الثالث:الجُحفة,وهو ميقات أهل الشام ومصر ومغرب \ الرابع:يلملم,وهو ميقات لأهل اليمن 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3706


ــ[274]ــ

   الثالث : الجُحفة ، وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها .

   الرابع : يَلَمْلَم ، وهو لأهل اليمن .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذات عرق ، وأوّله أفضل» (1) .

   ولكن لضعفها بالارسال لا يمكن الاستدلال بها ، ومجرد إخبار الصدوق عن الإمام (عليه السلام) على نحو الجزم لا يوجب الاعتماد عليها ، إذ يمكن ثبوت الرواية عنده بطريق غير ثابت عندنا .

   الثانية : معتبرة أبي بصير وهي العمدة ، قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : حدّ العقيق أوّله المسلخ وآخره ذات عرق» (2) .

   وقد عبروا عن هذه الرواية بالخبر ، المشعر بالضعف ، حتى أن صاحب الحدائق الذي ملتزم بتوصيف بعض الأخبار بالصحّة وبعضها بالضعف عبّر عن هذه الرواية بالخبر (3) ، ولكن الظاهر أنها معتبرة ، فإن عمّار بن مروان الذي يروي عن أبي بصير وإن كان مردداً بين عمّار بن مروان اليشكري الثقة وبين عمّار بن مروان الكلبي غير الموثق إلاّ أن المراد به هو اليشكري الثقة ، لأنه المعروف وهو الذي له كتاب ، وهذا الاسم عند الاطلاق ينصرف إليه ، وأمّا الكلبي فليس له كتاب وليس بمعروف حتى أن الشيخ لم يذكره .

   وأمّا الحسن بن محمّد فربّما يقال إنه مجهول الحال ، والظاهر أنه الحسن بن محمّد بن سماعة الثقة الذي يروي عن محمّد بن زياد كثيراً وهو ابن أبي عمير ورواياته عنه تبلغ ستين مورداً بهذا العنوان ، وكذا بعنوان الحسن بن محمّد عن محمّد بن أبي عمير أو ابن أبي عمير .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 313 / أبواب المواقيت ب 2 ح 9 .

(2) الوسائل 11 : 313 / أبواب المواقيت ب 2 ح 7 .

(3) الحدائق 14 : 438 .

ــ[275]ــ

   وبالجملة : الرواية معتبرة سنداً ودلالتها واضحة فلا حاجة إلى الانجبار .

   وبازائها روايات من حيث التحديد بالمبدأ والمنتهى ، أمّا من حيث المنتهى فقد وردت روايات عديدة دالّة على أن منتهى العقيق غمرة وليس بعدها ميقات .

   منها : خبر أبي بصير عن أحدهما (عليه السلام) «قال : حدّ العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة» (1) . وهو ضعيف بسهل بن زياد والبطائني .

   ومنها : صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «وقت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل المشرق العقيق نحواً من بريدين ما بين بريد البعث إلى غمرة» (2) وفي الوسائل في الطبعة الجديدة «نحواً من بريد» ولكنّه غلط والصحيح ما في التهذيب كما ذكرنا (3) ، وأمّا دخول نفس الغمرة في حدّ العقيق فمبني على دخول الغاية في المغيى وعدمه .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار «آخر العقيق بريد أوطاس ، وقال : بريد البعث دون غمرة ببريدين» (4) .

   ومنها : ما رواه الشيخ بهذا الاسناد في الصحيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : أوّل العـقيق بريد البعث وهو دون المسلخ بستة أميال ممّا يلي العراق ، وبينه وبين غمرة أربعة وعشرون ميلاً بريدان» (5) .

   وبازائها روايات تدل على أن منتهى العقيق ذات عرق .

   منها : صحيحة أبي بصير المتقدّمة (6) «حدّ العقيق أوّله المسلخ وآخره ذات عرق» .

   منها : صحيحة إسحاق بن عمّار الدالّة على أن الصادق (عليه السلام) أحرم من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 312 / أبواب المواقيت ب 2 ح 5 .

(2) الوسائل 11 : 309 / أبواب المواقيت ب 1 ح 6 .

(3) التهذيب 5 : 56 / 170 .

(4) الوسائل 11 : 312 / أبواب المواقيت ب 2 ح 1 .

(5) الوسائل 11 : 312 / أبواب المواقيت ب 2 ح 2 .

(6) في ص 274 .

ــ[276]ــ

ذات عرق بالحج(1) .

   فلا بدّ من ملاحظة كيفية الجمع بين الروايات ، ولا ريب أن مقتضى الجمع العرفي بينهما هو رفع اليد عن ظهور تلك الروايات في عدم جواز تأخير الإحرام عن غمرة وحملها على أفضلية الإحرام منها ، وحمل هذه الروايات على جواز التأخير عن غمرة والإحرام من ذات عرق مع المرجوحية ، لأنّ تلك الروايات ظاهـرة في عدم جواز التأخير وهذه الروايات صريحة في جواز التأخير إلى ذات عرق لا سيما بملاحظة فعل الصادق (عليه السلام) كما في معتبرة إسحاق المتقدِّمة ، فالنتيجة أفضلية الإحرام من غمرة وجواز تأخيره إلى ذات عرق مع المرجوحية .

   ويؤيده رواية الاحتجاج الدالّة على عدم متابعة العامّة في تأخير الإحرام إلى ذات عرق (2) .

   وأمّا من حيث المبدأ فمقتضى بعض الروايات أنه قبل المسلخ كمعتبرة معاوية بن عمّار المتقدِّمة(3) ، «قال : أوّل العقيق بريد البعث وهو دون المسلخ بستة أميال ممّا يلي العراق» ، فأوّل العقيق قبل المكان المسمى بالمسلخ بستة أميال ، وكذا يستفاد من صحيحة عمر بن يزيد المتقدِّمة ، وفي بعض الروايات أن أوّله المسلخ كما في معتبرة أبي بصير المتقدِّمة فيقع التنافي بينهما .

   فإن قلنا بأن هجر الرواية والاعراض عنها يوجب سقوط حجيتها فالأمر سهل لإعراض الأصحاب عن الروايات الاُولى وإجماعهم على عدم جواز الإحرام قبل المسلخ ، فالمرجع حينئذ ما دلّ على أنّ أوّله المسلخ .

   وإن لم نقل بذلك فالصحيح أن يقال بأن هذه الروايات إنما تدل على أن العقيق اسم يطلق على ما قبل المسلخ ولا تدل على جواز الإحرام من قبل المسلخ ، إذ لا ملازمة بين كون العقيق اسماً لذلك المكان وبين جواز الإحرام منه ، لإمكان اختصاص جواز

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 303 / أبواب أقسام الحج ب 22 ح 8 .

(2) الوسائل 11 : 313 / أبواب المواقيت ب 2 ح 10 ، الاحتجاج : 484 .

(3) في ص 275 .

ــ[277]ــ

الإحرام بمنطقة خاصّة من وادي العقيق كالمسلخ، وتدل على ما ذكرنا صحيحة معاوية ابن عمّار الدالّة على أن الميقات بطن العقيق «قال (عليه السلام) : وقت لأهل العراق ولم يكن يومئذ عـراق بطن العقيق»(1) وبطنه هو المسلخ ، فتكون هذه الصحيحة في الحقيقة مقيّدة لإطلاق ما دلّ على أن الميقات ما يسمّى بالعقيق .

   ويمكن أن يقال : إن نفس التسمية بالمسلخ تدل على أن المسلخ أوّل الميقات لتسلخ الحاج وتجرّده عن الثياب في هذا المكان ثمّ يلبس ثوبي الإحرام ، فكان هذا المكان سمِّي بالمسلخ بعد جعله ميقاتاً فيرتفع التعارض والتنافي بالمرّة ، أمّا من حيث المنتهى فبالحمل على الأفضلية كما عرفت ، وأمّا من حيث المبدأ فبأن قبل المسلخ يسمّى بالعقيق لا أنه يجوز الإحرام منه .

   فتلخّص : أن مبدأ الميقات هو المسلخ وأوسطه غمرة ومنتهاه ذات عرق ، والحاج مخير بين الإحرام من المسلخ إلى ذات عرق ، وأمّا كون الإحرام من غمرة أفضل من ذات عرق فلم يدل عليه دليل بالخصوص ، نعم الأولى والأحوط عدم تأخير الإحرام إلى ذات عرق لما ورد في بعض الروايات أن غمرة هو المنتهى .

   وأمّا الإحرام من المسلخ وهو أوّل العقيق فقد ذكروا أنه أفضل ، ودلّت عليه عدّة من النصوص المعتبرة ، وقد عقد له باباً مستقلاً في الوسائل (2) .

   ففي صحيحة يونس «عن الإحرام من أي العقيق أفضل أن اُحرم ؟ فقال : من أوّله أفضل» (3) ونحوها ما رواه الشيخ عنه (4) .

 ومعتبرة إسحاق بن عمّار «عن الإحرام من غمرة ، قال : ليس به بأس ، وكان بريد العقيق أحب إلي» (5) وبريد العقيق أوّله ، فإنه ذكر في الروايات أن أوّل العقيق بريد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 308 / أبواب المواقيت ب 1 ح 2 .

(2) الوسائل 11 : 314 / أبواب المواقيت ب 3 .

(3) الوسائل 11 : 314 / أبواب المواقيت ب 3 ح 1 .

(4) الوسائل 11 : 314 / أبواب المواقيت ب 3 ح 2 ، التهذيب 5 : 56 / 172 .

(5) الوسائل 11 : 314 / أبواب المواقيت ب 3 ح 3 .

ــ[278]ــ

البعث وهو دون غمرة ببريدين .

   نعم يظهر من رواية الاحتجاج لزوم الإحرام من أوّل العقيق وهو المسلخ وعدم جواز تأخيره عن أوّله ، فقد روى الطبرسي في الاحتجاج عن الحميري في جملة ما كتبه إلى صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه) «أنه كتب إليه يسأله عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء ويكون متصلاً بهم يحج ويأخذ عن الجادة ، ولا يحرم هؤلاء من المسلخ ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لا يجوز إلاّ أن يحرم من المسلخ ؟ فكتب إليه في الجواب : يحرم من ميقاته ثمّ يلبس الثياب ويلبِّي في نفسه ، فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهره» (1) .

   ورواه الشيخ في كتاب الغيبة مسنداً عن أحمد بن إبراهيم النوبختي(2) ، ولكن لا بدّ من رفع اليد عنها لما عرفت من دلالة بعض الأخبار المعتبرة على جواز التأخير صريحاً، مضافاً إلى ضعف السند بكلا طريقيه . أمّا طريق الاحتجاج فبالإرسال، وأمّا طريق الشيخ فبجهالة أحمد بن إبراهيم النوبختي .

   بقي الكلام في مفاد رواية الاحتجاج وكيفية الاحتياط وملاحظة التقيّة .

   فنقول : إن أمكن تجرّده ولبس ثوبي الإحرام سرّاً من المسلخ ثمّ ينزعهما ويلبس ثيابه إلى ذات عرق ثمّ يتجرّد ويلبس الثوبين تبعاً فلا إشكال ، وإن لم يمكنه ذلك إلاّ متابعتهم فإن قلنا بأن لبس ثوبي الإحرام من مقومات الإحرام ودخيل في حقيقتـه فهو غير متمكِّن من الإحرام من الميقات وحكمه حكم من لم يتمكّن من الإحرام من الميقات . وأمّا إذا قلنا بأن لبس ثوبي الإحرام غير دخيل في حقيقة الإحرام وإنما هو واجب مستقل آخر فلا نحتاج في ارتفاع وجوبه حينئذ إلى دليل خاص ، بل نفس التقيّة كافية في رفع الوجوب ، فيرتفع وجوب لبس الثوبين لأجل التقيّة ولكن الكفّارة بلبس المخيط ثابتة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 313 / أبواب المواقيت ب 2 ح 10 ، الاحتجاج : 484 .

(2) الغيبة : 235 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net