ــ[146]ــ
إرضاع الزوجة الكبيرة للصغيرة
المسألة الثانية«1»: هي ما إذا كانت له زوجتان كبيرة وصغيرة ، فأرضعت الكبيرة الصغيرة .
فالمعروف بينهم بطلان نكاحهما ، وذلك لأنّ اللبن إذا كان للزوج صارت الصغيرة بذلك بنتاً له ، والكبيرة اُمّ زوجته ، فيبطل نكاحهما ، وتحرمان مؤبّداً .
وإذا كان اللبن لغير الزوج ، فإن كانت الكبيرة مدخولا بها حرمت الصغيرة عليه مؤبّداً ، لأنّها ربيبته من زوجته التي دخل بها ، فتكون من مصاديق الآية المباركة الواردة في الربائب(1)، وحرمت الكبيرة عليه ، لأنّها اُمّ زوجته .
وإن لم تكن الكبيرة مدخولا بها بطل النكاحان ، لحرمة الجمع بين الاُمّ والبنت في النكاح ، كما يحرم الجمع بين الاُختين فيه ، وبطلان الترجيح بلا مرجّح .
وبعبارة اُخرى : أنّهما قبل الإرضاع كانتا زوجتين للرجل، وبالإرضاع حصلت نسبة الاُمومة والبنوّة بينهما، فلا بدّ من بطلان نكاح إحداهما، لحرمة الجمع بين الاُمّ والبنت في النكاح، وترجيح نكاح إحداهما في البطلان ترجيح بلا مرجّح، فلا بدّ من الالتزام ببطلان كلا النكاحين، ويجوز تجديد العقد على الصغيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
«1» تعرّض الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) لهذه المسألة (في كتاب الخلاف 5 : 105 مسألة 18 بشكل أوسع ، لأنّه فرض أنّ له زوجة كبيرة ، وثلاث زوجات صغار دون الحولين
فأرضعت منهنّ واحدة بعد واحدة . فراجعها إذا شئت ، لأنّ المسألة المفروضة أشبه بالفرض المحض ، من دون وقوع لها في الخارج .
وقد جاء في كتاب الاُمّ للشافعي 5 : 32 ـ 33 ذكر فروع متعدّدة لإرضاع الزوجة الكبيرة للصغيرة ، واحدة أو متعدّدة ، لا يهمّنا التعرّض لها ، ومن شاء فليراجع . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 23 .
ــ[147]ــ
لأنّها بنت زوجته التي لم يدخل بها ، وأمّا الكبيرة فقد صارت بارضاعها الصغيرة اُمّ زوجته ، فتحرم عليه مؤبّداً .
فظهر ممّا ذكرناه : أنّ الزوجة الكبيرة تحرم على الزوج مؤبّداً بارضاعها الزوجة الصغيرة ، سواء كان اللبن للزوج أم لغيره ، كانت مدخولا بها أم لم تكن مدخولا بها . وأمّا الزوجة الصغيرة فتحرم عليه مؤبّداً في الصورة الاُولى لصيرورتها بالإرضاع بنتاً له ، وفي الصورة الثانية أيضاً ، لصيرورتها بذلك ربيبته التي قد دخل باُمّها ، وفي الصورة الثالثة تحرم جمعاً بينها وبين اُمّها .
هذا هو المعروف بين الأصحاب ، إلاّ أنّ للمناقشة ـ في بطلان نكاح الزوجة الكبيرة ، وحرمتها على الرجل مؤبّداً ـ مجالا واسعاً ، وذلك لأنّ آن حصول الاُمومة للزوجة الكبيرة هو آن حصول البنوّة للزوجة الصغيرة ، لأنّهما من الاُمور المتضايفة ، وآن حصول البنوّة للزوجة الصغيرة هو آن زوال الزوجيّة عنها ، لا آن وجود زوجيتها ، فلم تكن الكبيرة في آن اُمَّ زوجة للرجل حتّى يبطل نكاحها .
نعم هي اُمّ لزوجته السابقة ، لا اُمّ لزوجته الفعلية ، وظاهر العنوان المحرّم هو أن يكون فعلياً .
|