إرضاع الكبيرتين الزوجة الصغيرة
المسألة الثالثة : لو كانت للرجل زوجتان كبيرتان وزوجة صغيرة
فأرضعتها إحدى الكبيرتين الرضاع المحرّم أوّلا ، ثمّ أرضعتها الاُخرى كذلك .
والمشهور حرمة الكبيرتين مؤبّداً ، لأنّ كلاًّ منهما تصير اُمّ زوجته ، وكذلك الصغيرة إن كان لبن إحداهما له ، أو كانت إحداهما مدخولا بها ولم يكن اللبن له لأنّها على الأوّل بنته ، وعلى الثاني ربيبته من زوجته التي دخل بها . وإن لم يكن اللبن له ولم يتحقّق الدخول حرم جمعهما. هذا هو المشهور .
أقول : أمّا الكلام في المرضعة الاُولى فهو بعينه الكلام فيما لو اتّحدت ، من حيث وجوه استدلال المشهور على أنّها اُمّ زوجته وفسادها ، وقد عرفت أنّ التحقيق عدم حرمتها .
ومنه يظهر عدم حرمة الثانية ، لأنّه لو سلّمنا صدق اُمّ الزوجة على الاُولى لاتّصال زمان زوجية الصغيرة بزمان اُمومة الكبيرة ، لما سلّمنا ذلك في هذه المسألة بالنسبة إلى الكبيرة الثانية ، لعدم اتّصال الزمانين ، بل قد يتأخّر إرضاع الثانية بأيّام أو بشهور ، فكيف يصدق عليها أنّها اُمّ لزوجته ؟ نعم هي اُمّ لزوجته السابقة ، لتأخّر زمان الاُمومة عن زمان زوجية الصغيرة بكثير ، فهي أرضعت بنته لا زوجته ، كما صرّح بذلك في رواية ابن مهزيار(1).
ولولا ضعف سندها لكانت أقوى شاهد على فساد ما ذهب إليه المشهور ولعلّه لذلك أعرض عنها الأصحاب ، وأفتوا بحرمة الثانية مؤبّداً أيضاً كالاُولى . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) المتقدّمة ص150 .
ــ[155]ــ
وبالجملة : لو استند المشهور في تحريم الكبيرة الاُولى إلى أحد الوجوه الثلاثة الاُول من الوجوه الستّة المتقدّمة ـ وهي أعمّية المشتق من المتلبّس ومن انقضى عنه المبدأ ، أو كفاية أدنى الملابسة في الإضافة ، أي إضافة الاُم إلى النساء في الآية الشريفة(1)، أو وحدة السياق في الآية المباركة بين اُمّهات النساء والربائب من النساء المدخول بهنّ(2) المقتضية لإرادة الأعمّ من النساء الفعلية والنساء السابقة ـ لكان للقول بحرمة الكبيرة الثانية وجه ، لجريان تلك الوجوه فيها ، إلاّ أنّك قد عرفت ضعفها .
ولو استندوا إلى الوجوه الثلاثة الأخيرة ـ من مسامحة العرف لو اتّصل زمان اُمومة الكبيرة بزمان زوجيّة الصغيرة ، ومن رواية ابن مهزيار(3) المصرّحة بحرمة الاُولى دون الثانية ، ومن كفاية المقارنة في الرتبة ، أي رتبة اُمومة الكبيرة وزوجية الصغيرة ـ لم يسعهم القول بحرمة الكبيرة الثانية ، لعدم جريان تلك الوجوه فيها ، بل الرواية المذكورة قد صرّحت بفساد ما أفتوا به .
وكيف كان ، فالقول بحرمة الكبيرة الثانية أضعف من القول بحرمة الاُولى عندنا ، وإن ذهب إليه المشهور .
وأمّا الصغيرة فالمختار فيها ما تقدّم في المسألة الاُولى من حرمتها مؤبّداً في صورة كون اللبن للزوج ، أو كون المرضعة مدخولا بها ، وبطلان نكاحها ونكاح الكبيرة في صورة عدم تحقّق شيء من الأمرين ، لحرمة الجمع ، وعدم الترجيح ، وله تجديد العقد على أيّهما شاء . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) النساء 4 : 23 . (2) النساء 4 : 23 . (3) المتقدّمة في ص150 .
|