هل يختص لبس الثوبين بالرجال ؟ - كيفية لبس ثوبي الإحرام 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثاني:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6164


   الجهة الثالثة : هل يختص وجوب لبس الثوبين بالرجال أو يعم النّساء ؟ ذكر صاحب الجواهر(2) أن الظاهر عدم وجوب لبس ثوبين لخصوص الإحرام للمرأة تحت ثيابها وإن احتمله بعض الأفاضل ، بل جعله أحوط ، ولكن الأقوى ما عرفت خصوصاً بعد عدم شمول النصوص السابقة للاناث إلاّ بقاعدة الاشتراك التي يخرج عنها هنا بظاهر النص والفتوى .

   يقع الكلام في مقامين :

 أحدهما : في وجوب أصل اللبس عليها في مقابل العري . لا خلاف ولا إشكال في وجوب لبس الثوب عليها وأنه لا يجوز لها الإحرام عارية وإن أمنت النظر ، كما إذا أحرمت في ظلمة الليل ونحو ذلك ، حتى من خصّ الثوبين بالرجال التزم بوجوب لبس الثياب عليها ولم يجوّز لها الإحرام عارية ، وقد دلّت على ذلك عدّة من الروايات كالنصوص الآمرة بلبس الثياب على المرأة الحائض ، والتي دلّت على أن يكون ثوبها طاهراً وأن تتخذ ثوباً يقي من سراية النجاسة إلى ثيابها التي تحرم فيها ، وكذا الروايات الواردة في لبس المرأة الحرير الممزوج أو الخالص والمخيط (3) ، وغير ذلك من

ـــــــــــــــ
(2) الجواهر 18 : 245 .

(3) الوسائل 12 : 493 / أبواب الإحرام ب 48 ، 33 .

ــ[446]ــ

الروايات المتفرقة التي يستفاد منها وجوب أصل اللبس عليها وعدم جواز إحرامها عارية ، وهذا مما لا خلاف فيه بينهم ، نعم وقع الخلاف في بعض الخصوصيات كلبس الحرير المحض لها ونحو ذلك ، وإلاّ فأصل اللبس فالكل متّفقون على ذلك كما عرفت .

   المقام الثاني : في وجوب لبس خصوص الازار والرداء عليها ، وكلام صاحب الجواهر الذي قوى العدم وصاحب الحدائق (1) الذي خصّ وجوب لبسهما بالرجال في هذا المقام ، لا في مقام أصل لبس الثياب عليها في نفسه مع قطع النظر عن الخصوصية ، فالكلام يقع في إثبات وجوب لبس الثوبين المعهودين على النّساء فنقول:

   لا ريب في وجوب لبسهما على الرجال ، وأمّا على النّساء فلم يرد فيهنّ ما يدل على ثبوت هذه الخصوصية في حقهن ، ولا يستفاد من الروايات وجوب لبسهما عليها وإنما الروايات تثبت وجوب أصل اللبس عليها ، وأمّا خصوصية الثوبين فلا تستفاد منها ، كما أنه لم يظهر منها تعميم الحكم للرجال والنّساء ، وأمّا قاعدة الاشتراك فلا تجري في المقام فلا يمكن إثبات الحكم في حق النّساء بالقاعدة المزبورة ، فالثبوت في حقّها يحتاج إلى دليل بالخصوص ، وذلك لأنّ قاعدة الاشتراك إنما تجري فيما إذا لم نحتمل الخصوصية، وأمّا إذا كان هناك احتمال خصوصية باعتبار عدم جواز لبس المخيط للرجـال ووجوب التجرّد عليهم من الثياب ونحو ذلك ، وجواز ذلك للنّساء وعدم وجوب التجرّد عن الثيـاب عليها فلا مجال لجريانها ، فما ذكره صاحب الجواهر(2) (قدس سره) من مخالفة القاعدة لظاهر النص والفتوى هو الصحيح ، أمّا مخالفتها للنص فلأنه قد اشتمل على الأمر بلبس الثوبين ونزع المخيط وهذا يختص بالرجال وأمّا المرأة فيجوز لها لبس المخيط ولا يجب عليها نزع الثـياب ، وأمّا الفتوى فلتجويزهم لبس المخيط لها وعدم وجوب نزع الثياب عليها بل جوز بعضهم لبس الحرير لها ، فتضعيف كلام صاحب الجواهر (رحمه الله) بهذه الروايات الدالّة على جواز لبس المخيط لها أو جواز لبس الحرير لها، مخدوش بعدم دلالة هذه الروايات على وجوب لبس خصوص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 15 : 75 .

(2) الجواهر 18 : 245 .

ــ[447]ــ

والظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصة في لبسهما ، فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء والارتداء بالآخر أو التوشح به أو غير ذلك من الهيئات لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف (1) ،

  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثوبين ، وإنما تدل على وجوب أصل اللبس فهي أجنبية عن وجوب لبس الثوبين عليها الذي وقع الكلام فيه .

   فتحصل من جميع ما تقدّم : أن المرأة لا يجوز لها الإحرام عارية ، بل يجب عليها الإحرام في ثيابها ، وأمّا وجوب لبس خصوص ثوبي الإحرام ـ الازار والرداء ـ فلم يثبت في حقّها ، لأنّ مستند وجوب اللبس أحد أمرين : إما قاعدة الاشتراك وإما النصوص الواردة في باب إحرام الحائض (1) ، وشيء منهما لا يدل على الوجوب ، أمّا النصوص فمقتضاها وجوب أصل الثياب عليها لا ثوبي الإحرام ، وأمّا القاعدة فلا تجري في أمثال المقام الذي نحتمل الاختصاص بالرجال .

   (1) أمّا خصوصيات الثوبين ، فقد ذكروا أنه يجعل أحدهما إزاراً والآخر رداءً وتدل عليه الروايات الآمرة بالقاء الثوب أو العمامة على عاتقه إذا لم يكن له رداء وبلبس السراويل إذا لم يكن له إزار ، ويستكشف من ذلك وجوب لبس الازار والرداء وإن لم يتمكّن منهما ينتقل الأمر إلى البدل وهو ما ذكرناه ، ففي صحيحة عبدالله ابن سنان «أمر النّاس بنتف الابط وحلق العانة والغسل ، والتجرّد في إزار ورداء أو إزار وعمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء» (2) .

   وفي صحيحة عمر بن يزيد «وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه (عاتقه) أو قباء بعد أن ينكسه» (3) .

   وفي صحيحة معاوية بن عمّار «ولا سراويل إلاّ أن لا يكون لك إزار» (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 399 / أبواب الإحرام ب 48 ح 2 ، 3 .

(2) الوسائل 11 : 223 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 15 .

(3) الوسائل 12 : 486 / أبواب تروك الإحرام ب 44 ح 2 .

(4) الوسائل 12 : 473 / أبواب تروك الإحرام ب 35 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net