العلم الإجمالي بإشتغال ذمّة الميت بحجّة الإسلام أو النذر 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3679


ــ[358]ــ

   [ 3132 ] مسألة 25 : إذا علم أنّ على الميِّت حجّاً ولم يعلم أنه حجّة الإسلام أو حجّ النذر وجب قضاؤه عنه ((1)) من غير تعيين وليس عليه كفّارة ، ولو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الكفّارة أيضاً ((2)) ، وحيث إنها مرددة بين كفّارة النذر وكفّارة اليمين فلا بدّ من الإحتياط ، ويكفي حينئذ إطعام ستين مسكيناً ، لأنّ فيه إطعام عشرة أيضاً الذي يكفي في كفّارة الحلف (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) إذا قلنا بعدم وجوب قضاء الحجّ النذري كما هو المختار لا يجب القضاء عنه أصلاً ، إذ لا نعلم باشتغال ذمّته على كل تقدير فالعلم الاجمالي غير منجز ، وأما بناء على وجوب قضاء الحجّ النذري كما اختاره المصنف وغيره فالقضاء عنه متعين لثبوت القضاء عليه على كل تقدير فيتنجز بالعلم الاجمالي ، وأمّا الكفّارة فلا ، لعدم العلم بكون الفائت حجّاً نذرياً ، فإنّ الكفّارة إنما تترتّب على حنث النذر وهو غير ثابت .

   نعم ، لو علمنا بمخالفته على تقدير ثبوت الحجّ النذري في ذمته يكون وجوب الكفارة طرفاً للعلم الاجمالي ، لأنه حينئذ يعلم إجمالاً إما بوجوب القضاء عنه لو كان الفائت حج الإسلام أو بوجوب الكفارة عليه إذا كان الفائت الحجّ النذري وإن لم نقل بوجوب قضاء الحجّ النذري ، ولا طريق لنا إلى إثبات أحدهما إلاّ بالقرعة ، هذا فيما إذا قلنا بوجوب الكفارة من مال الميت ، وأمّا إذا قلنا بسقوط وجوبها بالموت وأنها ليست كالدين فكل من الطرفين غير ثابت ، لأنّ الحجّ النذري لا يجب قضاؤه كما هو المختار ، والمفروض عدم وجوب الكفارة وسقوطها بالموت فيصبح حجّ الإسلام مشكوكاً فيه فينفى بالأصل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الظاهر عدم الوجوب فيه وفيما بعده .

(2) هذا إذا علم أنه تركه عن تقصير وقلنا بلزوم إخراج الكفارة من الأصل ، وأما إذا احتمل المعذورية فلا وجه لوجوب الكفارة . ثمّ إن الاحتياط في الكفارة مبني على تغاير الكفارتين ولكن الأظهر أن كفارة النذر هي كفارة اليمين ، هذا مع أنه على القول بالتغاير فلا موجب للاحتياط ، فإن العلم الإجمالي قد تعلق بثبوت دين على الميت مردد بين متباينين ولا موجب للاحتياط وإلزام الوارث بشيء زائد على دين الميت بل يجب حينئذ الرجوع إلى القرعة .

ــ[359]ــ

   ولو تردّد ما عليه بين الواجب بالنذر أو بالحلف فإن لم نعلم بالمخالفة العمديّة واحتملنا المعذورية فلا شيء عليه ، لأنّ الكفّارة إنّما تثبت بالمخالفة المعديّة وإحراز الحنث ، وأمّا إذا علم بالترك عمداً وأن تركه كان عن تقصير ، فإن قلنا بخروج الواجبات المالية من أصل المال فتخرج الكفارة من الأصل وإلاّ فلا . ثمّ إنه بناء على اتحاد الكفارتين وعدم المغايرة بينهما كما هو الأظهر تخرج كفّارة واحدة من التركة بناء على عدم سقوط الواجبات المالية بعد الموت ، وأمّا بناء على مغايرة كفارة النذر لكفّارة الحلف فقد ذكر في المتن أنه لا بدّ من الاحتياط ، لأنّ الشك حينئذ بين المتباينين ومقتضى القاعدة هو الاشتغال إلاّ أنه يكفي إطعام ستين مسكيناً لأن فيه إطعام العشرة الذي هو كفارة الحلف .

   وربما يقال بأن المسألة من صغريات الشك بين الأقل والأكثر ، وينحل العلم الاجمالي بوجوب الأقل والشك في الأكثر فتجري البراءة عن الأكثر ويكتفى بإطعام العشرة ، فإنه القدر المتيقن والزائد مشكوك فيه ينفى بالأصل .

   وفيه : أنّ ما اشتهر من أنّ الأقل هو المتيقن ، فيه مسامحة واضحة ، فإنّ العبرة في جريان البراءة في مسألة الشك بين الأقل والأكثر بالعلم بكون الأقل مورداً للتكليف والشك في إطلاقه وتقييده ، فالمتيقن هو الطبيعي المهمل لا على نحو بشرط شيء ولا اللاّ بشرط القسمي ، مثلاً لو شك في جزئية السورة للصلاة فيرجع الشك إلى أن بقية الأجزاء مطلقة من حيث السورة أو مقيدة بها ، فكل من الاطلاق والتقييد غير معلوم وليس الأقل متيقناً ، فالمراد بكون الأقل متيقناً هو الجامع الطبيعي المهمل ، وأما الطبيعي المطلق فلا نعلم به كما لا نعلم بالطبيعي المقيد ، فالعلم الاجمالي الدائر بين الأقل والأكثر هو العلم بوجوب الأقل على سبيل الاهمال .

   هذا ، ولكن مع ذلك تجري البراءة في المقام بملاك آخر ، وهو أن الاطلاق إرفاق للمكلّف ولا كلفة فيه بخلاف التقييد فإن فيه تضييقاً عليه وحيث إنه مشكوك فيه يدفع بالأصل ، وتوضيح ذلك : أن الميزان في جريان البراءة عن الأكثر في الشك بين

ــ[360]ــ

الأقل والأكثر أن يكون التكليف متعلقاً بالأقل قطعاً ونشك في إطلاقه وتقييده وتجري البراءة عن التقييد ، مثلاً نعلم أن غير السورة من أجزاء الصلاة واجب ونشك في تقييد هذه الأجزاء بالسورة أو إطلاقها فتجري البراءة عن التقييد ، وأما لو كان متعلق التكليف في أحدهما مغايراً للآخر فتعلّق التكليف بكل منهما غير معلوم وإن كان أحدهما أقل من الآخر ، ومجرد أن أحدهما أقل لا يجدي في جريان البراءة عنه ، مثلاً لو علم إجمالاً بأنه مدين لزيد أو لعمرو ، ولكن على تقدير كونه مديناً لزيد دينه أقل من دين عمرو ، فلا تجري البراءة في المقام ، ولا يعد ذلك من باب الشك بين الأقل والأكثر بل الشك حينئذ بين المتباينين ، لأن تعلق التكليف بكل من الأقل والأكثر غير معلوم ، وهكذا الحال في مسألتنا فإن التكليف لم يعلم تعلقه بإطعام عشرة مساكين حتى يقال بأن الشك في إطلاقه وتقييده ، بل التكليف تعلق بالجامع المردد بين إطعام العشرة والجامع بين إطعام الستين وعِدليه ، فالشك في المقام بين المتباينين .

   نعم ، بحسب الخارج تكون العشرة في ضمن الستين وإلاّ فهما في الحقيقة متباينان والعبرة في الملاك الذي لأجله تجري البراءة إنما هي بملاحظة نفس التكليف ومتعلقه لا بملاحظة التطبيق الخارجي .

   ثمّ إنّ الاحتياط الذي ذكره بإطعام ستين إنما يصح بالنسبة إلى نفس المكلّف ، وأما إذا كان الاطعام عن الميت وخروجه من تركته فكيف يمكن الاحتياط بإعطاء الأكثر ؟ ولا موجب لإلزام الوارث بشيء زائد على دين الميت بل يجب حينئذ الرجوع إلى القرعة ، لأن العلم الاجمالي قد تعلق بثبوت دين على الميت مردد بين متباينين ولا وجه للتصرف الزائد في ملك الميت ، وقد مرّ نظير هذه المسألة في بحث الزكاة في المسألة السادسة من الختام والمسألة 30 من الخُمس وقرّبنا في التعليقة الرجوع إلى القرعة .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net