرم نكاحهنّ على أبي المرتضع والمفروض أنت أبو المرتضع ، وصارت زوجتك ـ التي هي أُمّ المرتضع ـ من أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة ، فيبطل نكاحها معك ، فإنّ أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة بمنزلة أولادك كما في النصوص المذكورة .
ومن هنا قال السيّد الأُستاذ (قدّس سرّه) في المنهاج 2 : 268 : ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 20 : 391 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح10 (صحيحة علي بن مهزيار) 404 / ب16 ح1 (صحيحة أيّوب بن نوح) . ويأتي ذكرهما في ص37 . ح2 في نفس الباب ويأتي الكلام في ذلك في ص56 في المسألة الثالثة ، وص59 في المسألة الرابعة . (2) ولادة ورضاعاً . (3) ولادة لا رضاعاً . كما صرّح بذلك السيّد الأُستاذ (قدّس سرّه) في المنهاج 2 : 268 كتاب النكاح أحكام الرضاع . والدليل على التفصيل بين أولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة بذلك هو ما يستفاد من نصوص الباب ، ولسنا بصدد التحقيق من هذه الناحية ، فراجع ص56 م3 وص59 م4 من هذا الكتاب .
ــ[33]ــ
وعن المحقّق الداماد(1) اختيار العموم ، وحكي ذلك عن الحلّي(2) في أُخت الابن وجدّته لأُمّه . وقبل الورود في البحث ينبغي التنبيه على أمرين :
|