هل يجوز للمالك دفع سهم السادة إليهم بنفسه ؟ - جواز نقل الخمس من بلد إلى آخر 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 15:الخُمس   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5012


ــ[333]ــ

وأمّا النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه (1) ، لكن الأحوط فيه أيضاً الدفع إلى المجتهد أو بإذنه ، لأ نّه أعرف بمواقعه والمرجّحات التي ينبغي ملاحظتها .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وقع الخلاف في مصرف هذا السهم أيضاً على نحو ما تقدّم في حقّ الإمام (عليه السلام) من السقوط ـ لأخبار التحليل التي سيأتي البحث حولها في خاتمة الخمس ـ أو الدفن ، أو الإيداع ، أو الإيصاء ، ونحو ذلك من الوجوه الساقطة العارية عن كلّ دليل كما تقدّم ، سيّما وأنّ هذا السهم ملك للسادة ، إمّا لكل واحد من الأصناف الثلاثة ، أو للجامع الكلّي ، فهم المصرف لهذا السهم ، ومعه لا مقتضي هنا للإبقاء بوجه .

   ومن الواضح أنّ مقتضى إطلاق الكتاب والسنّة عدم الفرق في وجوب دفع هذا الحقّ إليهم بين عصري الحضور والغيبة ، ولا سيّما بملاحظة ما ورد في غير واحد من النصوص من تعويض هذا الحقّ بدلاً عن الزكاة المحرّمة عليهم الذي يعمّ مناطه كلتا الحالتين ، وإلاّ فمن أين تسدّ حاجات السادة في زمن الغيبة والزكاة محرّمة عليهم ؟!

   وهل للمالك مباشرة التقسيم بنفسه من دون مراجعة الحاكم الشرعي ؟

   الظاهر ذلك ، لما ورد في الزكاة من ثبوت ولاية التعيين للمالك ، معلّلاً بأ نّه أعظم الشريكين ، فإنّ هذا جار في الخمس أيضاً بعد ملاحظة أنّ أربعة أخماس المال للمالك .

   ومع التنازل فهذا مال مشترك ـ مع السادة ـ لا حاجة في مثله إلى مراجعة الشريك ومطالبته بالقسمة ، بناءً على أنّ الشركة من قبيل الشركة في الماليّة أو الكلّي في المعيّن .

ــ[334]ــ

   [ 2968 ] مسألة 8 : لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره (1) إذا لم يوجد المستحقّ فيه ، بل قد يجب كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك أو لم

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   نعم ، بناءً على الإشاعة والشركة الحقيقيّة يطالب الشريك بالقسمة إن كان شخصاً خاصّاً ، وأمّا إذا كان عنواناً كلّيّاً ـ كما في المقام ـ فإنّه يراجع وليّه وهو الحاكم الشرعي إن أمكن ، وإلاّ فعدول المؤمنين ، وأخيراً لا يبقى المالك معطّلاً عن التصرّف في ماله ، بل له المطالبة بالقسمة من نفس الشريك أو من وليّه حسبما عرفت .

   وأمّا الإعطاء والدفع إلى الفقير فلا يحتاج إلى الاستجازة من الحاكم الشرعي، إذ ليس حال هذا السهم حال سهم الإمام (عليه السلام) ، فإنّ هذا ملك لجامع السادة ، والحاجة إلى الاستجازة تتوقّف على الدليل ، ولا دليل عليها بوجه .

   بل لا يبعد أن يكون الأمر كذلك حتى في حال الحضور ، فإنّه يجوز الإعطاء إلى الإمام (عليه السلام) بما أ نّه وليّ الأمر ، وأمّا وجوبه فكلاّ .

   وبالجملة : فإن تمّ ما ذكرناه من أنّ القسمة بيد المالك فهو ، وإلاّ فيراجع الحاكم الشرعي في القسمة لا في الإعطاء ، فلاحظ .

   (1) ينبغي التكلّم أوّلاً في بيان موضوع المسألة ، فإنّ نقل الخمس موقوف على جواز العزل وولاية المالك على الإفراز ، مع أ نّه لم يرد أيّ دليل عليه في باب الخمس وإن نطقت به الروايات في باب الزكاة كما تقدّم(1) ، إلاّ أن يراد نقل ما فيه الخمس ، أي تمام المال قبل تخميسه أو بعضه ، فيكون نقلاً لما فيه الخمس بناءً على الشركة والإشاعة الحقيقيّة ، فلو تلف يضمن التالف ، أمّا على الكلّي في المعيّن فتمام التلف على المالك ما دام يبقى من العين مقدار ينطبق عليه الكلّي .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح العروة 23 : 401 .

ــ[335]ــ

يكن وجود المستحقّ فيه متوقّعاً بعد ذلك ، ولا ضمان حينئذ عليه ((1)) لو تلف ، والأقوى جواز النقل مع وجود المستحقّ أيضاً لكن مع الضمان لو تلف ، ولا فرق بين البلد القريب والبعيد وإن كان الأولى القريب إلاّ مع المرجّح للبعيد .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   هذا ، ويمكن فرض نقل الخمس بخصوصه وإن لم تكن له ولاية على العزل بأن يراجـع الحاكم الشرعي في التقسـيم المعبّر عنه في العرف الحاضر بإزالـة الشيوع ، فيخلّص ماله عن الشركة ويعيّن حصّة الخمس بإجازة الحاكم الذي هو وليّ على أربابه ، على ما عرفت قريباً من أنّ للشريك المطالبة بإفراز حصّته من الشريك الآخر إن أمكن وإلاّ فمن وليّه ، فيراجع الحاكم في التقسيم لا في الإعطاء ، وبعد ما قسّم وأفرز وانعزل الخمس عن غيره فيتكلّم حينئذ في جواز نقله إلى بلد آخر وعدمه .

   والكلام يقع تارةً : مع عدم وجود المستحقّ ، واُخرى : مع وجوده ، وعلى التقديرين فيتكلّم مرّة في الحكم التكليفي وأ نّه هل يجوز النقل أو لا ؟ واُخرى في الحكم الوضعي وأ نّه هل يضمن لو تلف أو لا ؟

   أمّا مع عدم المستحقّ : فلا ينبغي التأمّل في جواز النقل تكليفاً ، لعدم المانع منه بعد وجود المقتضي من إطلاقات الإيصال إلى أرباب الخمس ، بل قد يجب كما إذا لم يمكن المحافظة عليه في بلده فيكون معرّضاً للتلف ، أو كان في بلد لم يتوقّع وجود المستحقّ فيه بعد ذلك ، كالبلدان المترقّية في العصر الحاضر مثل الولايات المتّحدة ونحوها ممّا لم يتوقّع وجود السادة المستحقّين فيه بوجه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا نقل المالك تمام المال المتعلّق به الخمس أو نقل مقدار الخمس ولكن كان بإذن الحاكم الشرعي أو كان بعنوان الوكالة عن المستحقّ وإلاّ فالأظهر أنّ التالف يحسب على المالك والخمس بالنسبة .

ــ[336]ــ

   كما لا ينبغي التأمّل في عدم الضمان حينئذ لو تلف ، لأنّ النقل في هذه الحالة إحسان إلى السادة ، وما على المحسنين من سبيل .

   مضافاً إلى التعليل الوارد في بعض نصوص نفي ضمان الزكاة لو تلفت بالنقل ، وهو قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن مسلم : «وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان ، لأ نّها قد خرجت من يده ، وكذلك الوصي» إلخ (1) .

   فإنّ التعليل بالخروج عن اليد يعمّ المقام ولا سيّما مع عطف «الوصي» الكاشف عن عدم خصوصيّة للزكاة .

   على أ نّه لم يكن أي مقتض للضمان بعد أن لم تكن اليد يد عدوان ولم يحصل منه تفريط كما هو المفروض .

   هذا كلّه مع عدم المستحقّ في البلد .

   وأمّا مع وجوده فيقع الكلام أيضاً في الحكم التكليفي أوّلاً ، والوضعي ثانياً .

   أمّا التكليفي : فالظاهر جوازه ، إذ لا موجب للمنع عدا ما قد يتوهّم من منافاة النقل لفوريّة الإيصال الواجبة عليه .

   ولكنّه ممنوع كبرىً وصغرىً .

   أمّا الكبرى : فلعدم الدليل على وجوب الفوريّة ، غايته عدم جواز التهاون والمسامحة كما في سائر الواجبات الإلهيّة ، وذاك أمر آخر .

   وعدم رضا مستحقّي البلد بالنقل لا يقدح بعد أن كان المالك طبيعيّ السيِّد المستحقّ لا خصوص هؤلاء ، على أ نّه معارض بعدم رضا مستحقّي غير هذا البلد بعدم النقل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 9 : 285 /  أبواب المستحقّين للزكاة ب 39 ح 1 .

ــ[337]ــ

   والحلّ ما عرفت من أنّ المالك هو الطبيعي ، وللمكلّف اختيار التطبيق على أيّ فرد شاء ما لم يبلغ حدّ التهاون ، أمّا الفوريّة فغير واجبة بعد عدم نهوض أيّ دليل عليها .

   وعلى الجملة : حكم المقام حكم سائر الواجبات غير المؤقّتة في أ نّه لا يجوز فيها التواني والتهاون بالنظر العرفي ، فإذا كان له في التأخير بالنقل غرضٌ عقلائي ومرجّح شرعي أو عرفي ـ كما إذا قصد إيصاله إلى ذي رحم قريب إليه في بلد آخر من دون تساهل في البين ـ فلا دليل على المنع عنه ، وإلاّ لَما جاز النقل من محلّة إلى اُخرى في بلد واحد ، لا سيّما في البلدان الكبار التي قد يكون الفصل بين محلّتين منها أكثر من الفصل بين بلدين ، كما في مثل بغداد والكاظمية ، فإنّ الفصل بينهما وهما بلدان لعلّه أقلّ من الفصل بين محلّتين من محلاّت بغداد نفسها ، ولم يلتزم أحد بعدم جواز النقل في مثل ذلك ظاهراً .

   هذا ، وأمّا الصغرى : فلأجل أنّ الإيصال إلى المستحقّ الموجود في البلد ربّما يحتاج إلى زمان أكثر ممّا يحتاج إليه نقله وإيصاله إلى المستحقّ خارج البلد ، كما ربّما يتّفق في هذه الأعصار ، نظراً إلى زحام الطرق داخل المدينة ، فيتوقّف الإيصال إليه إلى انتظار زمان أكثر من زمان النقل إلى بلد آخر .

   وبالجملة : فدعوى عدم جواز النقل استناداً إلى ما ذكر ممنوعة صغرىً وكبرىً حسبما عرفت .

   وأمّا الحكم الوضعي ـ أعني الضمان في هذه الصورة على تقدير التلف ـ : فالظاهر ثبوته ، لظهور صحيحة محمّد بن مسلم المشار إليها آنفاً ـ بقرينة عطف «الوصي» وأ نّه إذا وجد ربّ المال المأمور بدفعه إليه فأخّر ضمن وإلاّ فلا ـ في أنّ الحكم جار في كلّ حقّ مالي يجب إيصاله إلى أهله ، وأ نّه إذا وجد أهله




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net