استدلال بعض العامّة للتحديد بالعشر والخدش فيه
ثمّ إنّ من الغريب ما صدر عن بعض العامّة من الاستدلال للتحديد بالعشر برواية رووها عن عائشة أنّها قالت : « كان في القرآن أنّ ما يحرم من الرضاع عشر رضعات ، ثمّ نسخ ونزل أنّ ما يحرم خمس رضعات »(3) ومن هنا ذهب إلى كلّ منهما طائفة(4)، فإنّه بعد الاعتراف بنسخ التحديد بالعشر ونزول التحديد بالخمس ، كيف يسوغ الإفتاء بأنّ الحدّ هو العشر استناداً إلى القرآن المنسوخ . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) المغنى لابن قدامة 9 : 193 ـ 194 ، والاُمّ للشافعي 5 : 26 وما بعدها ، وكتاب رحمة الاُمّة على هامش كتاب الميزان 2 : 107 . (2) رسالة في الرضاع (ضمن رسائل تسع مسمّاة بالرضاعيات والخراجيات) : 96 ـ 97 . (3) سنن أبي داود 2 : 223 / 2062 ، سنن النسائي 6 : 100 (مع اختلاف في الألفاظ) . (4) المغني لابن قدامة 9 : 193 ـ 194 ، والاُمّ للشافعي 2 : 26 وما بعدها ، كتاب رحمة الاُمّة على هامش كتاب الميزان 2 : 107 ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة 4 : 228 ، [لاحظ المصادر المذكورة ، فإنّه لم ينسب التحديد بالعشر إلى طائفة] .
ــ[120]ــ
وقد اعتذر القرطبي ـ لمن استند إلى ذلك في التحديد بالعشر ـ بأنّ من المحتمل عدم وصول ذيل الرواية إليه(1).
والمتحصّل من ذلك : أنّ مدرك التحديد بالعشر عندهم الرواية المذكورة عن عائشة ، مع الاعتراف بأنّها تتضمّن نسخ هذا التحديد من القرآن ، هذا .
وبما ذكرناه إلى هنا ـ من الكلام في التحديد بالعدد وأنّه العشر أو الخمس عشرة ـ يظهر أنّ مقتضى القواعد المقرّرة والصناعة العلميّة هو ترجيح روايات العشر على معارضها ، لموافقتها للكتاب(2) لو كان فيه إطلاق في مقام البيان ، وإلاّ فتكفي في ذلك إطلاقات السنّة(3) مضافاً إلى التأييد بذهاب مشهور القدماء ومحقّقي المتأخّرين إلى ذلك . مضافاً إلى كثرة روايات العشر ، وانحصار التحديد بالخمس عشرة في رواية زياد بن سوقة(4) ومضافاً إلى موافقة روايات العشر للاحتياط كما ذكرنا سابقاً(5).
|