حكم اعتراف بعض الورثة بالنّسب - حكم عدم وفاء التركة بالحجّ 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3789


ــ[254]ــ

   وأمّا الثالث : وهو الاعتراف بالنسب كما لو اعترف أحد الشريكين في الارث بالنسب لشخص ثالث مشترك معهما ، كما إذا  كان هناك أخوان وارثان فأقر أحدهما بأن زيداً أيضاً أخوهما وأنكره الآخر .

   ذكر المصنف أن المقرّ يدفع إلى المقر له المقدار الزائد عمّا يستحقه والزائد عن حصّته باعتقاده واعترافه فيكفي دفع ثلث ما في يده ولا يجب عليه التنصيف ، كما لو فرضنا أن المال المتروك ستة دنانير وبعد التنصيف بينه وبين أخيه أقرّ أحدهما بأن زيداً أخ لهما أيضاً ، يجب على المقرّ إعطاء دينار واحد إلى المقرّ له ويبقى الديناران للمقرّ ، ولا يكون المقرّ له شريكاً مع المقرّ حتى يلزم عليه التنصيف بينه وبين المقرّ له .

   أقول : التقسيم قد يكون مع الغاصب وهذا بحث طويل وقد ذكر في محله أن الغاصب لا يصح معه التقسيم ، فلو كان المال مشتركاً بين أخوين وأخذ الغاصب نصف المال بعنوان أنه مال زيد فتلف لا يختص بزيد ويحسب التالف عليهما والباقي لهما ، ولا أثر لنيّة الغاصب وتقسيمه ، والقاعدة تقتضي هناك الإشاعة والتلف من مال الأخوين معاً ، وأما في باب الاعتراف بالنسب فالقاعدة تقتضي إعطاء المقرّ الزائد عن حصّته للمقرّ له بالنسبة حسب اعترافه ولا يكون المقر له شريكاً للمقر ، فيجب على المقر دفع ثلث ما في يده لا نصفه ، وأمّا النص المشار إليه في المتن فهو خبر أبي البختري الذي قد عرفت ضعفه سنداً ودلالة ، ولو كانت القاعدة مقتضية للإشتراك لزم الالتزام بالإشاعة في المقام ولا أثر لوجود هذا الخبر الضعيف .

   والحاصل : إذا اعترف أحد الشريكين في الارث بثالث فمرجع ذلك إلى الاعتراف بأن لكل واحد منهم ثلث المال ، فإذا فرضنا أن المال قسم إلى قسمين بين الأخوين ثمّ اعترف أحدهما بأخ ثالث ، معناه أن المال الذي بيد الأخ المنكر ثلثه للمقرّ له وثلثه للمقرّ وثلثه للأخ نفسه ، وكذا الحال في المال الذي أخذه المقرّ ثلثه لنفسه وثلثه لأخيه وثلثه للمقر له لا أزيد ، فالثلث الذي عنده للأخ والثلث الذي عند الأخ للأخ الآخر ويقع التبادل بين هذين الثلثين بالتراضي بينهما ، وعلى سبيل المثال لنفرض أن المال المتروك ستون ديناراً وقسم إلى قسمين وكل واحد من الأخوين أخذ ثلاثين ديناراً

ــ[255]ــ

   [ 3083 ] مسألة 86 : إذا  كان على الميت الحجّ ولم تكن تركته وافية به ولم يكن دين فالظاهر كونها للورثة ولا يجب صرفها في وجوه البر عن الميت لكن الأحوط التصدّق عنه للخبر عن الصادق (عليه السلام) «عن رجل مات وأوصى بتركته أن أحجّ بها فنظرت في ذلك فلم يكفه للحج فسألت مَن عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدّق بها ، فقال (عليه السلام) : ما صنعت بها ؟ قلت : تصدّقت بها فقال (عليه السلام) : ضمنت إلاّ أن لا يكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة ، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكّة فليس عليك ضمان»(1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإذا اعترف أحدهما بأخ ثالث معناه أن عشرة دنانير له وعشرة لأخيه وعشرة للمقر له ، وكذا ما عند أخيه ، فالعشرة الثانية التي عنده تكون له بالتبادل وعوضاً من العشرة التي عند أخيه ، فطبعاً يكون له عشرون ديناراً ، ويجب عليه دفع العشرة الزائدة إلى المقر له ولا يكون شريكاً مع المقر في المال الذي عند المقر له حتى يأخذ النصف ولا يجب عليه تنصيف الثلاثين ، فالفرق بين التقسيم في باب الغصب والتقسيم في المقام ظاهر وبينهما بون بعيد ولا يقاس أحدهما بالآخر ، وما ذكرناه في المقام مما تقتضيه القاعدة ولا حاجة إلى النص .

   (1) لأنّ المانع عن الانتقال إلى الوارث هو الحجّ والمفروض عدم إمكان الحجّ به فلا مانع ، وينتقـل ما ترك إلى الوارث حسب الإطلاقات ، ولا يقاس الحجّ بالدّين لأنه انحلالي غير ارتباطي ، بخلاف الحجّ فإنه واجب ارتباطي لا يمكن فيه التبعيض ولا دليل على وجوب التصدق بالمال المتروك إذا لم يفِ المال للحجّ .

   نعم ، ورد النص بالتصدق في باب الوصيّة (1) ولكنه ضعيف السند ، مضافاً إلى أنه مختص بمورد الوصيّة ولا يشمل المقام ، والحكم في باب الوصيّة لزوم الصرف في وجوه البرّ إذا تعذّر العمل بها ، لأنّ الوصيّة بنفسها تقتضي صرف المال ـ  بعد تعذّر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 19 : 349 / أبواب الوصايا ب 37 ح 2 .

ــ[256]ــ

صرفه في الجهة المعيّنة من قِبَل الميت  ـ في جهات اُخر الأقرب فالأقرب إلى غرضه فإن الوصيّة تمنع من انتقال المال إلى الورثة وتوجب بقاء المال على ملك الميت فلا بدّ من صرفه في شؤونه وجهاته .

   وبعبارة اُخرى :  تعذّر ما عيّنه الميت لا يوجب انتقال المال إلى الورثة ، لأنّ غرض الميت إيصال الثواب إلى نفسه ، غاية الأمر عيّن مصرفاً خاصاً لذلك ، ولو تعذّر ذلك ينتقل الأمر إلى نحو آخر من إيصال الثواب ، فمرجع الوصيّة في أمثال هذه الموارد تنحل إلى أمرين وتكون على نحو تعدد المطلوب حسب المتفاهم العرفي والقرينة العامة ، فلو تعذر أحدهما يتعين الآخر كما هو الحال في غير المقام من موارد الوصيّة كما إذا أوصى بصرف المال في بناء حسينية أو مدرسة دينية أو إقامة التعزية في بلد معيّن وتعذر ذلك لا ينتقل المال إلى الورثة بل يصرف في الأقرب فالأقرب ، وهكذا الحال في الوصيّة بالحج إذا لم يفِ المال للتمتع يصرف في الإفراد لأنه أقل مصرفاً من التمتع ، وإن لم يفِ له أيضاً يصرف في سائر وجوه البر من التصدق ونحوه ممّا هو أقرب إلى غرض الميت ، وهذا بخلاف الحجّ الثابت في ذمّة الميت الذي فرض عدم الوصيّة به فإنه لو لم يفِ المال له فلا مانع من انتقال المال إلى الورثة حسب العمومات ولا دليل على الاستثناء ، وأما إذا لم يمكن العمل بالوصية كلياً فيدخل المقام في كبرى أن المال لا يمكن إيصاله إلى مالكه فيعامل معه معاملة مجهول المالك من التصدّق ونحوه .

   فتحصل : أن الحجّ الواجب على الميت لو تعذر الإتيان به لعدم وفاء المال له ينتقل المال إلى الورثة ، لأن ز المانع عنه كان هو الحجّ والمفروض عدم إمكان الإتيان به فيدخل في عمومات الارث ، وهذا بخلاف باب الوصيّة سواء كانت على نحو تعدد المطلوب أو وحدته ، فإنه لو تعذر العمل بها يصرف المال في وجوه اُخر ولا ينتقل إلى الورثة ، لأنّ المستثنى من الارث نفس الوصيّة لا الموصى به ، والمال باق على ملك الميت ، فإن أمكن الايصال إليه بصرفه في الجهات المعيّنة أو القريبة إلى غرضه فهو وإلاّ يعامل معه معاملة مجهول المالك .

   وأمّا ما ذكره المصنف وغيره من صرف المال في التصدّق ابتداء بمجرّد تعذّر الحجّ

ــ[257]ــ

نعم ، لو احتمل كفايتها للحج بعد ذلك أو وجود متبرع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ وجب
إبقاؤها ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــ

للخبر المتقدِّم فهو لا ينطبق عليه الخبر المذكور ، لأن المستفاد منه الحجّ من مكّة الذي هو أقل مصرفاً من حجّ التمتع وإن لم يتمكن من ذلك فيتصدق به .

   (1) لعلّ وجهه رجوع ذلك إلى الشك في القدرة ولا تجري البراءة في مثل ذلك بل يجري الاشتغال ، ولكن الظاهر أن مرجع الشك في المقام إلى الشك في الحكم الوضعي لا التكليفي حتى يكون مبنياً على الشك في القدرة ، فإن الشك يرجع إلى الشك في انتقال المال إلى الورثة وعدمه للشك في وفاء المال وعدمه ، فإن المال في صورة الوفاء باق على ملك الميت وعلى تقدير عدم الوفاء ينتقل إلى الورثة ، فلو شك في الوفاء وعدمه في السنة الآتية أو وجود متبرع لا مانع من استصحاب العدم ، بناء على جريان الاستصحاب في الأمر الاستقبالي وبذلك يتحقق موضوع الانتقال إلى الورثة . نعم ، لو تصرّفوا ثمّ انكشف الخلاف وظهر وفاء المال للحج فيما بعد أو وجد المتبرع يكشف أن الاستصحاب لم يكن مطابقاً للواقع ويكون ضامناً لما أتلفه ، وهذا أمر آخر وكلامنا فعلاً في جواز التصرف وعدمه ، ولذا ذكرنا في التعليقة أن الظاهر عدم وجوب الإبقاء ولكن لو ظهر الخلاف وتحقق كفايتها أو وجد المتبرع كان ضامناً لما أتلفه .
ـــــــــــــــ

(1) الظاهر عدم الوجوب ، لكن لو تحقق بعد ذلك كفايتها أو وجود متبرع بدفع التتمة كان ضامناً لما أتلفه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net