الاستشهاد بموثّقة عبيد بن زرارة على صدور روايات العشر على وجه التقية 

الكتاب : مجمع الرسـائل - رسـالة في الرضاع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 6792


الاستشهاد لترجيح رواية خمس عشرة

ثمّ إنّه ربما يستشهد بروايتين على صدور روايات العشر على وجه التقيّة فلابدّ من الأخذ بمعارضها ، وهي رواية الخمس عشرة رضعة :

إحداهما : موثّقة(1) عبيد بن زرارة ، قال : « قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إنّا أهل بيت كبير ، فربما كان الفرح والحزن الذي يجتمع فيه الرجال والنساء ، فربما استخفّت المرأة أن تكشف رأسها عند الرجل الذي بينها وبينه رضاع ، وربما استخفّ الرجل أن ينظر إلى ذلك ، فما الذي يحرّم من الرضاع ؟ فقال : ما أنبت اللحم والدم ، فقلت : وما الذي ينبت اللحم والدم ؟ فقال : كان يقال عشر رضعات ، قلت : فهل تحرم عشر رضعات ؟ فقال : دع ذا ، وقال : ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع »(2).

بدعوى أنّها تدلّ على عدم النشر بالعشر ، لأنّه نقل ذلك عن غيره وترك الجواب ، وهما من قرائن التقيّة ، فهي تكون قرينة على أنّ ما يدلّ على نشر الحرمة بالعشر من الروايات صدرت على وجه التقيّة ، لا لبيان الحكم الواقعي ، هكذا ذكر صاحب الحدائق(3) وغيره من المتأخّرين .

وقد استفاد منها الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(4) أنّ الإمام (عليه السلام) لم يرتض الاكتفاء بالعشر ، وإن لم يذكر ما يكفي في نشر الحرمة ، ولم يحمل صدورها
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) [لعلّ المناسب التعبير عنها بالصحيحة اصطلاحاً] .
(2) الوسائل 20 : 379 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 ح18 .
(3) الحدائق 23 : 344 ـ 345 .
(4) كتاب النكاح (إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم 20) : 312 .

ــ[117]ــ

على وجه التقيّة .

الجواب عنها

إلاّ أنّ التأمّل فيها يعطي خلاف ما ذكروه ، وذلك لأنّ هذه الرواية بنفسها واردة مورد التقيّة ، بقرينة أنّ الإمام (عليه السلام) لم يبيّن فيها ما هو الحدّ المحرّم ، ولم يجب عن سؤال الراوي عن ذلك ، وقد أجمل الجواب وقال : « ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع » وهذا ظاهر لا ينبغي الإشكال فيه ، وأمّا استفادة أنّ التحديد بالعشر صادر منهم (عليهم السلام) على وجه التقيّة فلا ، لأنّ التحديد بها وعدم التحديد بها كلاهما خلاف التقيّة ، لأنّ أكثر العامّة بنوا على كفاية المسمّى وذهب بعضهم إلى اعتبار الرضعة الواحدة ، وبعض آخر إلى اعتبار خمس رضعات ، ولم يزد على هذا العدد إلاّ الشاذّ منهم فذهب إلى اعتبار العشر(1)، على ما راجعنا كتب الفقه والتفسير للعامّة .

فليس القول بالعشر من الأقوال المعروفة لديهم كي يتّقى منه في تلك الروايات ، والتحديد به خلاف التقيّة ، لأنّ مقتضى التحديد عدم كفاية الأقلّ ولو كان تسع رضعات ، مع أنّ جمهور العامّة أفتوا بكفاية الأقل ، ولم يحدّد بالعشر إلاّ الشاذّ منهم(2)، والتحديد بالأكثر خلاف التقيّة أيضاً ، وهو ظاهر .

وأمّا نسبة القول بالعشر في الرواية إلى الغير فهو لا يدلّ على عدم ارتضائه إذا كان ذلك في مقام التقيّة ، إذ ربما يكون المتكلّم قائلا بشيء إلاّ أنّه ينسبه إلى الغير تقيّة عمّن لا يقول به ، وقد عرفت أنّ نفس هذه الرواية صادرة على وجه التقيّة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ص109 ، الهامش رقم (5) .
(2) المغني لابن قدامة 9 : 193 ـ 194 ، والاُمّ للشافعي 5 : 26 وما بعدها ، وكتاب رحمة الاُمّة على هامش كتاب الميزان 2 : 107 ، [راجع أيضاً ص96 وما بعدها من هذه الرسالة] .

ــ[118]ــ

وإلاّ لصرّح الإمام (عليه السلام) بالحدّ الواقعي مع تكرار السائل عليه .

وأمّا قوله (عليه السلام) : « دع ذا » فهو أمر بترك السؤال عن الحدّ ، لا أمر بترك القول بالعشر .

ومن تمسّك بهذه الرواية لكفاية النشر بالعشر لم يكن مجازفاً في دعواه ، لأنّه (عليه السلام) مع كونه في مقام التقيّة في ذكر الجواب صريحاً ذكر القول بالعشر ناسباً له إلى الغير ، ثمّ أصرّ السائل عليه بأن يصرّح بالحدّ الواقعي ، فأمره (عليه السلام) بترك السؤال وطلب التصريح بالجواب ، وهذا لو لم يدلّ على كفاية العشر في نشر الحرمة يشعر بذلك ، فلا تعجب من هذا المستدلّ . كذا في بعض المؤلّفات(1).




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net