جواز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال ونحوه - جواز الاستئجار لحيازة المباحات 

الكتاب : المستند في شرح العروة الوثقى-الجزء 16:الإجارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3737


ــ[345]ــ

   [ 3333 ] مسألة 4 : يجوز استئجار الشجر لفائدة الاستظلال ونحوه (1) كربط الدابّة به أو نشر الثياب عليه .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المزبورتين ـ أعني : التزيين وحفظ الاعتبار ـ فليست هي مناطاً لا للضمان ولا للوقف ، فمن ثمّ لا يجريان في مثل الدرهم والدينار كما اُفيد .

   وأمّا الإجارة فمناط صحّتها الاشتمال على المنفعة المحلّلة ولو كانت نادرة وغير متعارفة ، أخذاً بإطلاق الأدلّة .

   إذن فعدم صحّة الوقف أو عدم ضمان المنافع أجنبي عن محلّ الكلام ، ولا موجب لقياس المقام بهما بعد اختلاف المناطين .

   ومن ثمّ لو فرض قيام التعارف في قطر أو بلد على التزيين بهما أو الاقتناء لحفظ الاعتبار لم يكن مانع ثمّة من الالتزام بصحّة الوقف ، بل الحكم بالضمان أيضاً ، كما هو الحال في المصوغ منهما ممّا يتعارف لبسه للنساء كالحليّ ، حيث يحكم حينئذ بضمان المنافع بعد أن كانت العين مشتملة على المنفعة المحلّلة المتعارفة .

   وعلى الجملة : فصحّة الإجارة لا يعتبر فيها إلاّ وجود منفعة قابلة للاستيفاء ولو لحاجة شخصيّة ، وحيث فرض وجودها في المقام ـ كما ربّما يتّفق في زماننا أيضاً بالنسبة إلى المسافرين في بعض الأوقات ـ فلا مانع من الالتزام بصحّة الإجارة .

   (1) لكونها من المنافع المحلّلة القابلة للتمليك بعوض ، ومنه يظهر الحال في المسألة الآتية .

   فإن قلت :  كيف تصحّ الإجارة بناءً على جواز الاستظلال بشجر الغير أو حائطه بدون إذنه ؟

   قلت :  يمكن فرض المسألة فيما لو بادر المالك في الاستظلال بحيث لم يبق

ــ[346]ــ

   [ 3334 ] مسألة 5 : يجوز استئجار البستان لفائدة التنزّه (1) ، لأ نّه منفعة محلّلة عقلائيّة .

   [ 3335 ] مسألة 6: يجوز الاستئجار لحيازة المباحات كالاحتطاب والاحتشاش والاستقاء(2)، فلو استأجر من يحمل الماء له من الشطّ ـ مثلاً ـ ملك ذلك الماء بمجرّد حيازة (3) السقاء ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجال لاستظلال غيره وهو بحاجة إليه في تلك الساعة ، أو لو أراد المالك قطع الشجرة فطالب منه المستأجر عدم القطع لكي يستظلّ بها ، فيصحّ ما في المتن ولو في الجملة وبنحو الموجبة الجزئيّة .

   (1) كما عرفت آنفاً .

   (2) ونحوها الاصطياد وغيره ممّا يتحقّق به الاستيلاء على شيء من المباحات الأصليّة .

   ورتّب عليه ، أ نّه إذا حاز الأجير كان المحوز ملكاً للمستأجر بحيث لو أتلفه متلف بعد الحيازة وقبل الإيصال ضمن قيمته للمستأجر .

   هذا ، واستقصاء الكلام في المقام يستدعي التكلّم في جهات :

   (3) الجهة الاُولى :  في صحّة مثل هذه الإجارة في نفسها ، وأنّ الحيازة هل تملّك بالإجارة كي يترتّب عليه ما ذكره من أنّ المتلف لو أتلفه يكون ضامناً للمستأجر دون الحائز ؟

   استشـكل فيها جماعة ، ولم نجد أيّ مقتض للاستشكال عدا دعوى أنّ الحيازة سبب قهري لملكيّة الحائز المباشر ، سواء أقصد التملّك لنفسه أم لغيره أم لم يقصد . وعليه ، فلا أثر للحيازة بالنسبة إلى المستأجر ولا ينتفع منها بوجه ،

ــ[347]ــ

فاعتبار ملكيّتها له بالإجارة لغو محض ، فإنّه أشبه شيء بأن يستأجر أحداً لكي يأكل أو ينام أو يشتري لنفسه شيئاً وغير ذلك ممّا لا يعود فيه أيّ نفع للمستأجر ويكون هو أجنبيّاً عن المنفعة بالكلّيّة .

   ولكنّك خبير بأنّ دعوى السـببيّة القهريّة بحيث يتملّك الحائز حتى مع مملوكيّة الحيازة للغير بمراحل عن الواقع .

   فإنّا لم نعثر بعد الفحص التامّ على رواية تدلّ على الملكيّة في حيازة المباحات الأصليّة ما عدا (1) رواية واحدة ، وهي معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) : «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في رجل أبصر طيراً فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فأخذه ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : للعين ما رأت ، ولليد ما أخذت» (2) .

   فالعمدة هي هذه الرواية ، مضافاً إلى السيرة العقلائيّة القائمة على ذلك إلى زماننا هذا ، من غير فرق بين المتشرّعة وغيرهم ، فإنّهم لا يزالون يستملكون المباحات بعد الاستيلاء عليها من غير رادع ولا منازع .

   غير أنّ من الواضح الضروري أنّ مورد هذه السيرة بل الرواية ما إذا كانت الحيازة لنفس الحائز . وأمّا إذا كانت عمليّة الحيازة مملوكة للغير فكان الأخذ لذلك الغير ـ كما هو أمر شائع متعارف بين الناس ولا سيّما في مثل الاستئجار لصيد الأسماك ـ فإنّ بناء العرف والعقلاء مستقرّ وقتئذ على اعتبار ملكيّة المحوز لمالك الحيازة لا للحائز المباشر، فيعتبرون المستأجر مالك السمكة دون صائدها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) احتمل (دام ظلّه) جواز الاستدلال له بقوله تعالى : (هُوَ الّذِي خَلَقَ لَكُم مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) [ البقرة 2 : 29 ] على تأمّل فيه ، فليتأمّل .

(2) الوسائل 23 : 391 /  أبواب الصيد ب 38 ح 1 .

ــ[348]ــ

فلو أتلفه متلف قبل الإيصال إلى المستأجر ضمن قيمته (1) له ((1)) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وكذلك الاستئجار للاستقاء من الشطّ أو لأخذ التراب والأحجار وحملها من البرّ .

   وعلى الجملة : لم تجر السيرة العقلائيّة على ملكيّة الحائز للمحوز مطلقاً ، بل في خصوص ما إذا كانت الحيازة له دون ما إذا كانت لغيره .

   وكذلك الحال في الرواية المتقدّمة (2) ، فإنّها ظاهرة في تبعيّة الملكيّة للآخذ وسببيّته لها ، وأنّ الآخد بوصف أ نّه آخذ هو المالك لا بذاته ، وحيث إنّ الأخذ في مورد الاستئجار ملك للمستأجر فلا جرم كان هو الآخذ في الحقيقة وكان المباشر بمثابة آلة محضة .

   ومن ثمّ لم يشكّ أحد في أنّ ما يحوزه العبد فهو لمولاه لا لنفسه حتى على القول بأنّ العبد يملك ، نظراً إلى أنّ أفعاله ومنها الأخذ والحيازة مملوكة لمولاه .

   وعليه ، فإذا لم يكن المأخوذ ملكاً للمباشر في مثل هذه الصورة المساوق لإنكار السببيّة القهريّة للحيازة لم يكن أيّ مانع من الالتزام بصحّة الإجارة بعد أن كانت للأجير منفعة محلّلة قابلة للاستيفاء حسبما عرفت .

   فلا ينبغي الإشكال في صحّة الإجارة والحكم بأنّ المحوز ملك للمستأجر ، ويترتّب عليه ما ذكره في المتن من ضمان المتلف له لو أتلفه قبل الإيصال إليه ، لعدم اعتبار القبض في ملكيّته وتحقّقها بمجرّد الحيازة .

   (1) لعلّه سهو من قلمه الشريف ، ضرورة أنّ الماء مثلي لا قيمي ، وإنّما يتّجه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر أنّ ضمان الماء التالف بالمثل لا بالقيمة .

(2) على تأمّل في دلالتها يأتي التعرّض إليه في الجهة الثالثة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net