هل المعادن من الأنفال ؟ - جواز استئجار الغير لإخراج المعدن 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4532


   لكن ما ذكرناه كلّه لحدّ الآن مبني على ما هو المشهور من كون المعادن باقية على ما هي عليه من الإباحة الأصليّة وعدم كونها من الأنفال التي هي ملك للإمام (عليه السلام) ، بل هي لواجدها والناس فيها شرع سواء .

   إلاّ أنّ المحكي عن الكليني والمفيد والشيخ والديلمي والقاضي والقمّي في تفسيره وبعض متأخّري المتأخّرين أ نّها من الأنفال مطلقاً من غير فرق بين ما كان منها في أرضه أو غيرها ، وبين الظاهرة والباطنة (1) .

   استناداً إلى جملة من الأخبار ، التي منها :

   ما رواه العيّاشي في تفسيره عن أبي بصير : قلت : وما الأنفال ؟ «قال : منها المعادن والآجام» إلخ (2) .

   وعن داود بن فرقد : قلت : وما الأنفال ؟ «قال : بطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام والمعادن» إلخ (3) .

   ولكن هذا التفسير لأجل ضعف سنده غير قابل للتعويل ، وكأنّ المستنسخ (سامحه الله) روماً للاختصار حذف الإسناد فكساها ثوب الإرسال وأسقطها بذلك عن درجة الاعتبار ، وليته لم يستنسخ .

   وكيفما كان ، فروايات هذ التفسير بالإضافة إلينا في حكم المرسل فلا يعتمد عليها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حكاه في الجواهر 16 : 129 ، الحدائق 12 : 479 ، مصباح الفقيه 14 : 255 .

(2) الوسائل 9 : 533 /  أبواب الأنفال ب 1 ح 28 .

(3) الوسائل 9 : 534 /  أبواب الأنفال ب 1 ح 32 .

ــ[64]ــ

   والعمدة موثّقة إسحاق بن عمّار المرويّة عن تفسير علي بن إبراهيم ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الأنفال «فقال : هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول ، وما كان للملوك فهو للإمام ، وما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، وكلّ أرض لا ربّ لها ، والمعادن منها ، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال» (1) .

   فلو تمّت دلالة هذه الموثّقة وثبت أنّ المعادن من الأنفال التي هي ملك للإمام (عليه السلام) لم يصحّ تملّكها من الكافر، بل ولا من المسلم المخالف ، لاختصاص الترخيص في التصرّف والاستملاك بالشيعة ومن هو من أهل الولاية ، قال (عليه السلام) : «الناس كلّهم يعيشون في فضل مظلمتنا ، إلاّ أ نّا أحللنا شيعتنا من ذلك» (2) ، ونحوها غيرها .

   نعم، ادّعى المحقّق الهمداني قيام السيرة القطعيّة على ذلك بالإضافة إلى المخالف ، فإن تمّ ـ وعهدته عليه ـ وإلاّ فهو ملحق بالكافر في عدم الإذن ، والإشكال يعمّهما (3) .

   ولكن الظاهر أنّ الموثّقة قاصرة الدلالة ، لابتنائها على عود الضمير في قوله : «والمعادن منها» إلى الأنفال ، وهو غير ظاهر ، ولعلّ الأقرب عوده إلى الأرض التي هي الأقرب ، بل يقوى هذا الاحتمال بناءً على أن تكون النسخة : «فيها» بدل: «منها» كما ذكره الهمداني (قدس سره)(4).

   بل قد يتعيّن ذلك على كلتا النسختين ، نظراً إلى ذكر الأنفال في آخر الخبر ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 531 /  أبواب الأنفال ب 1 ح 20 ، تفسير القمّي 1 : 254 بتفاوت .

(2) الوسائل 9 : 546 /  أبواب الأنفال ب 4 ح 7 .

(3) مصباح الفقيه 14 : 257 ـ 258 .

(4) مصباح الفقيه 14 : 257 .

ــ[65]ــ

   [ 2886 ] مسألة 10 : يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر (1) ، وإن قصد الأجير تملّكه لم يملكه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلو كان المراد من مرجع الضمير هو الأنفال لكان الأحرى ذكره صريحاً هنا والإتيان بالضمير في آخر الخبر عكس ما هو الموجود فيها ، بأن يقول هكذا : والمعادن من الأنفال ومن مات وليس له مولى فما له منها .

   وعليه ، فتدلّ الموثّقة على أنّ صنفاً خاصّاً من المعادن يكون من الأنفال وهي التي تكون من الأرض أو في أرض لا ربّ لها .

   والمراد من الربّ هو المربّي والمحيي ومن يقوم بشؤون الأرض وصلاحها ، ومنه الربيب الذي يقوم زوج اُمّه بتربيته وتكفّل شؤونه ، وبقرينة المقابلة مع الأرض الخربة التي لها مالك ـ وهو الإمام (عليه السلام) ـ يراد من الأرض التي لا ربّ لها : الأرض التي ليس لها من يصلحها ويحييها وإن كان لها مالك قد أعرض أو أهمل ، فكأنّ الشارع لم يرض بمجرّد تملّك الأرض وحيازتها بل يحث على إعمارها وإحيائها ، بل في بعض النصوص أ نّها وقف لمن يحييها ، وإن كانت ضعيفة السند .

   والمتحصّل ممّا ذكرناه : أنّ غاية ما تدلّ عليه الموثّقة أنّ قسماً خاصّاً من المعادن ـ وهي التي تكون في أرض لم يقم شخص بتربيتها وإصلاحها ، كان لها مالك أم لا ـ تعد من الأنفال ، فلا تتمّ مقالة الكليني ومن تبعه من أنّ المعادن بأجمعها من الأنفال ، كما لم تتمّ مقالة المشهور أيضاً من النفي المطلق ، بل الأقرب اختيار الوسط بين الأمرين حسبما عرفت .

   (1) إذ هو نتيجة العمل الذي هو ملك له بعقد الإيجار ، فكأ نّه هو المتصدِّي للاستخراج والأجير بمثابة الآلة له ، وذا صحّ إسناد الإخراج إليه حقيقةً ، فهو




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net