حكم اعتراف بعض الورثة بدين على الميت - حكم اعتراف بعض الورثة بالحجّ على الميِّت 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4274


ــ[251]ــ

   [ 3082 ] مسألة 85 : إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحجّ على المورّث وأنكره الآخرون لم يجب عليه إلاّ دفع ما يخصّ حصّته بعد التوزيع((1)) وإن لم يفِ ذلك((2)) بالحج لا يجب عليه تتميمه من حصّته، كما إذا أقر بدين وأنكره غيره من الورثة فإنه لا يجب عليه دفع الأزيد ، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدّين مع إنكار الآخرين نظير مسألة الإقرار بالنسب ، حيث إنه إذا أقر أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر لا يجب عليه إلاّ دفع الزائد عن حصّته فيكفي دفع ثلث ما في يده ولا ينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة للنص(1) ((3)) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ذكر في هذه المسألة فروعاً ثلاثة :

   الأوّل : اعتراف بعض الورثة بالدين .

   الثاني : اعترافه بالحج على المورث .

   الثالث : اعترافه بالنسب .

   أمّا الأوّل : فالمستفاد من الآية المباركة (4) والنصوص(5) تأخر الميراث عن الدّين والوصيّة ، وثبوت الدّين في التركة على نحو الكلي في المعيّن ، ولا ينتقل مقدار الدّين إلى الورثة بل ينتقل إلى الغرماء رأساً ، ولذا لو تلف بعض المال بعد موته فضلاً عما قبل الموت يخرج الدّين من بقية المال ولا ينقص من الدّين شيء ، وهذا دليل قطعي على أن ثبوت الدّين في التركة ليس على نحو الإشاعة ، بل هو على نحو الكلّي في المعيّن كما يقتضيه إطلاق الآية والنصوص ، فإذا اعترف بعض الورثة بالدين وأنكره الآخر أو لم يعترف به يؤخذ من المال المتروك بمقدار اعترافه ، وعليه أن يعطي تمام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل الظاهر وجوب دفع تمام مصرف الحجّ من حصته ، وله مطالبة الآخرين ببقية حصته من التركة وإقامة الدعوى عليهم ، وكذلك الحال في الدّين .

(2) لا يمكن فرض الوفاء في مفروض المسألة .

(3) النص الوارد في النسب ضعيف ولكن الحكم على القاعدة .

(4) النساء 4 : 12 .

(5) الوسائل 19 : 329 / أبواب الوصايا ب 28 .

ــ[252]ــ

الدّين الذي اعترف به ويكون الباقي له ، وما أخذه المنكر يكون مشتركاً بينه وبين الأخ المعترف ، وإذا كان ذلك الأخ جاحداً وغاصباً يجوز للأخ المعترف أن يأخذ من أخيه الجاحد حصّة الدّين بالنسبة مقاصة ، وإن كان جاهلاً يرجع أمرهما إلى الحاكم .

   وبالجملة : مقتضى القاعدة لزوم أداء تمام الدّين على المعترف من حصّته ولو بتمام حصّته ، وله مطالبة الآخرين ببقية حصّته من التركة وإقامة الدعوى عليهم . نعم لا يجب عليه تتميمه من مال آخر إلاّ إذا كان إجماع على الخلاف من لزوم التحصيص في الدّين على حسب نسبة الحصص ، ولو لم يثبت الاجماع ـ كما هو غير ثابت ـ فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، مضافاً إلى موثق إسحاق بن عمار : «في رجل مات فأقر بعض ورثته لرجل بدين ، قال : يلزم ذلك في حصّته»(1) ، وظاهره لزوم تمام الدّين في حصّته .

   وذكر صاحب الوسائل عن الشيخ أنه حمله على أنه يلزم بقدر ما يصيب حصته بشهادة خبر أبي البختري : قال : «قضى علي (عليه السلام) في رجل مات وترك ورثة فأقر أحد الورثة بدين على أبيه ، أنه يلزم ذلك في حصّته بقدر ما ورث ولا يكون ذلك في ماله كلّه ، إلى أن قال : وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو اُخت إنما يلزمه في حصّته»(2) . ولكن الخبر ضعيف سنداً ، بل ودلالة . أما الأوّل فبأبي البختري الذي قيل فيه : إنه من أكذب البرية . وأما الثاني فلاحتمال أن يراد من العبارة عدم وجوب التتميم من ماله الشخصي بمعنى أن يلزم على المقر دفع الدّين من حصته ولا يلزم عليه دفعه من سائر أمواله الشخصية .

   وأمّا الثاني : وهو الاعتراف بالحج فقد ذكر المصنف (قدس سره) أنه لا يجب على المعترف إلاّ دفع ما يخص حصته بعد التوزيع ، وإن لم يف ذلك بالحج لا يجب عليه تتميمه من حصته .

   أقول : إن كان ثبوت الحجّ في التركة على نحو الكلي في المعيّن نظير الدّين ، فيجب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 19 : 324 / أبواب الوصايا ب 26 ح 3 ، 5 .

ــ[253]ــ

على المعترف أن يخرج الحجّ مما أخذه من التركة ، وعليه أن يتعهد بجميع مصارف الحجّ ، وله مطالبة الآخر من بقية حصته من التركة كما تقدم في الدّين ، وأما بناء على ما ذكره من إخراجه من حصته بالنسبة بعد التوزيع فالخارج من إرثه نصف مصارف الحجّ ، وحينئذ لا يتصور فيه الوفاء للحج حتى يقال بأنه إن لم يفِ ذلك بالحج لا يجب عليه التتميم ، لأنّ المعترَف به في الحقيقة إنما هو نصف مصارف الحجّ وهو غير واف للحج دائماً فلا مجال لقوله : «وإن لم يفِ لا يجب عليه تتميمه » ، وليس الحجّ كالدين في إمكان التبعيض وإخراجه بالمقدار الممكن ، لأنه واجب ارتباطي بخلاف الدّين فإنه غير ارتباطي يجري فيه التبعيض .

   وبالجملة :  لو اعترف أحد الورثة بالحج وأنكره الآخرون فلا موضوع للحج لعدم إمكان إتيانه بالنصف المعترَف به وعدم جريان التبعيض فيه ، فإن لم يعط الآخرون من حصّتهم النصف الآخر يسقط وجوبه بالمرّة .

   فيقع الكلام حينئذ في المقدار الثابت في حصته فهل يجوز له التصرّف فيه لأنه يرجع إلى كونه إرثاً ، لأنّ المانع هو الحجّ والمفروض سقوطه ، أو أنه يجب عليه صرفه في جهات الميت الأقرب فالأقرب ؟ الظاهر هو الثاني ، لأنّ المقدار المعترَف به لم ينتقل إلى الوارث من أوّل الأمر وإنما هو باق على ملك الميت ، وكذلك المقدار الذي أخذه المنكر باق على ملك الميت ، فمجموع المالين ملك للميت يملك مقداراً من هذا ومقداراً من ذاك ، غاية الأمر الوارث الآخر جاحد أو جاهل معذور لعدم اعترافه باشتغال ذمّة الميت ، وكيف كان لا يجوز للوارث المعترف التصرف في هذا المقدار من المال لبقائه على ملك الميت وحيث إنه لا يفي للحج فلا بدّ من صرفه في جهات الميت الأقرب فالأقرب .

   هذا تمام الكلام في الاقرار بالدين والحجّ وقد عرفت أنهما يخرجان من تمام حصة المعترف إذا كانت وافية ويكون الباقي من التركة بعد أداء الدّين والحجّ مشتركاً بين الورثة ، ويجوز للمعترف الأخذ من المنكر على موازين القضاء من إقامة الدعوى عليه ، وأما بالنسبة إلى الغاصب فيقتص منه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net