الثالث : أنّ ما يقوم بالإنسان من المعاني على قسمين :
الأوّل : ما يكون ناشئاً منه ، ويكون قيامه به قيام صدور ، كالأكل والشرب والضرب والمشي .
الثاني : ما يقوم به قيام حلول ، من باب قيام الوصف بموصوفه .
وكلّ منهما إمّا أن يكون قائماً بالأعضاء والبدن الجسماني ، أو بالنفس . فالأقسام أربعة :
1 ـ فعل الأعضاء ، كالحركات الخارجية القائمة بها .
ــ[6]ــ
2 ـ صفة الأعضاء ، كالطول والقصر ، والسواد والبياض ، القائمة بها .
3 ـ فعل النفس ، كالاعتبارات النفسانية ، فإنّ قيامها بالنفس قيام صدور من باب قيام الفعل بفاعله ، وتسمّى هذه في الاصطلاح بأفاعيل النفس .
4 ـ صفة النفس ، كالانقباض والانبساط الحاصل منهما الحزن والفرح .
وسيظهر لك إن شاء الله تعالى أنّ الإرادة والاختيار من القسم الثالث ، ومن أفعال النفس لا من صفاتها .
والضابط في الفرق بين الصفة والفعل وإن كان بحسب العرف في أنّ قيام الصفة بموصوفها قيام حلول ، وقيام الفعل بفاعله قيام صدور ، وكلّ منهما قد يكون اختيارياً وقد يكون غير اختياري ، إلاّ أنّا اصطلحنا على أن نعبّر عن كلّ أمر اختياري بالفعل ، وعن كل أمر قائم بشيء غير اختياري بالصفة ، فإذا قلنا بأنّ الشيء الفلاني من الصفات دون الأفعال أردنا به أنّه لا دخل لاختيار الموصوف وإرادته في وجوده، سواء كان قيامه به قيام صدور أو حلول .
|