القسم الثاني : ما يعتبر في اللبن / الشرط الأوّل : دَرّ اللبن عن وطء صحيح 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الرضاع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 8085


شروط اللبن

القسم الثاني : وهو ما يعتبر في اللبن فاُمور :

الشرط الأوّل : دَرّ اللبن عن وطء صحيح

منها : أن يكون اللبن عن علوق وحمل ناشئ عن وطء صحيح ، فلو درّ اللبن بنفسه من دون وطء ، أو كان مسبوقاً بالوطء ولم يكن علوق وحمل ، أو كان الحمل مستنداً إلى وطء غير مشروع ، فلا نشر للحرمة ، كما هو المعروف بين الأصحاب
بل عن جماعة دعوى الإجماع عليه«1».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

«1» وأمّا سائر المذاهب فقال الشيخ (قدّس سرّه) في الخلاف 5 : 108 مسألة 22 : إذا درّ لبن امرأة من غير ولادة فأرضعت صبيّاً صغيراً لم ينشر الحرمة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك .

وجاء في كتاب فقه السنّة 2 : 398 : والمرضعة التي يثبت بلبنها التحريم هي كلّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النساء 4 : 3 ، 24 .

ــ[71]ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

امرأة درّ اللبن من ثدييها ، سواء أكانت بالغة أم غير بالغة ، وسواء أكانت يائسة من الحيض أم غير يائسة ، وسواء أكان لها زوج أم لم يكن ، وسواء أكانت حاملا أم غير حامل .

ولكن في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 4 : 243 ما يدلّ على اختلافهم في اعتبار الحمل ، فإنّه يظهر منه أنّ الحنابلة والشافعية يعتبرون في الرضاع المحرّم أن يكون اللبن عن حمل ، بخلاف الحنفية والمالكية ، حيث يقول نقلا عن الحنابلة : ولا فرق في التحريم بين أن تكون المرضعة على قيد الحياة ، أو رضع منها وهي ميتة ما دام اللبن ناشئاً عن الحمل بالفعل ، فإذا كانت عجوزاً أو يائسة من الحيض والحبل ، ولم يكن لبنها ناشئاً من حمل سابق ، فإنّ الرضاع منها لا يحرم ، خلافاً للحنفية والمالكية . أمّا الشافعية فإنّهم وإن قالوا : إنّ المعتبر هو اللبن الناشئ من الحمل ، إلاّ أنّهم اكتفوا في ذلك باحتمال الحمل ، ومتى بلغت سنّ تسع سنين ـ وهو سنّ الحيض عندهم ـ كان حملها وولادتها محتملين ولو لم تحض بالفعل ، لأنّ حيضها محتمل أيضاً ، فالاحتمال عندهم كاف . أمّا الحنابلة فإنّهم يشترطون أن يكون اللبن ناشئاً من الحمل ، ولذا قالوا في تعريف الرضاع : إنّه مصّ أو شرب لبن ثاب من حمل . وثاب بمعنى اجتمع ، أي اجتمع في ثدي المرأة ، أو بمعنى رجع إلى ثدي المرأة بسبب الحمل .

نعم لم يظهر منهم اعتبار انفصال الولد ، فيكفي عند القائل مجرد تكوّن اللبن من الحمل في مقابل تكوّنه بنفسه .
قال الشافعي في كتاب الاُمّ 5 : 30 : فإن ولدت امرأة حملت من الزنا ـ اعترف الذي زنا بها أو لم يعترف ـ فأرضعت مولوداً فهو ابنها ، ولا يكون ابن الذي زنى بها ... .

وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 4 : 239 : إذا زنى بامرأة وجاءت بولد من هذا الزنا ونزل لها لبن بسبب هذه الولادة ، فأرضعت منه طفلة أجنبيّة ، أصبحت هذه الطفلة بنتاً للزانية بلا كلام ، كما أنّ ولد الزنا ابنها بلا خلاف ، فتحرم الرضيعة على

ــ[72]ــ

والدليل على ذلك صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : « سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن لبن الفحل ، فقال : هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك ولد امرأة اُخرى فهو حرام »(1).

وحسنته أيضاً ـ بإبراهيم بن هاشم ـ عن أبي عبدالله (عليه السلام) : « هو ما أرضعت امرأتك من لبن ولدك ولد امرأة اُخرى »(2).

ووجه دلالتهما على اعتبار نشوء اللبن عن الحمل هو أنّ عنوان اللبن في الصحيحة قد اُسند إلى الفحل وإلى ولده ، وفي الحسنة إلى الولد ، ولا يكون اللبن كذلك إلاّ بالوطء والحمل ، وحيث إنّهما في مقام بيان اللبن المحرّم وشرحه بقيوده ـ كما هو مقتضى السؤال فيهما ـ فظاهرهما دخل كلّ ما يذكر فيهما من القيود في ذلك ولذا يعتبر أن يكون اللبن من الامرأة ، حيث عبّر فيها بهذا اللفظ . فاللبن من الرجل لا ينشر الحرمة ، وكذا من الخنثى وإن لم تكن مشكلا ، بناءً على كونها طبيعة ثالثة لعدم إحراز كونها امرأة . فالأصل عدم النشر .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 اُصولها وفروعها وحواشيها . وإن كان الرضيع ذكراً حرمت عليه المرضعة واُصولها وفروعها وحواشيها ، كما يحرمون على ولد الزنا نفسه . أمّا الزاني فإنّ هذه الطفلة تحرم عليه وعلى اُصوله وفروعه فقط ، فلا تحرم على إخوته وأعمامه وأخواله ، كما تحرم بنت الزنا نفسها ، وذلك لأنّ المولودة من الزنا لم يثبت نسبها منه ، فلم تنشر الحرمة إلى حواشي الرجل ، وإنّما حرمت عليه اُصوله وفروعه لكونها جزءاً منه متولّدة من منيّه ، كما تتولّد بنت النسب ، وقد رضعت من لبنه القائم مقام المني في تحقّق هذه الجزئية .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح4 .
(2) الوافي 21 : 243 / ب37 (صفة لبن الفحل) ح2 ، المصدر المتقدّم من الوسائل [وذيل الحسنة : « فهو حرام »] .

ــ[73]ــ

وأمّا اعتبار نشوء الحمل عن وطء صحيح فقيل إنّ وجه دلالتهما عليه هو إسناد الولد إلى الفحل في كليهما ، الظاهر في اعتبار كونه ولداً شرعياً ، حيث إنّ الولد من الزنا ليس بولد .

ويرد عليه : أنّ الولد لغة من يتكوّن من ماء الشخص ، وليس له حقيقة شرعيّة ، والشارع لم ينف النسب في باب الزنا ، ولم يرد منه أنّ ولد الزنا ليس بولد وإنّما نفى الإرث عنه فقط ، فأحكام النسب تترتّب في باب الزنا ما عدا الإرث ، فهو ولد لغة وشرعاً ، ولذا لا يجوز أن يتزوّج الزاني ببنته من الزنا ، ولا ابن الزانية باُمّه .

وأمّا ما ورد من أنّ « الولد للفراش وللعاهر الحجر »(1) فهو حكم ظاهري في مقام تردّد الولد بين كونه ولداً لمن يجوز له نكاح الامرأة وكونه ولداً للزاني وليس في مقام بيان حكم واقعي .

فالاستدلال بالروايتين المتقدّمتين على اعتبار هذا الأمر من هذا الطريق لا يتمّ .

والصحيح هو الاستدلال باضافة الامرأة إلى الفحل في كلتا الروايتين حيث قال (عليه السلام) : « هو ما أرضعت امرأتك » فإنّ هذه الإضافة ظاهرة في اعتبار كون الامرأة منسوبة إلى الشخص وذات اختصاص به بنحو من الأنحاء والمزني بها ليست بامرأة الزاني ، بل هي إمّا امرأة لشخص آخر ، أو ليست بامرأة لشخص أصلا .

لا فرق بين النكاح الدائم والمنقطع

ثمّ إنّه لا خلاف ظاهراً في عدم الفرق بين النكاح الدائم والمنقطع ، لتحقّق الزوجيّة في المنقطع ، المصحِّحة لإضافة الامرأة إلى الشخص ، فيصدق عليها أنّها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 26 : 274 / أبواب ميراث ولد الملاعنة ب1 ح1 .

ــ[74]ــ

امرأته ، كما في الدائم .

كما لا خلاف ظاهراً في عدم اختصاص الحكم بالزوجة ، وشموله للمملوكة والمحلّلة ، والوجه فيه هو صدق لفظ « امرأتك » عليها كما يصدق على الزوجة من دون فرق أصلا ، فإنّ الامرأة واحدة النساء ، وإضافتها إلى الرجل ليست بعلاقة الزوجية كي يكون معنى «امرأتك» زوجتك ، بل هي بنحو من أنحاء الاختصاص فتعمّ الزوجيّة والملك والتحليل ، كسائر موارد الإضافة ، فإنّ ملاك الإضافة هو مطلق الاختصاص الجامع بين أنحائه ، والشاهد على ذلك ما ورد في آية المباهلة(1)من إضافة النساء إلى ضمير التكلّم والخطاب ، فإنّه ليس بمعنى زوجاتنا وزوجاتكم وكما ورد في الآية المتضمّنة جواز إبداء النساء زينتهنّ إلى نسائهنّ(2)، فقوله (عليه السلام) في الروايتين(3): «امرأتك» يصدق على المملوكة والمحلّلة بنحو الحقيقة ، كما يصدق على الزوجة بقسميها .

ثمّ إنّ هذا الكلام بعينه يجري في اُمّهات النساء الوارد في آية التحريم(4) فإنّها لا تختصّ باُمّهات الزوجات ، بمقتضى البيان المتقدّم .

وبذلك يتّضح أنّ إشكال المحقّق الخراساني (قدّس سرّه)(5)ـ في المملوكة والمحلّلة لعدم صدق عنوان « امرأتك » ـ ليس كما ينبغي ، هذا .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آل عمران 3 : 61 .
(2) النور 24 : 31 .
(3) الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح4 ، وتقدّمتا في ص72 .
(4) النساء 4 : 23 .
(5) كتاب الرضاع (ضمن مجموعة من كتب الآخوند (قدّس سرّه)) : 15 [لاحظ ما ذكرناه في صفحة 38] .

ــ[75]ــ

مضافاً إلى صحيحة الحلبي وعبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) : « في رجل تزوّج جارية صغيرة فأرضعتها امرأته أو اُمّ ولده، قال : تحرم عليه »(1)وعطف اُمّ الولد على الامرأة بـ « أو » كما في الوافي(2) هو المتعيّن ، لا كما في الوسائل ورسالة الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(3) وهو العطف بالواو .

وصحيحة اُخرى للحلبي أيضاً تدلّ على المقصود ، وهي : قال « قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : اُمّ ولد رجل أرضعت صبيّاً وله ابنة من غيرها ، أتحلّ لذلك الصبي هذه الابنة ؟ قال : ما اُحبّ أن يتزوّج(4) ابنة رجل قد رضعت من لبن ولده »(5).

ورواية محمّد بن عبيدة الهمداني ، قال « قال الرضا (عليه السلام) : ما يقول أصحابك في الرضاع ؟ قال قلت : كانوا يقولون : اللبن للفحل ، حتّى جاءتهم الرواية عنك : أنّك تحرّم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فرجعوا إلى قولك . قال فقال : وذاك أنّ أمير المؤمنين سألني عنها البارحة فقال لي : اشرح لي (اللبن للفحل) وأنا أكره الكلام ، فقال لي : كما أنت حتّى أسألك عنها ، ما قلت في رجل كانت له اُمّهات أولاد شتّى فأرضعت واحدة منهنّ بلبنها غلاماً غريباً ، أليس كلّ شيء من ولد ذلك الرجل من اُمّهات الأولاد الشتّى محرّماً على ذلك الغلام ؟ قال قلت : بلى ، قال فقال
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 399 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب10 ح2 .
(2) الوافي 21 : 221 / ب35 (من يحرم بالرضاع) ح12 .
(3) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 318 .
(4) [هكذا في نسخة التهذيب 7 : 319 / 1319 ، وفي الوسائل والاستبصار 3 : 199 / 722 «أتزوّج» ، وفي الكافي 5 : 441 / 6 «تتزوّج»].
(5) الوسائل 20 : 390 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح8 .

ــ[76]ــ

أبو الحسن (عليه السلام) : فما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا يحرم من قبل الاُمّهات ، وإنّما الرضاع من قبل الاُمّهات ، وإن كان لبن الفحل أيضاً يحرم »(1).

وكذا رواية صالح بن عبدالله الخثعمي(2)، ورواية السكوني ، ورواية إسحاق ابن عمّار(3) فإنّ هذه الروايات كلّها تدلّ على تحقّق الحرمة برضاع المملوكة .

ويشهد لذلك قوله (عليه السلام) في صحيحة بريد العجلي : « كلّ امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة اُخرى من جارية أو غلام فذلك الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) »(4) فإنّ لفظ الفحل الوارد في هذه الصحيحة وغيرها يصدق على المالك والمحلّل له ، ولا يختصّ بالزوج .

حكم وطء الشبهة

وأمّا الوطء بالشبهة ، فعن المشهور إلحاقه في النشر بالنكاح وأخويه ، وعن المحقّق في الشرائع التردّد فيه(5)، وعن الحلّي الجزم بعدم النشر أوّلا ، ثمّ بالنشر ثانياً ثمّ النظر والتردّد ثالثاً(6)، هذا .

والصحيح عدم النشر فيه ، لعدم صدق عنوان « امرأتك » الواردة في صحيحة عبدالله بن سنان وحسنته المتقدّمتين(7) على الموطوءة بالشبهة ، وعدم صدق
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 391 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح9 .
(2) الوسائل 20 : 401 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب12 ح2 ، 4 .
(3) الوسائل 20 : 407 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب19 ح1 ، 2 .
(4) الوسائل 20 : 388 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح1 .
(5) لفظ الشرائع ] 4 : 330 [ في السبب الثاني من أسباب التحريم هكذا : وفي نكاح الشبهة تردّد ، أشبهه تنزيله على النكاح الصحيح .
(6) السرائر 2 : 552 .
(7) في ص72 .

ــ[77]ــ

« فحلها » الوارد في صحيحة بريد المتقدّمة على الواطئ ، فإنّ صحّة الإضافة تتوقّف على نحو اختصاص وملابسة ، وليس في الوطء بالشبهة ذلك ، وعليه يلزم تقييد الأخبار المطلقة من هذه الجهة بهذه الروايات الثلاث .

كلام مع الشيخ الأنصاري

وقد قوّى الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) القول بالنشر ، استناداً إلى أنّ دلالة المطلقات على الإطلاق أقوى من دلالة المقيّد على الاختصاص، فحمل لفظ « امرأتك » أو « فحلها » على الورود مورد الغالب(1).

ويرد عليه : أنّه كيف تكون دلالة المطلقات أقوى مع أنّ الإطلاق يتوقّف على عدم ورود البيان ، والمقيّد بيان .

هذا مضافاً إلى استلزام ذلك انسداد باب الاستدلال على اعتبار كثير من الشروط ، فإنّ طريق إثباتها إنّما هو هذه الأخبار المقيّدة .

مناقشة مع صاحب البلغة

وقد اختار صاحب البلغة (قدّس سرّه) القول بالنشر أيضاً ، استناداً إلى أنّ ولد الشبهة ولد شرعي ، وأنّه يساوي الولد الصحيح في أغلب الأحكام ، وأنّ اللبن يتبع النسب(2).

ويرد عليه : أنّه لا دليل على الملازمة بين هذه الأحكام ونشر اللبن الحرمةَ .

حكم الشبهة من طرف واحد

ثمّ إنّه على تقدير التنزّل والقول بنشر الحرمة في وطء الشبهة ، فهل يختصّ النشر بما إذا كانت الشبهة من الطرفين ، أو يعمّ ما إذا كانت من طرف واحد ؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 293 .
(2) بلغة الفقيه 3 : 143 .

ــ[78]ــ

ذهب صاحب البلغة (قدّس سرّه) إلى ثبوت النشر في خصوص طرف الشبهة لثبوت النسب بالنسبة إليه ، دون الطرف الآخر ، وأنّ اللبن يتبع النسب .

ولكن مقتضى ما سلكناه عدم النشر في هذه الصورة أصلا ، إذ لو سلّمنا صدق عنوان « امرأتك » و « فحلها » في وطء الشبهة ـ كما في مفروض المسألة ـ فإنّما هو فيما إذا كانت الشبهة من الطرفين ، ولو كانت من طرف واحد لصدق أحد العنوانين دون الآخر ، على الاختلاف بين ما إذا كانت الشبهة من طرف الواطئ وما إذا كانت من طرف الموطوءة ، والمفروض ثبوت اعتبار صدق كليهما من الأدلّة ، فإذا كانت الشبهة من طرف الرجل صدق على الامرأة أنّها امرأته على الفرض ، ولا يصدق عليه أنّه فحلها ، وإذا كانت من طرف الامرأة ينعكس الأمر .

لا يعتبر في نشر الحرمة :

أ ـ وجود الفحل .

ب ـ كون المرأة في نكاحه .

ج ـ وجود الولد .

ثمّ إنّه لا يعتبر في النشر وجود الفحل ، ولا كون الامرأة في حبالته ، ولا وجود الولد . فلو مات الفحل ، أو طلّق امرأته ، أو مات الولد ، تحقّق النشر بارضاع الامرأة ، كلّ ذلك للفهم العرفي من الأدلّة ولو بمناسبة الحكم والموضوع ، فإنّ العرف لا يفهم من الأخبار المتقدّمة سوى اعتبار انتساب اللبن إلى الفحل والولد ، بحيث يكون ناشئاً من العلوق والحمل الذي تحقّق منه حين كون الامرأة امرأته .

هل يعتبر انفصال الولد ؟

وهل يعتبر في النشر انفصال الولد ، أو يكفي الحمل ؟ وجهان : بل قولان أشهرهما ـ كما قيل ـ هو الأوّل ، وهو الذي يقوى في النظر ، وذلك لإضافة

ــ[79]ــ

اللبن إلى الولد في صحيحة عبدالله بن سنان وحسنته(1) وهو غير صادق على الحمل لانّه مأخوذ من الولادة ، والانفصال مأخوذ في مفهومه ، فلا عبرة بالإرضاع قبل انفصاله ، وبهاتين الروايتين يقيّد إطلاق صحيحة بريد(2) وصحيحة الحلبي(3)وموثّقة جميل(4) ورواية أبي بصير(5) ونحوها ممّا دلّ على إناطة التحريم بكون اللبن من الفحل ، من دون تقييد بكونه بعد الولادة .

وتدلّ عليه مضافاً إلى ذلك موثّقة يونس بن يعقوب عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « سألته عن امرأة درّ لبنها من غير ولادة ، فأرضعت جارية وغلاماً من ذلك اللبن ، هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع ؟ قال : لا »(6).

وطعنُ الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(7) في الرواية بعدم الصحّة غير وارد بعد كونها موثّقة وشمول أدلّة الحجّية لها ، كالصحيحة .
نعم رواية يعقوب بن شعيب(8) الدالّة على ذلك أيضاً لا تنهض حجّة لضعف سندها .

وأمّا ما ذكره الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(9) وتبعه عليه المحقّق الخراساني
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح4 ، وقد تقدّمت في ص72 .
(2) الوسائل 20 : 388 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح1 ، وقد تقدّمت في ص76 .
(3) الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح3 ، وقد تقدّمت في ص47 .
(4) الوسائل 20 : 403 / أبوا ما يحرم بالرضاع ب15 ح3 ، وقد تقدّمت في ص48 .
(5) الوسائل 20 : 389 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب6 ح5 .
(6) الوسائل 20 : 398 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب9 ح1 .
(7) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 292 .
(8) الوسائل 20 : 399 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب9 ح2 .
(9) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 291 ـ 292 .

ــ[80]ــ

(قدّس سرّه)(1) من أنّ وجود الولد بالفعل لا يعتبر في إضافة اللبن إليه ، وإن اعتبر في صدقه ، ففي حال كونه حملا يصدق على لبنه أنّه لبن الولد وإن لم يصر بعد ولداً .

فلا يمكن المساعدة عليه ، إذ ظاهر الإضافة إلى عنوان هو فعليّة عنوان المضاف إليه ، فلا يقال : دخلت دار العالم . إلاّ إذا كان صاحب الدار عالماً بالفعل . وكذا لو قال المولى : ادخل دار العالم . لم يتحقّق الامتثال بدخول دار من سيكون عالماً ، لعدم صدق دار العالم عليها بالفعل . فلبن الولد غير صادق حين كونه حملا هذا .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net