حكم نيابة العبد - الكلام في النيابة عن الكافر بأقسامه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3978


ــ[12]ــ

   [ 3143 ] مسألة 2 : لا يشترط في النائب الحرية ، فتصحّ نيابة المملوك بإذن مولاه ولا تصحّ استنابته بدونه ، ولو حج بدون إذنه بطل (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على ترك الحج عن نفسه فيبطل عقد الإجارة للتعليق المجمع على بطلانه ، وعليه فلا يستحق النائب اُجرة المسمّى ، نعم لا ريب في استحقاقه اُجرة المثل بناء على القاعدة المعروفة كلّ شيء يضمن بصحيحه يضمن بفاسده .

   ثمّ إنّ بطلان الحج النيابي على القول به لا بدّ من تخصيصه بحال العلم والعمد ، أعني فيما إذا  كان الأمر بحج الإسلام منجزاً ، كما إذا كان عالماً بوجوب الحج وكان له مال يتمكّن معه من الحج ويتركه ، أو كان جاهلاً به جهلاً غير عذري ، وأمّا إذا  كان معذوراً فلا مانع من الأمر بالضدّ الآخر ، فإن الأمر الواقعي غير منجز والمانع إنّما هو الأمر المنجز ، وكذا لو لم يتمكّن من الحج عن نفسه أصلاً ، فإنّ مجرّد اشتغال الذمّة واقعاً غير مانع عن الأمر بالضد الآخر .

   وأظهر من ذلك مورد الغفلة الذي يوجب سقوط الأمر بالأهم بالمرّة ، إذ لا مانع من فعلية الأمر بالضد الآخر حينئذ .

   وبذلك يظهر الحال في صحّة الاستئجار مع عدم تنجز وجوب الحج عليه ولو من جهة الجهل إذا كان معذوراً ، وقد تقدّم الكلام في هذه المسألة مفصلاً في المسألة العاشرة بعد المائة من شرائط وجوب الحج (1) .

   (1) لا تعتبر الحرية في النائب بعد كونه مؤمناً عارفاً بالحق ، لإطلاق الأدلّة والعبودية غير مانعة ، نعم تحتاج نيابته إلى إذن المولى ولا تصح بدونه للحجر عليه المستفاد من قوله تعالى : (عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء)(2) وكذلك استئجاره ، نعم لا بأس بالإجازة اللاحقة كما هو الحال في نكاحه ، لأنه لم يعص الله وإنما عصى سيّده كما في النص (3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع شرح العروة 26 : 282 ذيل المسألة [ 3108 ] .

(2) النحل 16 : 75 .

(3) الوسائل 21 : 114 / أبواب نكاح العبيد ب 24 ح 1 .

ــ[13]ــ

   [ 3144 ] مسألة 3 : يشترط في المنوب عنه الإسلام ، فلا تصح النيابة عن الكافر ((1)) لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه ، لمنعه وإمكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه ، بل لانصراف الأدلّة ، فلو مات مستطيعاً وكان الوارث مسلماً لا يجب عليه استئجاره عنه ، ويشترط فيه أيضاً كونه ميتاً أو حياً عاجزاً في الحج الواجب فلا تصحّ النيابة عن الحي في الحج الواجب إلاّ إذا كان عاجزاً ، وأمّا في الحج الندبي فيجوز عن الحي والميت تبرعاً أو بالإجارة (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) يقع الكلام تارة في المشرك واُخرى في غيره من أصناف الكفّار ، أمّا المشرك أو من هو أعظم منه كالملحد فلا ريب في عدم جواز النيابة عنهم مطلقاً في الواجبات والمندوبات ، لعدم قابلية التقرب بالنسبة إليهم وقد قال الله تعالى : (ما كان للنبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اُولي قربى)(2) ، فهم غير قابلين للغفران وإنّما هم كالحيوان بل هم أضل(3) ، فكما لا تجوز النيابة عن الحيوان كذلك عن المشرك .

   وأمّا غير المشرك من أصناف الكفار كاليهود والنصارى بل المجوس بناء على أنهم من أهل الكتاب فيقع البحث فيه في موردين :

   أحدهما : في لزوم النيابة عنه في الحج الواجب إذا كان الوارث مسلما .

   ثانيهما : في النيابة عنه في الحج الندبي سواء كان ميتاً أو حيا .

   أمّا الأوّل : فإن قلنا بعدم تكليف الكافر بالفروع كما هو المخـتار فالأمر واضح لعدم كون الحج واجباً عليه ليستناب عنه فلا موجب لإخراج الحج من التركة ، وإن قلنا بأنهم مكلفون بالفروع كما هو المشهور فأدلّة وجوب النيابة منصرفة عن الكافر لأنّ الظاهر من الأسئلة الواردة في روايات النيابة إنما هو السؤال عمّن يتوقّع منه الحج

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إلاّ في الناصب إذا كان أباً للنائب .

(2) التوبة 9 : 113 .

(3) الأعراف 7 : 179 .

ــ[14]ــ

ولم يحج ، فإن قول السائل : «مات ولم يحج ولم يوص» (1) ونحو ذلك ينصرف إلى المسلم ولا يشمل الكافر الذي لا يتوقّع منه الحج ، بل لا يبعد جريان السيرة على عدم الاستنابة للكافر من زمن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لأنّ كثيراً من المسلمين كان أبواهم من الكفّار خصوصاً في أوائل الإسلام ، ولم يعهد أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو أحداً من الأئمة (عليهم السلام) يأمرهم بالنيابة عن والديهم .

   وأمّا الثاني : وهو النيابة عنه في المندوبات سواء كان حيّاً أو ميتاً فيشكل عدم جواز النيابة عنهم ، إذ لا مانع من الإحسان إليهم بالحج كما لا مانع من الإحسان إليهم بالصدقات والأعمال الخيرية ، لإمكان تقرّب الكافر ولو بالتخفيف في عقابه وعذابه هذا فيما إذا لم يكن  معانداً  لأهل  البيت  (عليهم  السلام) كالكثير منهم خصوصاً المستضعفين منهم بل بعضهم يوالي أهل البيت (عليهم السلام) ، وأمّا إذا كان معانداً فيدخل في الناصب الذي لا يحجّ عنه إلاّ إذا كان أباً للنائب كما في النص(2) .

   وربّما يتوهّم أنّ الناصب إذا لم تصح النيـابة عنه مع كونه مسلماً بحسب الظاهر لاعتقاده النبوّة فلا تصحّ من الكافر أيضاً بطريق أولى ، لأنه ممّن حادّ الله ورسوله .

   وفيه : أن الناصب المعاند لا ريب في كونه أخبث وأشد بعداً من الله تعالى ، وقد ورد في النص الصحيح أنّ الناصب لنا أهل البيت شرّ من اليهود والنصارى والمجوس(3) .

   وبالجملة : إن تمّ انصراف أدلّة النيابة عن الكافر فهو ، والأصل عدم مشروعية النيابة عنه ، لأنّ الفعل الصادر من النائب على وجه النيابة عن الكافر عبادة نشك في مشروعيتها والأصل عدمها ، وإن لم يتم الانصراف ـ كما لا يبعد ـ فلا بأس بجواز النيابة عنه لإمكان انتفاعه ولو بالتخفيف في عقابه في الآخرة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 72 / أبواب وجوب الحج ب 28 .

(2) الوسائل 11 : 192 / أبواب النيابة في الحج ب 20 ح 1 .

(3) الوسائل 1 : 220 / أبواب الماء المضاف ب 11 ح 5 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net