الأوّل : ذو الحليفة ، وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ عليها 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4092


ــ[259]ــ


فصل

في المواقيت

   وهي المواضـع المعيّنة للإحرام اُطلقت عليها مجازاً أو حقيقة متشرعيّة والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة ، وفي بعضها ستة ، ولكن المستفاد من مجموع الأخبار أن المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة :

   أحدها : ذو الحُليفة ، وهي ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم ، وهل هو مكان فيه مسجد الشجرة أو نفس المسجد ؟ قولان ، (1) وفي جملة من الأخبار أنه

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) ذكر المصنف (قدس سره) عشرة مواقيت ، الخمسة الاُول منها تختص بمن كان بعيداً عن مكّة بمسافة معيّنة ، سنتعرض إليها إن شاء الله تعالى ، وهذه المواقيت مسلّمة لا كلام فيها ، وأمّا الخمسة الباقية فلهم فيها بحث سنذكر كلاًّ منها في محله .

   الأوّل : ذو الحليفة ، وقد أتفقت كلمة الفقهاء في أنه ميقات أهل المدينة ومن يمر على طريقهم ، والروايات في ذلك متظافرة ، منها : صحيحة الحلبي «ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة» (1) .

   إنما الكلام في أن الميقات المكان الذي فيه المسجد أو نفس المسجد ؟ ومنشأ الاختلاف اختلاف الأخبار ، ففي بعضها أنه ذو الحليفة وفي بعضها أنه الشجرة وفي بعضها أن ذا الحليفة هو مسجد الشجرة ، وذكر في المتن أن الأحوط الاقتصار على نفس المسجد ، لحمل المطلق وهو ذو الحليفة على المقيّد وهو المسجد .

   أقول : لو كان الأمر كما ذكره المصنف (عليه الرحمة) من تعيين مسجد الشجرة ميقاتاً في الأخبار فما ذكره من حمل المطلق على المقيّد هو الصحيح ، لأنّ ذا  الحليفة إن كان اسماً لنفس المسجد فالأمر واضح وان كان المراد بذي الحليفة المكان الذي فيه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 308 / أبواب المواقيت ب 1 ح 3 .

ــ[260]ــ

هو الشجرة ، وفي بعضها أنه مسجد الشجرة ، وعلى أيّ حال فالأحوط الاقتصار على المسجد ، إذ مع كونه هو المسجد فواضح ومع كونه مكاناً فيه المسجد فاللاّزم حمل المطلق على المقيّد ((1)) ، لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد ولو اختياراً وإن قلنا إن ذا الحليفة هو المسجد ، وذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه عرفاً ، إذ فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه ، هذا مع إمكان دعوى أن المسجد حد للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته ، وإن شئت فقل : المحاذاة كافية ((2)) ولو مع القرب من الميقات .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسجد فليس المراد بالإحرام منه الإحرام من كل جزء من أجزاء تلك البقعة ، بل المراد جواز الإحرام من أي مكان من تلك البقعة سواء أكان من نفس المسجد أو من خارجه وحواليه ، فإذا ورد دليل على لزوم الإحرام من نفس المسجد تكون نسبته إلى الأوّل نسبة المقيّد إلى المطلق .

   هذا ولكن الأمر ليس كذلك ، فإن المذكور في الأخبار ذو الحليفة وفي بعضها الشجرة ، ولا يبعد أن تكون الشجرة اسماً لذي الحليفة فيكون لهذا المكان اسمان أحدهما ذو الحليفة والآخر الشجرة ، ولم يرد في شيء من الروايات الأمر بالإحرام من مسجد الشجرة أو أنه الميقات ليكون مقيّداً فيحمل المطلق عليه كما يدعيه المصنف ، بل الوارد فيها أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقّت لأهل المدينـة ذا الحليفة وهي الشجرة، كما أنه ورد فيها أن ذا الحليفة هو مسجد الشجرة(3)، فلا موضوع لحمل المطلق على المقيّد .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لم يرد في شيء من الروايات الأمر بالإحرام من مسجد الشجرة أو أنه الميقات ، بل الوارد فيها أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي الشجرة ، كما أنه ورد فيها أن ذا الحليفة هو مسجد الشجرة فلا موضوع لحمل المطلق على المقيّد ، وغير بعيد أن يكون مسجد الشجرة اسماً لمنطقة فيها المسجد كما هو كذلك في مسجد سليمان .

(2) يأتي الكلام على كفاية المحاذاة [ في الميقات التاسع ] .

(3) الوسائل 11 : 308 / أبواب المواقيت ب 1 ح 3 ، 7 .
 

ــ[261]ــ

   نعم، ورد في رواية واحدة ضعيفة أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أحرم من مسجد الشجرة (1) ، ولكنها غير دالّة على أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عيّنه ميقاتاً وإنما تحكي فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنه أحرم من نفس المسجد ولاريب في جواز ذلك ، فلا تدل هذه الرواية على قصر الميقات بالمسجد خاصّة ، فالروايات الدالّة على أن الميقات ذو الحليفة باقية على إطلاقها وسالمة من التقييد .

   ولإثبات ما نقول لا بدّ لنا من استعراض الأخبار وهي :

   صحيح معاوية بن عمّار، وجاء فيه «ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة»(2) ، وفي صحيح الحلبي جعل الميقات الشجرة «من أين يحرم الرّجل إذا جاوز الشجرة؟»(3) ، وفي صحيح ابن سنان «فيكون حذاء الشجرة»(4) ، وفي صحيح إبراهيم بن عبد الحميد «يعني الإحرام من الشجرة»(5) . والملاحظ من هذه الأخبار أن المذكور فيها ذو الحليفة والشجرة ومن ذلك يظهر أنهما اسمان لمكان واحد .

   أمّا التعبير بمسجد الشجرة فلم يرد إلاّ في رواية واحدة دلّت على أنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أحرم من مسجد الشجرة ، وهو لا يدل على تعيينه ميقاتاً كما بيّنا مضافاً إلى ضعف سندها بالارسال ، إلاّ أنه مع ذلك كلّه لا بدّ من الإحرام من مسجد الشجرة واعتباره ميقاتاً لروايتين :

   الاُولى : صحيحة علي بن رئاب «فقال : (عليه السلام) إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي الشجرة» (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 311 / أبواب المواقيت ب 1 ح 13 .

(2) الوسائل 11 : 307 / أبواب المواقيت ب 1 ح 2 .

(3) الوسائل 11 : 316 / أبواب المواقيت ب 6 ح 3 .

(4) الوسائل 11 : 317 / أبواب المواقيت ب 7 ح 1 .

(5) الوسائل 11 : 318 / أبواب المواقيت ب 8 ح 1 .

(6) الوسائل 11 : 309 / أبواب المواقيت ب 1 ح 7 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net