أدلّة القول بعموم المنزلة
1 ـ إطلاق الحديث :
الأوّل : إطلاق قولهم (عليهم السلام) : « يحرم من الرضاع ما يحرم من ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 17 : 89 / أبواب ما يكتسب به ب4 ح4 . (2) راجع مصباح الاُصول 2 (موسوعة الإمام الخوئي 47) : 318 .
ــ[36]ــ
النسب »(1) حيث إنّ أُمّ الأُخت ، وأُخت الابن ، وجدّة الابن لأُمّه ، وغيرها من العناوين الملازمة محرّمة بالنسب ، فتحرم بالرضاع . فصلة الموصول باطلاقها تعمّ هذه العناوين ، فيعمّها الموصول ، فيشملها الحكم ، وهو التحريم بالرضاع ، هذا .
ولا يخفى أنّ توهّم الإطلاق من هذه الجهة في الجملة الشريفة(2) يبتني على كون (ما) الموصولة كناية عن الأشخاص كما عليه المشهور ، وحينئذ فلتوهّم أنّ شخص أُمّ الأخ ـ مثلا ـ محرّمة في النسب بأي عنوان كان من العناوين فتحرم بالرضاع مجال ، وأمّا على ما سلكناه ـ من كون الموصول كناية عن الفعل ـ فلا مجال للتوهّم المزبور أصلا ، إذ عليه يكون المعنى : يحرم بالرضاع الفعل الذي يحرم بالنسب . ومن الواضح أنّ مورد الحرمة في الأدلّة هي العناوين السبعة ، فليس الموصول على مسلكنا بمعنى الشخص ليتوجّه النظر إليه ، ويقطع النظر عن العنوان .
الجواب عن ذلك :
والجواب عن هذا الوجه على مسلك المشهور هو أنّ ظاهر الجملة الشريفة النظر إلى المحرّمات الثابت تحريمها في الشريعة المقدّسة بنحو القضايا الحقيقية ، ومن الواضح اختصاص ذلك بالعناوين المذكورة فيها ، إذ لم يرد في دليل من الأدلّة التحريم بعنوان من العناوين الملازمة . وعلى تقدير إجمال القاعدة من هذه الجهة فالمرجع عمومات الحلّ المتقدّمة(3) كما تقتضيه القاعدة في تردّد المخصّص المنفصل بين الأقلّ والأكثر .
2 ـ الروايات الخاصّة :
الوجه الثاني : الروايات الخاصّة الواردة في الباب ، وعمدتها روايتان : ــــــــــــــــــــــــــــ (1) ، (2) الوسائل 20 : 371 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 ح1 ، 3 ، 7 . (3) في ص34 .
ــ[37]ــ
الاُولى : صحيحة علي بن مهزيار ، قال : « سأل عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني (عليه السلام) إنّ امرأة أرضعت لي صبيّاً ، فهل يحلّ لي أن أتزوّج ابنة زوجها ؟ فقال : ما أجود ما سألت ، من هاهنا يؤتى أن يقول الناس : حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل ، هذا هو لبن الفحل لا غيره . فقلت له : الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي ، هي ابنة غيرها ، فقال : لو كنّ عشراً متفرّقات ما حلّ لك شيء منهنّ ، وكنّ في موضع بناتك »(1).
الثانية : صحيحة أيّوب بن نوح ، قال : « كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن (عليه السلام) : امرأة أرضعت بعض ولدي ، هل يجوز لي أن أتزوّج بعض ولدها ؟ فكتب (عليه السلام) : لا يجوز ذلك لك ، لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك »(2).
وتقريب الاستدلال بهاتين الصحيحتين هو أنّ مقتضى إطلاق تنزيل بنات الفحل في الصحيحة الاُولى منزلة بنات أبي المرتضع بقوله (عليه السلام) : « وكنّ في موضع بناتك » ، وتنزيل أولاد المرضعة في الصحيحة الثانية منزلة أولاد أبي المرتضع بقوله (عليه السلام) : « لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك » هو التنزيل بلحاظ جميع الآثار ، فيصير أخو أبي المرتضع بمنزلة العمّ ، وأبو أبي المرتضع بمنزلة الجدّ ، واُمّ المرتضع بمنزلة حليلة الأب ، فإذا كان أولاد الفحل ذكوراً حرم عليهم التزويج بها وكذا مقتضاه صيرورة أولاد أبي المرتضع إخوة لأولاد الفحل ، وهكذا .
|