مناقشة الشيخ الأنصاري
ثمّ إنّ للشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(3) في المقام مناقشة في تقديم روايات العشر على موثّقة زياد بالموافقة للكتاب ، وهي أنّ صحيحة ابن رئاب وموثّقتي ابن زرارة وابن بكير(4) لا تدع مجالا لموافقة روايات العشر للكتاب ، لأنّ النسبة بينها وبين الكتاب نسبة العام والخاص ، فتكون مقيّدة لإطلاق الكتاب ، بناءً على جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، فلا مرجّح لروايات العشر المعارضة بموثّقة زياد ابن سوقة عليها ، لأنّ المرجّح لها كان الكتاب ، وقد فرضنا أنّ الصحيحة والموثّقتين قد أخرجت العشر مطلقاً من الكتاب ، فيسقط كلا المعارضين . وإذا كان مقتضى الصحيحة والموثّقتين النافيات للعشر مطلقاً هو عدم تحقّق النشر بالعشر ، يتعيّن القول بالخمس عشرة ، لعدم القائل باعتبار الأزيد منها ، أو ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 24 . (2) النساء 4 : 23 . (3) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 311 . (4) الوسائل 20 : 374 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 ح2 ، 3 ، 4 ، وقد تقدّمت في ص106 107 .
ــ[112]ــ
باعتبار عدد بينهما .
ثمّ أورد على نفسه بأنّ روايات العشر تقيّد الصحيحة والموثّقتين بما لا يكون عشر رضعات متواليات ، فيكون الخارج من الكتاب بعد التقييد العشر غير المتوالية ، فتبقى العشر المتوالية مشمولة لإطلاق الكتاب ، فيرجّح به روايات العشر على معارضتها ، وهي موثّقة زياد بن سوقة .
ثمّ أجاب بأنّ ذلك مستلزم للدور ، لأنّ تقييدها للصحيحة والموثّقتين متوقّف على ترجيحها ـ على الموثّقة المعارضة لها ـ بالكتاب ، لأنّ المقيّد أو المخصّص المبتلى بالمعارض لا يصلح لتقييد المطلق أو تخصيص العام إلاّ بعد زوال معارضه وترجيحها عليها بالكتاب متوقّف على تقييدها للصحيحة والموثّقتين ، وهذا دور .
هذا ما أفاده في المقام تضعيفاً للقول بالعشر .
الجواب على ما أفاده
أقول : ينبغي أن يعدّ هذا من غرائب كلامه (قدّس سرّه) وذلك لأنّ روايات العشر الدالّة على كفاية العشر المتوالية بالمفهوم في نشر الحرمة تعارضها طائفتان من الروايات :
إحداهما : موثّقة زياد بن سوقة ، وتعارضها بنحو التباين والنصوصية ، لأنّ المفروض دلالتها على عدم كفاية العشر المتوالية .
وثانيتهما : صحيحة ابن رئاب والموثّقتان ، لأنّها تدلّ على عدم كفاية العشر مطلقاً ، فتعارضها بالظهور ، فتقدّم الروايات على الطائفتين في عرض واحد ، أمّا على الموثّقة فلترجيحها عليها بموافقة الكتاب ، وأمّا على الصحيحة والموثّقتين فلأنّها أخصّ منها ، وليس في البين تقديم وتأخير ، لأنّ معارضتها بكلتا الطائفتين في مرتبة واحدة .
وبعبارة واضحة : الإرضاع بأقلّ من عشر رضعات خارج عن جميع
ــ[113]ــ
الطوائف الثلاث ، فإنّها أجمع تدلّ على عدم كفايتها ، فتكون خارجة عن إطلاقات الكتاب والسنّة . والإرضاع بعشر متفرّقات ليست مورداً للمعارضة لدلالة الصحيحة والموثّقتين ، وهكذا روايات العشر على عدم كفايتها بالمنطوق ، ودلالة الموثّقة على ذلك بالأولوية ، إذ هي تدلّ على عدم كفاية العشر المتوالية ، فإنّ الصحيحة والموثّقتين تدلّ على عدم كفايتها بالإطلاق ، وكذلك موثّقة زياد بالنصوصية ، وهاتان الطائفتان في طرف واحد ، وفي مقابلهما روايات العشر الدالّة على كفايتها مع التوالي ، فتقدّم هذه الروايات على موثّقة زياد بموافقة الكتاب وعلى الطائفة الاُخرى بالأخصيّة . هذا تمام الكلام في مناقشة الشيخ والجواب عنها .
|