حكم ما لو تجدّدت مؤن بعد إخراج الخمس - لو اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جاريةً 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4207


ــ[298]ــ

   [ 2955 ] مسألة 79 : يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة ، ولا يجب التأخير إلى آخرها ، فإنّ التأخير من باب الإرفاق كما مرّ ، وحينئذ فلو أخرجه بعد تقدير المؤونة بما يظنّه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدّد مؤن لم يكن يظنّها (1) كشف ذلك عن عدم صحّته خمساً ((1))، فله

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصلحة كما عرفت ، إلاّ أ نّه لا معنى حينئذ لما ذكره (قدس سره) من فرض تجدّد مؤن أثناء الحول ، إذ المفروض انقضاء الحول وانتهاؤه ، فأيّ معنى بعد ذلك للتجدّد في الأثناء ؟!

   وأمّا حمل العبارة على الكشف ومقام الإثبات بأن يتّضح له بعد الحول وجود مؤن أثناء الحول لم يكن يعلم بها فهو خلاف ظاهرها جدّاً ، فإنّها صريحة في تجدّد المؤونة لا الكشف عن مؤونة سابقة على المصالحة كما لا يخفى .

   (1) كما لو انهدمت داره فاحتاجت إلى التعمير، أو مرض فاحتاج إلى العلاج،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا مقتضي للكشف المزبور بعد ما فرض أنّ الخمس يتعلّق بالربح من الأوّل ، غاية الأمر أ نّه لا يجب أداؤه أثناء السنة ويجوز له التأخير ، ولكنّه إذا لم يؤخِّره وأدّاه إلى مستحقّه باختياره فقد ملكه المستحق ، ولا يجوز حينئذ استرداده حتى مع بقاء العين فضلاً عن تلفها، وعلى تقدير التنزّل والقول بأن تعلق الخمس يتوقف على عدم الصرف في المؤونة فلا بدّ من التفصيل بين ما إذا صرف شيئاً من ماله أثناء سنته في المؤونة المتجدِّدة وما إذا لم يصرفه ، فيصح ما ذكره (قدس سره) في الأوّل دون الثاني فإنّ العبرة في عدم وجوب الخمس إنّما هو بصرف الربح في المؤونة لا بوجود المؤونة من دون صرف ، والمفروض في المقام أ نّه لم يصرف في المؤونة فكيف يكشف عن عدم تعلّق الخمس به ؟! نعم ، يتمّ ما ذكره (قدس سره) فيما إذا تخيّل أنّ عليه ربحاً فأخرج خمسه وأدّاه ثمّ انكشف أ نّه لم يكن ربح ففي مثل ذلك له الاسترداد مع بقاء العين لا مع تلفها إلاّ إذا كان المعطى له عالماً بالحال .

ــ[299]ــ

الرجوع به على المستحقّ مع بقاء عينه لا مع تلفها في يده ، إلاّ إذا كان عالماً بالحال فإنّ الظاهر ضمانه حينئذ .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو اضطرّ إلى الزواج، ونحو ذلك من المؤن التي لم تكن بالحسبان، فهل له الرجوع حينئذ إلى المستحقّ ؟

   فصّل (قدس سره) بين بقاء العين فيرجع ، نظراً إلى كشف التجدّد المزبور عن عدم التعلّق من الأوّل ، إذ لا خمس إلاّ بعد المؤونة . وبين تلفها مع جهل الآخذ فلا يرجع إليه ، لكونه مغروراً بعد التسليط المطلق الصادر من المالك . نعم ، يضمن مع علمه بالحال ، إذ قد أخذه بغير استحقاق كما هو ظاهر .

   هذا ، ولكن صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري قوّيا عدم الرجوع مطلقاً ، فلا تسوغ المطالبة حتى مع بقاء العين فضلاً عن التلف (1) .

   وكأ نّهما بنيا ذلك على أنّ المستحقّ يملك الخمس بمجرّد ظهور الربح ، والتأخير إرفاق في حقّ المالك ، رعايةً للصرف في المؤونة المحتملة ، فإذا أسقط حقّه وعجّل في الدفع فقد دفع المال إلى مالكه المستحقّ فكيف يسترجعه بعد ذلك ؟!

   أو على أنّ ظنّ المؤونة وتخمينها قد اُخذ موضوعاً لوجوب الخمس ـ لا طريقاً ـ كما عبّر به شيخنا الأنصاري (قدس سره) ، ولعلّه يرجع إلى المعنى الأوّل ، ومحصّله : أنّ الخمس ملك للمستحقّ من الأوّل ، وقد أجاز وليّ الأمر صرف ملك الغير في المؤونة إرفاقاً ، فلو لم يصرفه وأعطاه للمالك وقبضه فبأيّ موجب يؤخذ منه بعدئذ حتى مع البقاء فضلاً عن التلف ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 16 : 80 ، والشيخ الأنصاري في كتاب الزكاة : 384 ، وفي كتاب الخمس : 224 .

ــ[300]ــ

   أقول : ما ذكراه (قدس سرهما) هو الأصحّ ، بناءً على ما عرفت (1) من تعلّق الخمس من الأوّل على سبيل الإطلاق وإن جاز التأخير من باب الإرفاق ، إذ معه لا مقتضي لما ذكره (قدس سره) من الكشف عن عدم الصحّة خمساً ، فإنّ الإخراج المزبور صاد من أهله في محلّه ، غاية الأمر أنّ البدار إليه لم يكن واجباً عليه ، بل كان مرخّصاً في التصرّف فيه ـ من باب التصرّف في ملك الغير بإجازة الولي ـ ولكنّه إذا بادر وأدّاه إلى أرباب الخمس باختياره فقد أوصل الحقّ إلى مستحقّه .

   وعليه ، فلا يسوغ له الاسترداد حتى مع بقاء العين ، فضلاً عن تلفها .

   نعم ، لو تنازلنا عن ذلك وبنينا على أنّ التعلّق وإن كان من الأوّل ولكنّه مشروط بعدم الصرف في المؤونة بنحو الشرط المتأخّر بحيث يكشف الصرف اللاّحق عن عدم التعلّق من الأوّل ويكون من صرف ملكه في مؤونته لا من صرف الخمس بإجازة الولي ، فلا محيص حينئذ من التفصيل .

   وملخّصه : أنّ المؤونة المتجدّدة بعد إخراج الخمس خلال السنة قد لا يصرف في سبيلها أيّ شيء ، إمّا لعدم المال أو لأمر آخر ، كما لو احتاج إلى الزواج أو العلاج ولكنّه لم يتصدّ لذلك إلى نهاية السنة ، والصحيح حينئذ ما ذكره الشيخ وصاحب الجواهر من عدم جواز الاسترجاع حتى مع بقاء العين .

   ووجهه ظاهر ، ضرورة أنّ وجوب الخمس كان مشروطاً بعدم الصرف في المؤونة لا بعدم الحاجة ، والمفروض تحقّق الشرط ، لفرض عدم الصرف الخارجي الذي هو المعدم للموضوع ليس إلاّ ، ولأجله ذكرنا أ نّه لو قتّر على نفسه فلم يصرف وجب عليه الخمس .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كما تقدّم في مسألة 72 .

 
 

ــ[301]ــ

   [ 2956 ] مسألة 80 : إذا اشترى بالربح قبل إخراج الخمس جاريةً لا يجوز له وطؤها (1) ، كما أ نّه لو اشترى به ثوباً لا تجوز الصلاة فيه ، ولو اشترى به ماءً للغسل أو الوضوء لم يصحّ ، وهكذا .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وبالجملة : عدم الصرف يكشف عن فعليّة الوجوب وقد أدّى الخمس إلى أربابه فليس له استرداده بوجه .

   واُخرى يصرف إمّا من رأس المال أو من مال آخر ولو كان ديناً .

   والظاهر أنّ هذا يكشف عن عدم تعلّق الخمس من الأوّل ، إذ هو بعد المؤونة، ومن المعلوم أنّ المؤونة المستثناة ليست خصوص المصروف من شخص الربح ، لعدم تحقّقه إلاّ نادراً ، والغالب المتعارف في التجّار وغيرهم هو الصرف من مال آخر معادل له بدلاً عنه ممّا خمّسه أو ورثه ونحو ذلك .

   وعليه ، فلو صرف بمقدار الخمس أو أكثر كشف عن عدم ربح فاضل على المؤونة ، فلا موضوع للخمس ، فله استرداد العين مع بقائها ، كما أنّ الآخذ يضمن مع علمه بالحال دون الجهل كما هو ظاهر .

   (1) هذا وجيه في الشراء الشخصي بأن اشترى بعين ما فيه الخمس ، وأمّا الشراء بما في الذمّة والأداء ممّا لم يخمّس فلا ينبغي الإشكال في صحّة المعاملة وجواز التصرّف في تمام ما اشترى ، لكونه ملكاً طلقاً له وإن كان مشغول الذمّة وضامناً للخمس .

   فمحلّ الكلام وقوع المعاملة ـ عوضاً أو معوّضاً ـ على العين الشخصيّة لا على الكلّي والأداء من هذه العين . ولا ينبغي التأمّل حينئذ في عدم جواز التصرّف كما ذكره في المتن ، سواء أقلنا بشمول أدلّة التحليل للمقام وإمضاء المعاملة من قبل وليّ الأمر (عليه السلام) ، أم لا .

ــ[302]ــ

نعم، لو بقي منه بمقدار الخمس في يده وكان قاصداً لإخراجه منه جاز وصحّ(1) كما مرّ نظيره((1)).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   أمّا على الأوّل : فلأنّ المعاملة وإن صحّت إلاّ أنّ الخمس ينتقل حينئذ إلى العوض ، فتكون الجارية المشتراة بما فيه الخمس بنفسها متعلّقة للخمس فتتحقّق الشركة فيها كالأصل ، ومن المعلوم عدم جواز التصرّف في المال المشترك بدون إجازة الشريك .

   وأمّا على الثاني : فلبطلان المعاملة بعد عدم الولاية على تبديل الخمس بغيره ، فيبقى ما يعادل حصّة الخمس على ملك مالكه المانع عن جواز التصرّف فيه ما لم يؤدّ الخمس .

   (1) بناءً منه ـ كما تقدّم ـ على أنّ التعلّق على سبيل الكلّي في المعيّن ، إذ عليه تكون الشركة في الكلّي ، أمّا الأشخاص فهي ملك له فيجوز له التصرّف إلى أن يبقى بمقدار الخمس ، لثبوت الولاية للمالك على العين كما في سائر موارد الكلّي في المعيّن ، فلو باع صاعاً من الصبرة جاز له التصرّف في عين ماله إلى أن يبقى مقدار الصاع ، ولا يتوقّف ذلك على البناء والقصد ، بل يجوز التصرّف من غير قصد الإخراج من الباقي كما هو الحال في سائر الموارد . فالتقييد بقصد الاخراج كما في المتن في غير محلّه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقد تقدّم الإشكال فيه [ في المسألة 2952 التعليقة 2 ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net