ــ[55]ــ
الفصل الرابع
في حكم أبي المرتضع
ويتم في ضمن مسائل :
1 ـ عدم حرمة المرضعة على أبي المرتضع
المسألة الاُولى : لا تحرم المرضعة على أبي المرتضع ، لأنّها إنّما تصير بالرضاع اُمّاً لولده ، وهو من العناوين المحلّلة كما تقدّم(1).
وكذا اُختها ، لأنّ اُخت اُمّ الولد إنّما تحرم لكونها اُخت الزوجة ، والرضاع لا يحدث الزوجية ، فهي لا تحرم على أبي المرتضع حتّى على القول بعموم المنزلة .
وكذا اُمّها فصاعداً ، لأنّ اُمّ اُمّ الولد إنّما تحرم لكونها اُمّ الزوجة ، والرضاع لا يحدث الزوجية كما تقدّم(2). ومن ذلك يظهر حكم خالة المرضعة وعمّتها .
2 ـ عدم حرمة اُمّ الفحل على أبي المرتضع«1»
المسألة الثانية : لا تحرم على أبي المرتضع اُمّ الفحل فصاعداً ، لأنّها إنّما تصير بالرضاع اُمّاً لأبي ولده ، واُمّ أبي الولد إنّما تحرم لكونها اُمّاً ، فيبتني تحريمها على القول بعموم المنزلة . وكذا اُخته وعمّته وخالته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«1» راجع الملحق رقم (3) في ص178 [فلاحظ !] . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص53 / المسألة الاُولى . (2) في ص25 .
ــ[56]ــ
3 ـ حكم فروع المرضعة على أبي المرتضع«1»
المسألة الثالثة : تحرم على أبي المرتضع فروع المرضعة نسباً وإن كانت القاعدة لا تقتضي ذلك ، لأنّهم لا يصيرون بالإضافة إليه إلاّ إخوة لولده ، واُخت الولد ـ كما تقدّم(1) ـ لا تحرم إلاّ لكونها بنتاً أو ربيبة ، ولذا حكي عن جماعة ـ منهم الشيخ (قدّس سرّه) في المبسوط(2) ـ عدم التحريم .
إلاّ أنّه قد دلّت على الحرمة صحيحة أيّوب بن نوح المتقدّمة(3) وفيها : التعليل للحكم بقوله (عليه السلام) : «لأنّ ولدها صارت بمنزلة ولدك» .
وما رواه الكليني عن محمّد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر ، قال : « كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) : امرأة أرضعت ولد الرجل ، هل يحلّ لذلك الرجل أن يتزوّج ابنة هذه المرضعة أو لا ؟ فوقّع (عليه السلام) : لا تحلّ له »(4).
وأمّا فروعها رضاعاً فلا دليل على تحريمهم عليه ، لظهور الولد في الرواية الاُولى ، والابنة في الثانية في النسبيين ، فيتمسّك لحلّيتها بالإضافة إليه بعمومات الحلّ المتقدّمة(5).
ولكن يمكن أن يقال : إنّ ما دلّ على تنزيل الرضاع منزلة النسب(6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«1» راجع الملحق رقم (3) في ص178 . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص53 ـ 54 . (2) المبسوط 5 : 292 . (3) الوسائل 20 : 404 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب16 ح1 ، وقد تقدّمت ص37 . (4) الوسائل 20 : 404 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب16 ح2 . (5) في ص34 . (6) الوسائل 20 : 371 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 ح1 وغيره .
ــ[57]ــ
يقتضي تنزيل فروع المرضعة رضاعاً منزلة فروعها نسباً ، فيحرمن على أبي المرتضع .
ما أفاده المحقّق الخراساني والإيراد عليه وقد أجاب المحقّق الخراساني (قدّس سرّه) عن ذلك بما ملخّصه : أنّ مقابلة النسب بالرضاع في دليل التنزيل ظاهرة في أنّ المراد بما يحرم من النسب غير من كانت حرمته بسبب الرضاع من ذوي النسب ، فيكون دليل التنزيل قاصراً عن شمول المورد ، لأنّ فروع المرضعة نسباً إنّما حرمت على أبي المرتضع بسبب الرضاع ولولا الرضاع لما حرمت عليه(1).
ويرد عليه : أنّ القضية المتضمّنة للتنزيل المزبور ـ أعني قولهم (عليهم السلام) : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب »(2) ـ حيث إنّها قضية حقيقيّة تتضمّن الحكم على الأفراد المفروضة الوجود ، فتكون متضمّنة لأحكام بعدد ما يفرض لها من الموضوعات ، لا مانع من شمولها للموضوع الذي تكون فعليّته بشمولها لمورد آخر ، بأن تكون القضية محقّقة لموضوع نفسه ، كما في أدلّة حجّية الخبر الواحد بالإضافة إلى الإخبار مع الواسطة ، فتكون القضية المزبورة مقتضية لتنزيل الفروع النسبية للمرضعة منزلة الأولاد بالإضافة إلى أبي المرتضع ، بسبب العلقة الرضاعيّة المتحقّقة بين المرتضع وأولاد المرضعة وتنزيلها منزلة العلقة النسبية ، فتحرم الفروع النسبية للمرضعة على أبي المرتضع بمقتضى التنزيل المزبور ، وبذلك يتحقّق موضوع جديد للقضية المتضمّنة له بمقتضى إطلاقها ، حيث تقدّم أنّ النسب المأخوذ في ــــــــــــــــــــــــــــ (1) كتاب الرضاع (ضمن مجموعة من كتب الآخوند (قدّس سرّه)) : 19 [لاحظ ما ذكرناه في صفحة 38] . (2) الوسائل 20 : 371 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب1 ح1 ، 3 ، 7 .
ــ[58]ــ
موضوعها يعمّ النسب الذي لا يكون سبباً للحرمة بالاستقلال ، فإذا تحقّقت العلقة الرضاعية بين المرضعة ورضيع آخر فالقضية المزبورة تقتضي تنزيلها منزلة العلقة النسبيّة .
وبالجملة : القاعدة المزبورة باطلاقها تقتضي حرمة فروع المرضعة رضاعاً على أبي المرتضع ، ولعلّه أشار بقوله (قدّس سرّه) : فتأمّل . في آخر كلامه إلى ما تقدّم .
ويشهد لما ذكرناه صحيحة الحلبي المتقدّمة(1) المتضمّنة حرمة الاُخت الرضاعية للمرضعة على المرتضع ، فإنّها نزّلت الرضاع المتحقّق بين المرضعة واُختها الرضاعية منزلة النسب بالإضافة إلى المرتضع ، مع أنّ تحريم هذا النسب إنّما جاء من ناحية الرضاع المتحقّق بين المرضعة والمرتضع .
ويرد عليه أيضاً النقض بموارد عديدة ، منها : الفروع الرضاعية للمرتضع بالإضافة إلى الفحل والمرضعة ، فإنّ الحرمة في الفروع النسبيّة له بالإضافة إليهما لم تأت إلاّ من ناحية الرضاع ، وهو (قدّس سرّه) بالطبع يلتزم بحرمتها عليهما ، هذا .
ولكن الذي يوجب خروجها عن القاعدة المزبورة هو ما ذكره الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(2) في المقام ، وهو أنّ مورد الكلام هي الفروع الرضاعية المرتضعة من هذه المرضعة بلبن فحل آخر غير الذي ارتضع هذا الرضيع من لبنه ، إذ لو كانت مرتضعة منها بلبن هذا الفحل كانت فروعاً رضاعيّة للفحل .
فتدخل في موضوع المسألة الآتية ، وهي حرمة أولاد الفحل نسباً ورضاعاً على أبي المرتضع ، وإذا كان مورد الكلام ذلك فالاُخوّة الرضاعية غير متحقّقة بين المرتضع وهذه الفروع ، لعدم اتّحاد الفحل الذي هو شرط في تحقّق الاُخوّة الرضاعية ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص47 ، راجع الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح3 . (2) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 341 / المسألة العاشرة .
ــ[59]ــ
بين المرتضعين ، فهي لا تحرم على المرتضع .
ومن الواضح أنّ السائل إنّما يسأل عن حكم الرضاع الذي يكون ناشراً للحرمة بين المرتضع وأولاد المرضعة ، لا عن مطلق الرضاع ، فتكون الروايتان(1) سؤالا وجواباً ناظرتين إلى أولاد المرضعة الذين يحرمون على المرتضع ، وأنّ مثل هؤلاء الأولاد هل يحرمون على أبي المرتضع بعدما حرموا على ابنه ، وأمّا أولادها الذين لا يحرمون على المرتضع فعدم حرمتهم على أبي المرتضع مفروغ منه ، ولا يخطر ببال السائل السؤال عن حكمهم بالإضافة إليه ، فهم خارجون عن مفروض الرواية وداخلون في عمومات الحل(2) قطعاً .
نعم المحكي عن الشيخ الطبرسي (قدّس سرّه)(3) إلحاق فروع المرضعة الرضاعية بفروعها النسبيّة ، حيث لم يشترط اتّحاد الفحل في تحقّق الاُخوّة الرضاعية ، كما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى(4).
4 ـ حرمة فروع الفحل على أبي المرتضع
المسألة الرابعة : تحرم فروع الفحل على أبي المرتضع ، على خلاف القاعدة كما تقدّم في المسألة الثالثة ، وذلك بمقتضى الدليل الخاص ، وهي صحيحة علي بن مهزيار ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 20 : 404 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب16 ح1 ، 2 ، وقد تقدّمتا في ص56 . (2) الآية 24 من سورة النساء الدالّة على حلّ ما وراء العناوين المحرّمة . والآية 3 من السورة الدالّة على حلّ نكاح ما طاب من النساء . (3) [حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 341 ، ولكنّه لم يصرّح به في مجمع البيان 3 : 28 ـ 29 ، والمؤتلف من المختلف 2 : 281 فلاحظ] . (4) في ص86 .
ــ[60]ــ
المتقدّمة(1) ولا فرق بين النسبيين والرضاعيين ، لتحقّق الشرط هنا ، وهو اتّحاد الفحل ، فيقوم الرضاع مقام النسب .
وخالف المحقّق الخراساني (قدّس سرّه) في ذلك ، ففصّل بين النسبيين والرضاعيين ، استناداً إلى ما حكيناه عنه في المسألة المتقدّمة ، وقد ظهر ضعفه بما تقدّم في تلك المسألة ، هذا .
ويحكى الخلاف هنا في أصل المسألة كالمسألة السابقة ، ولكنّه ضعيف بعد ورود الدليل الخاص .
هذا تمام الفصل الرابع . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص37 .
|