حكم المرأة إذا حاضت أثناء طواف عمرة التمتع 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5064


ــ[253]ــ

   [ 3212 ] مسألة 5 : إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة التمتّع فإن كان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها على الأقوى ((1)) ، وحينئذ فإن كان الوقت موسعاً أتمّت عمرتها بعد الطّهر وإلاّ فلتعدل((2)) إلى حج الإفراد وتأتي بعمرة مفردة بعده ، وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف وبعد الطّهر تأتي بالثلاثة الاُخرى وتسعى وتقصّر مع سعة الوقت، ومع ضيقه تأتي بالسعي وتقصّر ثمّ تحرم للحج وتأتي بأفعاله ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحج أو بعده ((3)) ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحج ، وحجّها صحيح تمتّعاً ، وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطّواف وقبل صلاته (1) .

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) هذه المسألة لها صور :

   الاُولى : أن يطرأ الحيض قبل إتمام أربعة أشواط مع سعة الوقت للاستئناف فالمشهور فيها البطلان ولزوم الاستئناف ، واستدل على ذلك بعدة روايات .

   منها : ما رواه الصدوق باسناده عن ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبدالله (عليه السلام) «عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثمّ طمثت ، قال : تمّ طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامّة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج وإن هي لم تطف إلاّ ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج ، فإن أقام بها جمّالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر» (4) .

   ورواه الشيخ عن أبي عبدالله (عليه السلام) باختلاف يسير عن إبراهيم بن أبي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والأحوط الإتيان بطواف بعد طهرها بقصد الأعم من الإتمام والتمام ، كما أن الأحوط ذلك أيضاً فيما إذا حدث الحيض بعد تمام أربعة أشواط .

(2) تقدّم أن حكمها التخيير .

(3) الظاهر لزوم القضاء قبل طواف الحج .

(4) الوسائل 13 : 445 / أبواب الطواف ب 85 ح 4 .

ــ[254]ــ

إسحاق عن سعيد الأعرج إلى قوله : «فلتستأنف بعد الحج» (1) ، والرواية بكلا طريقيها ضعيفة ، فإنّ إبراهيم الواقع في السند إن كان هو النهاوندي فهو ضعيف وإن كان غيره فمجهول. على أن الطريق الأوّل فيه إرسال والطريق الثاني فيه محمّد بن سنان، هذا مضافاً إلى أنها لا تدل على بطلان الأشواط الثلاثة وعدم جواز إتمامها بأربعة أشواط بعد الطهر فيما إذا تمكنت من ذلك ، بل هي تدل على وجوب العدول إلى الحج ، وموردها من لا يتمكن من الطواف قبل الحج ، وهو خارج عن محل الكلام كما هو المفروض في الرواية فيمن حاضت بعد أربعة أشواط .

   ومنها : ما رواه الشيخ بإسناده عن أبي إسحاق صاحب اللؤلؤ ، قال : «حدثني من سمع أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : في المرأة المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثمّ حاضت فمتعتها تامّة ، وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر» (2) .

   ورواه الشيخ الكليني عن إسحاق بياع اللؤلؤ إلى قوله : «فمتعتها تامّة» (3) ، فإن الرواية تدل بمفهومها على عدم تمامية المتعة لها إذا طافت أقل من أربعة أشواط ولكنّها ضعيفة بأبي إسحاق صاحب اللؤلؤ كما عن الشيخ وبإسحاق بياع اللّؤلؤ كما عن الكليني ، وبالارسال . على أن موردها أيضاً من لا تتمكن من الطواف قبل الحج فلا دلالة لها على فساد الأشواط الثلاثة وعدم جواز إتمامها بعد الطهر إذا أمكنها ذلك.

   ومنها : ما رواه الشيخ الكليني عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عمن ذكره عن أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال : «سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثمّ اعتلت ، قال : إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت ، فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله» (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 456 / أبواب الطواف ب 86 ح 1 ، التهذيب 5 : 393 / 1371 .

(2) الوسائل 13 : 446 / أبواب الطواف ب 86 ح 2 ، التهذيب 5 : 393 / 1370 .

(3) الكافي 4 : 449 / 4 .

(4) الوسائل 13 : 454 / أبواب الطواف ب 85 ح 2 ، الكافي 4 : 449 / 3 .

ــ[255]ــ

   ومنها : ما رواه الشيخ الكليني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع ، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقيّة طوافها من الموضع الذي علمته ، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوّله» (1) وهذه الرواية وإن كانت دلالتها على بطلان الطواف ظاهرة إلاّ أنها ضعيفة ، فإن في سندها سلمة بن الخطاب ولم تثبت وثاقته ، وقال النجاشي : إنه ضعيف في حديثه (2) .

   وذهب الشيخ الصدوق (قدس سره) إلى الصحّة وجواز إتمام الطواف بعد الطهر والاغتسال ، قال في الفقيه : وروى حريز عن محمّد بن مسلم قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن امرأة طافت ثلاثة أطواف أو أقل من ذلك ثمّ رأت دماً ، فقال : تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى» ، وروى العلاء عن محمّد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) مثله . قال مصنف هذا الكتاب (رضي الله عنه) : وبهذا الحديث اُفتي دون الحديث الذي رواه ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمّن سأل أبا عبدالله (عليه السلام) ، لأنّ هدا الحديث إسناده منقطع والحديث الأوّل رخصة ورحمة وإسناده متصل . انتهى (3) .

   أقول : الرواية التي تمسك بها الشيخ الصدوق (قدس سره) وإن كانت صحيحة ولا يعارضها ما تقدّم من الروايات الضعيفة إلاّ أنها لم ترد في طواف الفريضة وإنما هي مطلقة ، فترفع اليد عن إطلاقها وتحمل على النافلة .

   قال الشيخ (قدس سره) بعد ذكره لصحيحة محمّد بن مسلم مع اختلاف يسير : إنه محمول على النافلة ، لأ نّا قد بيّنا فيما مضى أن طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استئنافه من أوّله ، ويجوز له في النافلة البناء عليه ، وفيه غنى إن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 453 / أبواب الطواف ب 85 ح 1 ، الكافي 4 : 448 / 2 .

(2) رجال النجاشي : 187 / 498 .

(3) الفقيه 2 : 241 / 1154 .

ــ[256]ــ

شاء الله (1) .

   توضيح ذلك : أنه قد تقدّم(2) أنه متى نقص طواف الفريضة عن النصف وأحدث الطائف وخرج ليتوضّأ بطل طوافه بخلاف النافلة ، وهذا يقتضي البطلان بحدوث الحيض لا محالة ، على أن الحائض لا تخلو أيّام حيضها من سائر الأحداث ، فإذن تحمل الرواية على النافلـة ، وكأن الحكم بالبطـلان على ما ذهب إليه المشهور هو الصحيح ، هذا ولو فرضنا أن الصحيحة كانت معارضة لتلك الروايات فبما أن الطواف عمل واحد وتعتبر فيه الموالاة فلا مناص عن القول بالبطلان ولا سيما إذا كان الفصل بأيّام كما هو المفروض في المقام . هذا ومع ذلك فالأحوط هو الاتمام بعد الطهر والاتيان بطواف كامل ، ويكفي في الاحتياط الاتيان بطواف كامل بقصد الأعم من الاتمام والتمام .

   الصورة الثانية : أن يطرأ الحيض قبل إتمام أربعة أشواط ولم يسع الوقت لاتمام الطّواف بعد الطهر أو استئنافه ، وهذا يدخل في المسألة السابقة فتعدل إلى حج الإفراد على المشهور ، وتتخير بينه وبين إتمام العمرة بدون طواف وتقضي الطّواف بعد رجوعها إلى مكّة وبعد الموقفين على المختار ، ولا فرق في ذلك بين القول بجواز فصل الحيض بين الأشوط وعدمه ، فإن جواز الفصل في نفسه لا يقتضي جواز تأخير بعض الأشواط عن الوقوفين مع عدم دليل على ذلك ، وحيث لا دليل في المقام فيتعيّن العدول إلى الإفراد أو التخيير بينه وبين إتمام العمرة من دون طواف وقضائه بعد ذلك ولكن ظاهر كلام الصدوق(3) (قدس سره) هو جواز الاتمام في هذه الصورة أيضاً ولا يمكن المساعدة عليه بوجه .

   الصورة الثالثة : أن يطرأ الحيض بعد إكمال الشوط الرابع ، والمشهور فيها صحّة الطواف والعمرة فتتم طوافها بعد الطهر قبل الحج في سعة الوقت وبعد الوقوفين

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 397 / 1380 .

(2) بل يأتي في شرائط الطواف مسألة 285 من شرح المناسك .

(3) كما في المختلف 4 : 348 المسألة 292 .

ــ[257]ــ

والرجوع إلى مكّة مع ضيق الوقت وعدم إمكان الاتمام قبل الحج ، وعن الحلِّي (قدس سره) بطلان الطواف بحدوث الحيض في هذه الصورة أيضاً (1) ، وقيل : إنه تبعه على ذلك بعض المتأخرين .

   واستدل للمشهور بما دلّ على أن المرأة إذا حاضت بعد أربعة أشواط فقد تمّت متعتها ، لكنّك قد عرفت أن ما دلّ على ذلك ضعيف السند ، ولا أساس للقول بانجبار ضعف السند بقول المشهور ، وعليه فالقول بالبطلان هو الصحيح ، فإن الطواف كما عرفت عمل واحد يعتبر فيه الموالاة ومع الفصل بين الأشواط ولا سيما إذا كان الفصل بأيّام يحكم بالبطلان لا محالة ، وعليه فإن كان الوقت واسعاً استأنفت الطواف بعد الطّهر وأتمّت عمرتها ، وإن كان ضيقاً ولو من جهة أنها لا تطهر إلى آخر زمان يمكن فيه الخروج إلى الحج فهذا يدخل في المسألة السابقة ، والمختار فيها عندنا هو التخيير على ما عرفت ، ولكن الأحوط في الفرض الأوّل وفي هذا الفرض أن تجمع بين الاتمام والتمام كما مرّ .
ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السرائر 1 : 623 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net