حجّ المخالف - حجّ الزّوجة والكلام في توقّفه على إذن الزّوج 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3799


ــ[219]ــ

   [ 3074 ] مسألة 77 : لو أحرم مسلماً ثمّ ارتد ثمّ تاب لم يبطل إحرامه على الأصح ، كما هو كذلك لو ارتد في أثناء الغسل ثمّ تاب ، وكذا لو ارتد في أثناء الأذان أو الإقامة أو الوضوء ثمّ تاب قبل فوات الموالاة ، بل وكذا لو ارتد في أثناء الصلاة ثمّ تاب قبل أن يأتي بشيء أو يفوت الموالاة على الأقوى من عدم كون الهيئة الإتصالية جزءاً فيها . نعم ، لو ارتد في أثناء الصوم بطل وإن تاب بلا فصل (1) .

   [ 3075 ] مسألة 78 : إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر لا يجب عليه الإعادة بشرط أن يكون صحيحاً في مذهبه وإن لم يكن صحيحاً في مذهبنا (2) من غير فرق بين الفِرَق لإطلاق الأخبار ، وما دل على الإعادة من الأخبار محمول على الإستحباب بقرينة بعضها الآخر من حيث التعبير بقوله (عليه السلام) : «يقضي أحب إليّ» وقوله (عليه السلام) : «والحجّ أحب إليّ» .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ظهر حكم هذه المسألة ممّا ذكرنا في المسألة السابقة غير بطلان الصوم بالارتداد وقد تعرّضنا له في كتاب الصوم(1) .

   (2) كما هو المشهور والمعروف ، وقد دلت على ذلك نصوص كثيرة ذكرها صاحب الوسائل في باب الزكاة (2) ومدلولها عدم إعادة ما صدر منه من العبادات كالصلاة والصيام والحجّ إلاّ الزكاة لأنه وضعها في غير مواضعها ، وبإزائها نصوص اُخر تدل على عدم الفرق بين الزكاة وغيرها من العبادات في لزوم الاعادة إذا استبصر وعرف الولاية ، وقد ذكر صاحب الوسائل هذه الروايات في كتاب الحجّ وعمدتها روايتان :

   الاُولى: رواية أبي بصير: قال: «وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحجّ وإن كان قد حجّ» (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بعد المسألة [ 2501 ] فصل في شرائط صحّة الصوم .

(2) الوسائل 9 : 216 / أبواب المستحقين للزكاة ب 3 .

(3) الوسائل 11 : 62 / أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 5 .

ــ[220]ــ

   الثانية : رواية علي بن مهزيار قال : «كتب إبراهيم بن محمّد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفر (عليه السلام) : أني حججت وأنا مخالف وكنت صرورة فدخلت متمتعاً بالعمرة إلى الحجّ ، قال : فكتب إليه : أعد حجك» (1) .

   ولكنهما لا تقاومان النصوص المتقدمة لضعفهما سنداً بسهل بن زياد . مضافاً إلى إمكان حملهما على الاستحباب ، لأن التصريح بالإجزاء وعدم وجوب الاعادة في عباداته في تلك النصوص يوجب رفع اليد عن ظهور الروايتين في الوجوب . ويشهد لذلك بعض الأخبار المصرحة بالاستحباب كصحيح بريد العجلي الوارد في المخالف والناصب ، قال في حق المخالف : «قد قضى فريضته ، ولو حجّ لكان أحبّ إليّ» ، وقال في حق الناصب : «يقضي أحبّ اليّ»(2) ، وفي صحيح عمر بن اُذينة : «قال : قد قضى فريضة الله ، والحجّ أحبّ إليّ»(3) . ونحوه ما في صحيحة اُخرى لعمر بن اُذينة : «قال : يحج أحبّ إليّ»(4) .

   وبالجملة : لا ينبغي الاشكال في الحكم بالإجزاء وعدم وجوب الإتيان عليه مرة ثانية ، إنما الكلام في موضوع هذا الحكم فهل هو العمل الصادر منه الصحيح عنده أو الصحيح عندنا ، أو مطلقاً وإن كان فاسداً عنده أو عندنا ؟

   أمّا احتمال اختصاص الحكم بالإجزاء بما إذا كان العمل صحيحاً عندنا بدعوى أن الروايات ناظرة إلى تصحيح عمله من ناحية فقدان الولاية ، وأما إذا كان فاسداً من جهات اُخر ومخالفاً للواقع من غير جهة الولاية فلا تشمله النصوص ، ولعل كلام المحقق ناظر إلى هذا الاحتمال لقوله في الشرائع : «إلاّ أن يخل بركن منه»(5) فإن المراد بذلك هو الاخلال بالركن عندنا ، ففيه : أن هذا الاحتمال يستلزم حمل النصوص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 62 / أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 6 .

(2) الوسائل 11 : 61 / أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 1 .

(3) الوسائل 11 : 61 / أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 2 .

(4) الوسائل 11 : 61 / أبواب وجوب الحجّ ب 23 ح 3 .

(5) الشرائع 1 : 203 .

 
 

ــ[221]ــ

الكثيرة على الفرد النادر أو على مالا  يتّفق في الخارج أصلاً ، إذ لا أقل من مخالفة أعمالهم للواقع من جهة الوضوء .

   وأمّا إذا كان العمل صحيحاً عنده وفاسداً عندنا فهو القدر المتيقن من النصوص الدالّة على الإجزاء .

   وأمّا إذا  كان فاسداً عنده وعندنا فربما يقال بشمول الروايات الدالّة على الإجزاء لذلك أيضاً لأن الحكم بالإجزاء منة منه تعالى ، ومقتضى الامتنان إلغاء وجوب القضاء بعد الاستبصار وإن كان العمل فاسداً عنده وعندنا .

   وفيه : أن السؤال في الروايات متمحض من ناحية الإيمان والاستبصار وفساد العقيدة ، فإنما يسأل عن إعادة الحجّ أو الصلاة أو غيرهما من العبادات لأجل اختلاف العقيدة وتبديلها ، وإلاّ فلا يرى نفسه مأموراً بالاعادة لو بقي على حاله الاُولى وعقيدته السابقة بل يرى عمله صحيحاً . وبعبارة اُخرى : إنما يسأل عن الاعادة وعدمها لا لأجل خلل في الصلاة والحجّ وإنما يسأل عن ذلك لأجل اختلاف العقيدة وتبدل الرأي ، ولو كان العمل فاسداً على مذهبه لا يقال إنه حجّ أو حججت أو صلّى ونحو ذلك ، فالنصوص لا تشمل ما كان فاسداً عنده .

   ولو أتى بالصحيح عندنا وبالفاسد في مذهبه فإن لم يتمشَ منه قصد القربة فلا ريب في عدم شمول النصوص له ، لعدم صدق العبادة من الصلاة والحجّ على ذلك ، وإن تمشّى منه قصد القربة كما لو قلّد من يجوّز العمل على طبق المذهب الجعفري كالشيخ شلتوت(1) لا يبعد شمول النصوص الدالة على الإجزاء لذلك ، ولا يلزم في الحكم بالصحة أن يكون العمل موافقاً لمذهبه الفاسد لعدم اختصاص النصوص بما إذا كان العمل صحيحاً في مذهبه وفاسداً عندنا ، لما عرفت أن السؤال فيها ناظر إلى جهة الإيمان والاستبصار وإن لم يكن العمل فاسداً واقعاً بل كان صحيحاً في الواقع .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هو صاحب الفضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ جامع الأزهر .

ــ[222]ــ

   [ 3076 ] مسألة 79 : لا يشترط إذن الزّوج للزّوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة ولا يجوز له منعها منه ، وكذا في الحجّ الواجب بالنذر ((1)) ونحوه إذا كان مضيقاً (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لا ينبغي الاشكال في عدم اعتبار إذن الزوج للزوجة في حجّة الإسلام ولا خلاف في ذلك ويدل عليه جملة من النصوص (2) ، هذا في الحجّ المستقر واضح ، وأمّا إذا لم يستقرّ عليها الحجّ فقد يقال : إن حق الزوج مانع عن تحقق الاستطاعة .

   وفيه : ما ذكرناه غير مرة أن الاستطاعة المعتبرة في الحجّ ليست إلاّ الاستطاعة المفسرة في الروايات ولم يؤخذ فيها عدم مزاحمة الحجّ لحق الغير ، على أنه لو وقع التزاحم يقدم الحجّ لأنه أهم . مضافاً إلى النصوص الخاصة الواردة في المقام الدالة على أنه لا طاعة له عليها في حجّة الإسلام(3)، وحملها على الحجّ المستقر بلا موجب .

   وأمّا الحجّ الواجب بالنذر ونحوه من العهد واليمين أو غير ذلك فقد ألحقه المصنف (قدس سره) بحج الإسلام إذا كان مضيقاً ، ولكن النصوص الواردة في المقام موردها حجّة الإسلام ، وإلحاق غيرها بها والتعدي عن موردها يحتاج إلى الدليل ولا دليل فلا بدّ من ملاحظة القواعد في كل مورد من الواجبات .

   أمّا النذر فهو واجب يشترط الرجحان في متعلقه في ظرف العمل ، بمعنى أن النذر إنما ينعقد ويجب الوفاء به إذا كان المنذور راجحاً في ظرف العمل به ، وأما إذا كان مرجوحاً ومحرماً في نفسه فلا ينعقد من الأوّل وينحل ولا يجب الوفاء به ويقدم الواجب الآخر عليه ، فإن العمل لا بدّ أن يكون في نفسه راجحاً مع قطع النظر عن تعلق النذر به ، وعليه إذا فرضنا أن خروج الزوجة من البيت من دون إذن الزوج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال بل منع .

(2) الوسائل 11 : 155 / أبواب وجوب الحجّ ب 59 .

(3) الوسائل 11 : 155 أبواب وجوب الحجّ ب 59 .

ــ[223]ــ

وأمّا في الحجّ المندوب فيشترط إذنه (1) ، وكذا في الواجب الموسع قبل تضيقه على الأقوى ، بل في حجّة الإسلام يجوز له منعها من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محرم كما في النصوص المعتبرة (1) فلا ينعقد نذرها للحج المستلزم للخروج من البيت .

   وأما إذا كان سبب الوجوب غير النذر كالإجارة فلو فرضنا أن المرأة تزوجت بعد إجارة نفسها للحج عن الغير فلا ريب في تقدم الإجارة ، وليس للزوج منعها ، لأنّ هذه المدة التي تعلقت بها الإجارة ملك للغير وليس للزوج حق المعارضة ، فإلحاق سائر أقسام الحجّ الواجب بحج الإسلام على الإطلاق لا نعرف له وجهاً ، بل لا بدّ من التفصيل على النحو الذي ذكرناه .

   (1) بلا كلام ، لأنّ الخروج من بيتها بدون إذن الزوج محرم وعليها الاستئذان منه في الخروج من البيت ، لا لما ورد في بعض الروايات من جواز منع الزوج زوجته عن الحجّ المندوب ، لأنّ ذلك أعم من اعتبار الاذن من الزوج ، بل لعدّة من النصوص منها : صحيحا محمّد بن مسلم وعلي بن جعفر الدالاّن على اعتبار الاذن وأنه لا يجوز لها الخروج إلاّ بإذنه(2) ولا سيما إذا كان الخروج منافياً لحق الزوج .

   ومن ذلك يظهر أن الواجب إذا كان موسعاً له المنع عن الإتيان به في سنة خاصة وإن لم يكن له المنع عن أصل الحجّ ، فإن ما دل على المنع من الخروج بدون إذنه يشمل ما لو اختارت إتيان الحجّ الموسع في سنة خاصة ، وهكذا الحال بالنسبة إلى سائر الواجبات الموسعة ، فإن الزوج له حق المنع في التطبيق على الأفراد إذا زاحم حقه ولم يكن له المنع عن أصل الواجب ، ولذا للزوج أن يمنع زوجته عن إتيان الصلاة في أوّل الوقت أو وسطه إذا زاحم حقه ، وليس له حق المنع عن أصل الصلاة ، وكذا له

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 20 : 157 / أبواب مقدمات النكاح ب 79 .

(2) الوسائل 20 : 157 / أبواب مقدمات النكاح ب 79 ح 1 ، 5 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net