الخروج من مكّة بعد الاتيان بعمرة التمتع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3954


ــ[208]ــ

   [ 3209 ] مسألة 2 : المشهور أ نّه لا يجوز الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحج وأ نّه إذا أراد ذلك عليه أن يحرم بالحج فيخرج محرماً به ، وإن خرج مُحلاًّ ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة ، وذلك لجملة من الأخبار الناهية عن الخروج ، والدالّة على أ نّه مرتهن ومحتبس بالحج ، والدالّة على أنه لو أراد الخروج خرج ملبِّياً بالحج ، والدالّة على أ نّه لو خرج مُحلاًّ فإن رجع في شهره دخل محلاًّ وإن رجع في غير شهره دخل محرماً، والأقوى عدم حرمة الخروج((1)) وجوازه محلاًّ حملاً للأخـبار على الكراهة ـ  كما عن ابن إدريس (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالنسبة إلى صحيح ابن مسلم فإنّه لو سلمنا ظهوره في التفريق نلتزم بجوازه في خصوص الحج عن الأب ، فالمتبع في غير ذلك هو القاعدة المقتضية لعدم جواز التفريق كما هو الحال في التفريق في صوم يوم واحد وصلاة واحدة .

   (1) المعروف والمشهور أو الأشهر أنه لا يجوز للمتمتع بعد الاتيان بعمرته الخروج من مكّة وأنه محتبس ومرتهن بالحج إلى أن يأتي بالحج إلاّ مع الاضطرار والحاجة إلى الخروج فيخرج محرماً للحج ، فإن رجع في شهره إلى مكّة فيخرج إلى الحج من دون إحرام جديد ، وإن رجع في غير شهره يحـرم من جديد ويلغي إحرامه الأوّل ، وإن خرج محلاًّ ورجع في شهره يرجع محلاً ويحرم من مكّة بالحج ، وإن رجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة ويدخل .

   وقد دلّت على هذه الأحكام روايات كثيرة معتبرة واضحة الدلالة .

   فمنها : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال «قلت له : كيف أتمتع ؟ قال : تأتي الوقت فتلبي إلى أن قال : وليس لك أن تخرج من مكّة حتى تحج» (2) .

   ومنها : صحيحة اُخرى لزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : كيف أتمتع ؟ فقال : تأتي الوقت فتلبي بالحج إلى أن قال : وهو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل لا يبعد الحرمة ، وما استدل به على الجواز لا يتم .

(2) الوسائل 11 : 301 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 1 .

ــ[209]ــ

(رحمه الله) وجماعة اُخرى ـ بقرينة التعبير بـ  (لا أحبّ) في بعض تلك الأخبار وقوله (عليه السلام) في مرسلة الصدوق (قدس سره) : «إذا أراد المتمتِّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلاّ أن يعلم أنه لا يفوته الحج» ونحوه الرضوي ، بل وقوله (عليه السلام) في مرسل أبان : «ولا يتجاوز إلاّ على قدر ما لا تفوته عرفة» ، إذ هو وإن كان بعد قوله : «فيخرج محرماً» إلاّ أنه يمكن أن يستفاد منه أن المدار فوت الحج وعدمه ، بل يمكن أن يقال : إنّ المنسـاق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحج وفوته لكون الخروج في معرض ذلك ، وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحج منه ، نعم لا يجوز الخروج لا بنية العود أو مع العلم بفوات الحج منه إذا خرج .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

محتبس ليس له أن يخرج من مكّة حتى يحج» (1) .

   ولكن المصنف تبعاً لجماعة اختار الجواز وحمل الروايات الناهية على الكراهة ، بل ذكر (قدس سره) أنه يمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحج منه واستشهد بوجوه :

   منها: التعبير بقوله «ما اُحب» في صحيح الحلبي ، قال (عليه السلام) : «وما اُحبّ أن يخرج منها إلاّ محرماً» ، فإن قوله «وما اُحب» ظاهر في الكراهة فنرفع اليد عن ظهور بقيّة الأخبار في المنع .

 وفيه : ما لا يخفى ، فإن جملة «لا اُحب» غير ظاهرة في الكراهة بالمعنى الأخص بل استعملت في القرآن المجيد في الموارد المبغوضة المحرمة كثيراً ، كقوله تعالى : (والله لايحبّ الفساد)(2) وقوله عزّ وجلّ: (لايحبّ الله الجهر بالسّوء)(3) وهو الغيبة المحرمة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 302 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 5 ، 7 .

(2) البقرة 2 : 205 .

(3) النساء 4 : 148 .

ــ[210]ــ

وكذلك ما نسب إلى الذوات كقوله عزّ من قائل: (إنّ الله لايحبّ المعتدين)(1) (والله لا يحبّ الظالمين)(2) (فإنّ الله لا يحبّ الكافرين)(3) وغير ذلك من الآيات الكريمة فإنّ الظاهر منها أ نّه تعالى لا يحبّهم لأجل إسرافهم واعتدائهم وكفرهم وظلمهم ولمبغوضية هذه الأفعال عنده تعالى ، بل تستعمل هذه الجملة في المبغوضية حتى في المحاورات فيما بين العقلاء .

   وبالجملة : جملة «لا اُحب» غير ظاهرة في الجواز مع الكراهة ، بل إما تستعمل في المبغوضية المحرمة أو الأعم منها ومن الكراهة ، فلا تكون هذه الجملة صالحة لرفع اليد عن ظهور تلك الروايات في الحرمة .

   ومنها : مرسل الصدوق ، قال «قال الصادق (عليه السلام) : إذا أراد المتمتع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك ، لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلاّ أن يعلم أنه لا يفوته الحج» (4) فإن المستفاد منه أن المنع عن الخروج من جهة احتمال فوت الحج ، فلو علم بعدم الفوت فلا يحرم الخروج .

   وفيه : ضعف السند بالارسال وإن كان ظاهر كلام الصدوق ثبوت كلام الصادق (عليه السلام) عنده ، ولذا يقول (قدس سره) قال الصادق (عليه السلام) ، ولو لم يكن كلامه (عليه السلام) ثابتاً عنده لم ينسب الخبر إليه صريحاً بل قال : روي ونحو ذلك ولكن مع ذلك لا نتمكّن من الحكم بحجية المرسلة لسقوط الوسائط بينه وبين الإمام (عليه السلام) ، ولعلّه (قدس سره) بنى على أصالة العدالة التي لا نعتمد عليها ، فمجرّد الثبوت عند الصدوق لا يجدي في الحجية .

 ومنها : الرضوي(5) ، ومضمونه كمضمون المرسل المزبور ، ولكن الفقه الرضوي لم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 190 .

(2) آل عمران 3 : 57 .

(3) آل عمران 3 : 32 .

(4) الوسائل 11 : 304 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 10 ، الفقيه 2 : 238 / 1139 .

(5) المستدرك 8 : 99 / أبواب أقسام الحج ب 17 ح 1 .

ــ[211]ــ

   ثمّ الظاهر أن الأمر بالإحرام إذا  كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكل شهر عمرة لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يثبت كونه رواية فضلاً عن كونه موثقاً .

   ومنها : خبر أبان وفيه : «فيخرج محرماً ، ولا يجاوز إلاّ على قدر ما لا تفوته عرفة» (1) فإن المستفاد منه أنّ المدار في جواز الخروج وعدمه فوت الحج وعدمه .

   وفيه : أنه مخدوش سنداً من وجهين ، لأنّ معلى بن محمّد يرويه عمن ذكره ويروي أبان عمن أخبره ، هذا مضافاً إلى أنه يدل على جواز الخروج مع الحاجة محرماً وهو خارج عن محل الكلام .

   وأغرب من ذلك قول المصنف : إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفظ عن عدم إدراك الحج وفوته . إذ كيف يمكن استفادة ذلك من تلك الروايات مع التصريح فيها بعدم جواز الخروج محلاً مطلقاً وجوازه محرماً مع الحاجة .

   ثمّ إنّ المصنف (قدس سره) بعدما اختار الجواز وحمل الأخبار الناهية على الكراهة ذكر أنه يمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً ، لأنّ الممنوع هو الخروج فيما إذا خاف فوت الحج ، وأمّا لو علم بعدم فوت الحج منه فلا منع أصلاً حتى على وجه الكراهة . وبعبارة اُخرى : يظهر من الروايات المانعة أن المنع عن الخروج إرشاد إلى لزوم التحفّظ على إدراك الموقف وعدم فوت الحج عنه وليس حكماً تعبدياً ، فإذا لم يكن خائفاً من الفوت فلا مانع من الخروج حتى على وجه الكراهة .

   ولكن قد عرفت عدم إمكان رفع اليد عن ظهور تلك الروايات في المنع بل صراحتها في ذلك .

   وربّما يقال بأنّ مرسل موسى بن القاسم عن بعض أصحابنا «أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) في عشر من شوال فقال : إني أريد أن اُفرد عمرة هذا الشهر ، فقال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 304 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 9 .

ــ[212]ــ

الإحرام على من دخل مكّة ، بل هو صريح خبر إسحاق بن عمّار ، قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المتمتِّع يجيء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل ، قال (عليه السلام) : يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتّع فيه لأنّ لكل شهر عمرة وهو مرتهن بالحج» إلخ، وحينئذ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب لا الوجوب لأنّ العمرة التي هي وظيفة كل شهر ليست واجبة ((1)) لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده كصحيحتي حمّاد وحفص ابن البختري ((2)) ومرسلة الصدوق والرضوي ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنت مرتهن بالحج ، فقال له الرجل : إن المدينة منزلي ومكّة منزلي ولي بينهما أهل وبينهما أموال ، فقال له : أنت مرتهن بالحج ، فقال له الرجل : فإن لي ضياعاً حول مكّة وأحتاج إلى الخروج إليها ، فقال : تخرج حلالاً وترجع حلالاً إلى الحج» (3) صريح في جواز الخروج محلاً ، لكن الاشكال في سنده .

   وفيه : أن الظاهر كونه أجنبياً عن مورد الكلام ولا أثر له حتى إذا كان معتبراً سنداً ، وذلك لأنّ مورده عمرة الافراد ومحل كلامنا عمرة التمتّع المرتبطة بالحج ، ولا ريب في جواز الخروج بعد العمرة المفردة ، لأنها عمل مستقل وغير مرتبط بالحج وأمّا قوله : «وأنت مرتهن بالحج» فلا بدّ من حمله على أن الحج كان واجباً عليه وأنه كان حج الإفراد كما يظهر من قوله (عليه السلام) : «وترجع حلالاً إلى الحج» ، فكأنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نعم ولكن الإحرام لدخول مكّة واجب إذا كان بعد شهره ، وقد صرّح في صحيحة حماد بن عيسى بأن العمرة الاُولى لاغية ولا تكون عمرة التمتّع وإنما التمتّع بالعمرة الثانية .

(2) ليس في صحيحة حفص تعرض لذلك ، وأمّا صحيحة حماد فالمذكور فيها الرجوع في شهره والرجوع في غيره فتحمل ـ بقرينة موثقة إسحاق ـ على أن المراد بالشهر فيها هو الشهر الذي اعتمر فيه .

(3) الوسائل 11 : 301 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 3 .

ــ[213]ــ

وظاهرها الوجوب، إلاّ أن تحمل على الغالب من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل لكنّه بعيد فلا يترك الاحتياط بالإحرام إذا كان الدخـول في غير شهر الخروج (1)

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(عليه السلام) قال له : يجب عليك الحج وأنت مرتهن به وإن جاز لك الخروج من مكّة ولكن ترجع لأداء الحج . وكيف كان ، فمورد الرواية العمرة المفردة ومحل كلامنا عمرة التمتّع فالرواية أجنبية عن محل الكلام .

   (1) ذكر المصنف (قدس سره) في هذا المقام فرعاً آخر وهو أن المعتمر متعةً إذا خرج من مكّة محلاًّ سواء كان الخروج جائزاً كما هو المختار عنده أو محرماً كما هو المختار عندنا وأراد الرجوع إلى مكّة بعد شهر فهل يجب عليه الإحرام للدخول إلى مكّة بعمرة اُخرى أو لا يجب ؟

   اختار الثاني بدعوى أن الأمر بالإحرام من جهة أن لكل شهر عمرة ، وليس ذلك من جهة التعبد أو لفساد عمرته السابقة ، أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة ، وإنما أمر به استحباباً لا على وجه الوجوب ، لأنّ العمرة في كل شهر مستحبة وليست بواجبة فالإحرام يكون مستحباً ، وذكر (قدس سره) أن الحكم بالاستحباب ممّا يدل عليه صريحاً صحيح إسحاق بن عمّار ، قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن المتمتع يجيء فيقضي متعة ثمّ تبدو له الحاجة فيخرج إلى المدينة وإلى ذات عرق أو إلى بعض المعادن ، قال : يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتّع فيه لأنّ لكل شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج ، قلت : فإنه دخل في الشهر الذي خرج فيه» الحديث(1) فإن التعليل بأن لكل شهر عمرة صريح في أن الأمر بالإحرام ثانياً لدخول مكّة على وجه الاستحباب ، لأنّ العمرة لكل شهر ليست بواجبة بل هي مستحبّة .

   ويرد على ما ذكره أن الصحيحة ناظرة إلى أن العمرتين لا تصحّان في شهر واحد فإذا كان رجوعه في نفس الشهر الذي وقعت فيه الاُولى فلا حاجة إلى الثانية ، وإن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 303 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 8 .

ــ[214]ــ

كان رجوعه في شهر آخر فلا بدّ من عمرة ثانية ، ولا نظر فيها إلى الاستحباب أصلا .

   والذي يكشف عما ذكرناه أن المتعة المعادة في مفروض الرواية هي عمرة التمتّع على ما يظهر من قوله (عليه السلام) : «فإن لكل شهر عمرة ، وهو مرتهـن بالحج» فإن الارتهان بالحج يقتضي كون العمرة عمرة التمتّع وأمّا المفردة فهي غير مرتبطة بالحج بوجه، وقد صرّح بذلك في ذيل صحيحة حماد الآتية، وهي إمّا واجبة أو غير مشروعة فإن كان الرجوع في نفس الشهر فهي غير مشروعة لأنّ العمرتين لا تصحّان في شهر وإن كان في شهر آخر لزمته العمرة وتلغى الاُولى كما صرّح به في ذيل الصحيحة، وبعد ذلك كيف يمكن القول بأنّ الأمر بالإحرام من جهة الاستحباب ، هذا .

   ولو قطعنا النظر عن ذلك وفرضنا أن مورد الرواية العمرة المفردة فإنه مع ذلك أيضاً لا يمكن القول بالاسـتحباب للتعليل في النص بأن لكل شهر عمرة ، فإن استحباب العمرة نفسياً لا ينافي وجوب الإحرام لدخول مكّة الواجب عليه من جهة أداء فريضة الحج ، إذ لا موجب لرفع اليد عمّا دلّ على حرمته إلاّ في موارد خاصّة وكون العمرة مستحبة في نفسها لا يستلزم جواز الدخول بغير إحرام كما هو ظاهر .

   ثمّ ذكر المصنف (قدس سره) أن المستفاد من جملة من الأخبار كصحيحي حماد وحفص بن البختري وغيرهما أن المدار في لزوم الإحرام والاعتمار على الدخول في شهر الخروج أو بعده لاشهر الاعتمار ، يعني يحسب الشهر من خروجه عن مكّة ودخوله إليها ، فربّما يفصل بين العمرتين بأزيد من شهر وإن كان دخوله قبل مضي شهر من خروجه كما إذا اعتمر في أوّل شوال وخرج من مكّة في آخره ثمّ دخل مكّة في عشرين من ذي القعدة ، فحينئذ لا ينطبق التعليل بأن لكل شهر عمرة الذي استفدنا منه استحباب الإحرام على التفصيل بين الرجوع في الشهر والرجوع بعده فيجب الأخذ بظاهر الأمر بالإحرام المقتضي للوجوب .

   وبعبارة اُخرى : إنما نلتزم بالاستحباب لظاهر التعليل بان لكل شهر عمرة الوارد في معتبرة إسحاق بن عمّار ، ولكنه لا ينطبق على ما ورد في صحيح حماد ، حيث جعل العبرة فيه بشهر الخروج لا بشهر الاعتمار ، فحينئذ لا موجب لرفع اليد عن ظهور

ــ[215]ــ

بل القدر المتيقن من جواز الدخول مُحلاً صورة كونه قبل مضي شهر من حين الإهلال أي الشروع في إحرام العمرة ، والإحلال منها ، ومن حين الخروج ، إذ الإحتمالات في الشهر ثلاثة : ثلاثون يوماً من حين الإهلال وثلاثون من حين

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأمر بالإحرام في الوجوب ، إلاّ أن يحمل صحيح حماد على الغالب من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل ، فيتّحد مورد الصحيح مع مورد التعليل الوارد في معتبرة إسحاق وينطبق شهر الاعتمار على شهر الخـروج ، ولكنه بعيد ، ولذا احتاط الماتن (قدس سره) في وجوب الإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج .

   ويرد على ما ذكره أن صحيحة حماد عن أبي عبدالله (عليه السلام) لم يذكر فيها أن المدار بشهر الخروج وأن الشهر يحسب من زمان الخروج ، فإنه قال : «من دخل مكّة متمتعاً في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج ـ  إلى أن قال  ـ : إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، وإن دخل في غير الشهر دخل محرماً ، قلت : فأي الإحرامين والمتعتين متعة الاُولى أو الأخـيرة ؟ قال : الأخيرة هي عمرته وهي المحتبس بها التي وصلت بحجّته» الحديث(1) ولا قرينة ولا دليل على أن المراد بالشهر المذكور فيه هو شهر الخروج بل لا يبعد أن يراد به الشهر الذي تمتّع فيه فيتحد الروايتان صحيحة إسحاق وصحيحة حماد بحسب المورد .

   ولو تنزّلنا عن ذلك فلا أقل من الاجمال ، فصحيح حماد إمّا يتحد مورده مع صحيح إسحاق أو يكون مجملاً ، فعليه يصح أن يقال : إنه لا عبرة بشهر الخروج أصلاً ، إذ لم يرد ذلك في أيّ رواية معتبرة ، أمّا صحيح حماد فقد عرفت حاله ، وأمّا صحيح حفص بن البختري فلم يتعرض فيه لذكر الشهر أصلاً ، فقد روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في رجل قضى متعة وعرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها قال فقال : فليغتسل للاحرام وليهل بالحج وليمض في حاجته فإن لم يقدر على الرجوع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 :302 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 6 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net