الاستدلال لكفاية الوَجور والجواب عنه
وقد استدلّ لكفاية الوجور في نشر التحريم بوجهين :
الأوّل : مرسل الصدوق عن الصادق (عليه السلام) : « وجور الصبي بمنزلة الرضاع »(1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ وهو أن يصبّ في حلقه صبّاً ووصل إلى جوفه ـ لم يحرم ، وبه قال عطاء وداود وقال باقي الفقهاء : إنّه ينشر الحرمة ... .
فتراه يفتي بعدم النشر بالوَجور في كتاب الخلاف .
ثمّ قال في مسألة 9 : إذا سعّط باللبن حتّى يصل إلى دماغه فإنّه لا ينشر الحرمة ، وبه قال عطاء وداود ، وقال باقي الفقهاء : إنّه ينشر الحرمة .
ثمّ قال في مسألة 10 : إذا حقن المولود باللبن لا ينشر الحرمة ، وللشافعي فيه قولان أحدهما ـ وهو الصحيح عندهم ـ مثل ما قلناه ، وبه قال أبو حنيفة ، والآخر أنّه ينشر الحرمة ، وبه قال محمّد ، واختاره المزني .
انتهى ما في كتاب الخلاف 5 : 101 ـ 102 . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 20 : 394 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب7 ح3 ، الفقيه 3 : 308 / 1485 .
ــ[143]ــ
أحكام الرضاع للوجور ، لأنّه نزّل منزلته ، إلاّ أنّه لم تثبت حجّيته لإرساله ، ولم ينجبر بعمل الأصحاب ، بناءً على انجبار السند به .
الثاني : أنّ علّة نشر الرضاعِ الحرمة التي نُصّ عليها في أخبار الباب هي نبات اللحم واشتداد العظم ، فإذا تحقّقت بالوجور ترتّب الحكم ، لأنّ العلّة تعمّم الحكم وتخصّصه باختلاف الموارد ، هذا .
ويرد عليه أوّلا : أنّه أخصّ من المدّعى ، لما تقدّم(1) من أنّ نبات اللحم واشتداد العظم الواردين في الأدلّة(2) محمولان على العرفي منهما، وأنّ تحقّقه متوقّف على مضي مدّة من الزمن ، وأنّ الزمان والعدد الخاصّين لا يحقّقانه ، وأنّ دليلهما مخصّصان لدليل النبات والاشتداد.
وثانياً : أنّه لم يرد في شيء من أخبار الباب تعليل الحكم بذلك ، وإنّما تعرّضت لموضوع نشر الحرمة وحده ، وأنّه نبات اللحم واشتداد العظم .
نعم ربما يتوهّم من صحيحة علي بن رئاب التعليل ، حيث ورد فيها : أنّ عشر رضعات لا تحرم ، لأنّها لا تنبت اللحم ولا تشدّ العظم(3) لكنّه يندفع بأنّ السؤال فيها إنّما هو عن الرضاع المحرّم ، وقد اُجيب بأنّ الرضاع المحرّم ما أنبت اللحم وشدّ العظم .
وقد سأل ثانياً عن تحريم عشر رضعات ، فاُجيب بعدم تحريمها ، لعدم انطباق الكبرى المتقدّمة ـ وهي الإرضاع الذي ينبت اللحم ويشدّ العظم ـ عليها ، وهذا ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص138 . (2) الوسائل 20 : 374 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 [ح2 ، 9 ، 14 ، 19 ، 23] 382 / ب3 . (3) الوسائل 20 : 374 / أبواب ما يحرم بالرضاع ب2 ح2 .
ــ[144]ــ
أجنبي عن التعليل بذلك ، إذ لم يرد في الصحيحة أنّ الرضاع يحرم لأنّه يؤثّر الأثر الخاص ، ليترتّب على ذلك أنّ كل ما يؤثّر الأثر الخاص يكون محرّماً ، وإنّما ورد فيها أنّ الرضاع المحرّم هو الرضاع الخاص ، وأنّه لا ينطبق على العشر رضعات .
وثالثاً : أنّ ما ذكر لا يختصّ بالوجور ، بل هو متحقّق في سقي اللبن بعد حلبه في إناء ، ولم يلتزما بالنشر فيه .
هذا تمام الكلام في شروط نشر الرضاع الحرمة .
|