ــ[177]ــ
سواء كانت أرض مَزرع أو مسكن أو دكّان أو خان أو غيرها (1) ، فيجب فيها الخمس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا الطريق الأوّل فهو في غاية الصحّة كما عرفت ، فإنّ أحمد بن محمّد الواقع في السند وإن تردّد بين ابن خالد وابن عيسى لكنّه موثّق على كلّ حال .
على أنّ الظاهر أ نّه الثاني ، لأنّ الشيخ روى هذه الرواية بعينها في موضعين من التهذيب : أحدهما في كتاب الخمس (1) بعنوان : أحمد بن محمّد ، وثانيهما في باب الزيادات منه (2) بعنوان : أبي جعفر ، الذي هو كنية أحمد بن محمّد بن عيسى ، كما صرّح به في كثير من الروايات ، فتخرج الرواية بذلك عن الترديد وإن كانت صحيحة على التقديرين كما عرفت . على أ نّها لو لم تكن صحيحة فلا أقلّ من أ نّها موثّقة ، والمحقّق في محلّه حجّيّة الموثّق كالصحيح . وقد عرفت قوّة الدلالة وعدم الموجب للحمل على التقيّة ، فلا مناص من الأخذ بها .
(1) لإطلاق النصّ والفتوى بعد صدق الأرض على الجميع بمناط واحد .
ولكن المحكي عن جماعة ـ كالفاضلين والمحقّق الثاني(3) وغيرهم ـ التخصيص بأرض الزراعة ، فلا تعمّ المشتملة على البناء والأشجار كالدور والبساتين والخانات ونحوها ، نظراً إلى أنّ الأرض في هذه الموارد ملحوظة تبعاً، فلا نظر إليها في مقام الشراء بالذات ، بل بتبع البنيان والأشجار ، ولأجله ينصرف النصّ عن شراء مثل هذه الأراضي ، ويكون المتبادر هي الأرض الخالية الملحوظة بحيالها في مقام الشراء ، التي هي في مقابل الدار والدكّان والخان نحوها ، إذ لا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 4 : 123 / 355 .
(2) التهذيب 4 : 139 / 393 .
(3) حكاه في مصباح الفقاهة 14 : 143، وهو في المعتبر 2 : 624، جامع المقاصد 3 : 52.
ــ[178]ــ
يقال حينئذ : إنّه اشترى أرضاً ، بل يقال : اشترى داراً أو دكّاناً أو حمّاماً .
ولعلّ هذا هو مراد من خصّها بالزراعيّة ، أي الأرض الخالية غير المشغولة بالبناء أو الأشجار . وكأ نّه لذلك تأمّل في شمول الحكم لها في الجواهر وإن جعل التعميم أولى (1) .
ولكنّه يندفع بمنع التبعيّة ، فإنّ الدار ـ مثلاً ـ اسم لمجموع الأرض والبنيان ، وكذا الخان والدكّان ، كما أنّ البستان اسم لمجموع الأرض والأشجار ، فكلّ منهما مقصود بالذات وملحوظ بحياله في مقام الشراء من غير تبعيّة ، وإنّما تتّجه دعواها في مثل البسامير والأسلاك والمصابيح ونحوها ممّا لم يكن منظوراً ، بل ولا ملتفتاً إليه لدى التصدّي لشراء الدار فكانت تابعة وخارجة عن المبيع . وأمّا الأرض فهي جزء مقوّم للمبيع ، ولذا يقسّط عليها الثمن وتتبعّض الصفقة فيما لو انكشف أ نّها لغير البائع ، ويثبت الخيار للمشتري فيصحّ البيع بالنسبة إلى البنيان مع خيار التبعّض ويكون بالإضافة إلى رقبة الأرض فضوليّاً منوطاً بإجازة مالكها ، كما أ نّه قد تباع الأرض دون البنيان أو بالعكس ، وقد يكون أحدهما ملكاً لشخص والآخر ملكاً لشخص آخر ، فيشتري المجموع منهما أو أحدهما من واحد منهما .
وبالجملة : ليس المقام من موارد التبعيّة ، إذ لم يكن المبيع البناء أو الأشجار لتكون الأرض تابعة ، بل كلّ منهما مستقلّ في البيع ، غايته أ نّهما بيعا معاً ولهما اسم بسيط كالدار ، كما لو باع فرساً مع فرس أو كتاباً مع كتاب ، فهو من باب الضميمة لا التبعيّة ، ولذا يصحّ أن يقال عرفاً : إنّه اشترى أرض هذه الدار وبناءها من غير أيّة عناية . وأوضح حالاً ما لو اشترى أرض الدار فقط ، أو أرض البسـتان فقط ، فإنّ دعوى انصراف النصّ عن شراء مثل هذه الأرض
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 16 : 66 .
|