فورية وجوب الحج -وجوب الخروج مع الرفقة الاُولى 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4516


ــ[6]ــ

   مسألة 1 : وجوب الحجّ بعد تحقّق شرائطه فوري فتجب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة (1)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي ا لْكُفْرِ ...)(1) فربّما يمرّ عام قمري ولا يحجّون فيه فأنزل الله تعالى

آية الحجّ ردّاً عليهم بأنّ الحجّ يجب الإتيان به في كلّ عام قمري ولا يجوز خلوّه من الحجّ ، وأ نّه لا بدّ

من الإتيان به في كلّ شهر ذي الحجّة ، فالمنظور في الآية والرّوايات أنّ كلّ سنة قمريّة لها حج يجب

الإتيان به ، لا أ نّه يجب الحجّ على كلّ أحد في كلّ عام .

   (1) ويدل عليه أمران :

   الأوّل :  حكم العقل بذلك، فإنّ الواجب بعدما تحققت شرائطه وكان المكلّف واجداً لشرائط

التكليف فلا بدّ للمكلّف من تفريغ ذمّته بالإتيان بما اُمر به ليأمن العقوبة من مغبّة العصيان، ولا عذر له

في التأخير مع احتمال الفوت. نعم، لو اطمأنّ بالبقاء وبالتمكّن من إتيان الواجب ولو في آخر الوقت

لا تجب المبادرة حينئد ، ولذا جاز تأخير بعض الواجبات المؤقتة كالصلاة عن أوّل وقتها، لأجل حصول

الإطمئنان والوثوق ببقائه والتمكّن من الإتيان بالمأمور به ولو في آخر الوقت، لكون الوقت قصيراً لا

يحتمل التلف والفوت في هذه المدّة غالباً، وهذا الإطمئنان والوثوق غير حاصل في الحجّ لأنّ الفصل

طويل والطوارئ والموانع كثيرة .

   وبالجملة الميزان في جواز التأخير ووجوب المبادرة حصول الإطمئنان بالبقاء وعدمه ، وعليه فربّما

نلتزم بالفوريّة حتّى في الصلاة فيما إذا لم يطمئن المكلّف بالبقاء إلى آخر الوقت .

   الثّاني :  الأخبار الدالّة على المنع عن التسويف وعدم المبادرة .

   منها : معتبرة أبي بصير قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : من مات

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التّوبة 9 : 37 .

ــ[7]ــ

وإن تركه فيها عصياناً ، أو لعذر وجب في السنة الثّانية وهكذا (1) ، ولا يبعد أن يكون التأخير من

دون عذر من الكبائر (2) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

وهو صحيح موسر لم يحجّ فهو ممّن قال الله عزّ وجلّ : (... وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ا لْقِيَامَةِ أَعْمَى) قال : قلت :

سبحان الله أعمى ؟ قال : نعم ، إنّ الله عزّ وجلّ أعماه عن طريق الحق» (1) . ولو كان التأخير جائزاً

لم يكن مستحقاً للعقاب .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال الله تعالى : (... وَللهِِ

عَلَى النَّاسِ حِجُّ ا لْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...) قال : هذه لمن كان عنده مال وصحّة ، وإن كان

سوقة للتجارة فلا يسعه وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام إذا هو يجد ما يحجّ به»

(2) ونحوهما غيرهما .

   (1) لعدم سقوط وجوب الواجب بالعصيان ، أو بالترك عن عذر مع بقاء الموضوع ، والعقل

الحاكم بوجوب المبادرة في السنة الاُولى يحكم به في السنين الآتية أيضاً .

   (2) كما صرّح به جماعة منهم المحـقق في الشرائع ، فإنّه ذكر فيها أنّ التأخير مع الشرائط كبيرة

موبقة (3) ، بل ادّعى غير واحد الإجماع على ذلك ، ولكن استفادته من النصوص مشكلة ، فإنّ

المستفاد منها أن ترك الحجّ كلية كبيرة مهلكة ، وأمّا تأخير الحجّ وترك المبادرة إليه وإن كان حراماً ـ لأ

نّه ترك ما وجب عليه من الفوريّة ـ إلاّ أ نّه لم يثبت كونه كبيرة .

   نعم ، لا يبعد دعوى صدق الإستخفاف والتهاون بأمر الحجّ على تأخيره وعدم المبادرة إليه ، فإنّ

الإستخفاف به نظير الإستخفاف بالصلاة كما في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 27 /  أبواب وجوب الحجّ ب 6 ح 7 .

(2) الوسائل 11 : 25 /  أبواب وجوب الحجّ ب 6 ح 1 .

(3) الشرائع 1 : 250 .

ــ[8]ــ

   مسألة 2 : إذا حصلت الاستطاعة وتوقّف الإتيان بالحج على مقدّمات وتهيئة الوسائل وجبت المبادرة

إلى تحصيلها (1) ولو تعددت الرفقة ، فإن وثق بالإدراك مع التأخير جاز له ذلك ، وإلاّ وجب الخروج

من دون تأخير (2) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

لِلْمُصَلِّينَ* ا لَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ)(1) بناءً  على أنّ  المراد  بالسهو  الإستخفاف بها والتأخير

عن أوقاتها ، والحجّ مثل الصلاة لأ نّه من دعائم الإسلام وممّا بُني عليه فتأمّل . والعمدة دعوى الإجماع

.

   (1) لوضوح وجوب تحصيل مقدّمات الواجب ـ  لأجل إدراك الواجب في وقته  ـ بحكم العقل .

   (2) لو تعدّدت الرفقة واختلف زمان الخروج ، فهل يجب الخروج مع الاُولى مطلقاً ، أو يجوز

التأخير إلى الاُخرى بمجرّد احتمال الإدراك أو لا يجوز إلاّ مع الوثوق بالإدراك ؟ أقوال ثلاثة .

   فعن الشهيد الثّاني وجوب الخروج مع الاُولى مطلقاً ، وإن وثق بأ نّه يدرك الحجّ مع الثّانية (2) ،

وعن السيِّد في المدارك جواز التأخير إلى الاُخرى بمجرّد احتمال الإدراك معها وإن لم يثق به(3) ، وعن

الشهيد الأوّل عدم جواز التأخير إلاّ مع الوثوق(4) ، وهذا هو الصحيح ، فإنّ القولين الأوّلين لا

دليل عليهما ، إذ الميزان هو الوثوق بالوصول وإدراك الحجّ ولا موجب للخروج مع الاُولى إذا كان

واثقاً بالوصول مع الثّانية ، كما أ نّه لا وجه للتأخير إلى الثّانية مع عدم الوثوق بالوصول معها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الماعون 107 : 5 .

(2) الروضة 2 : 161 .

(3) المدارك 7 : 18 .

(4) الدروس 1 : 314 .

ــ[9]ــ

   مسألة 3 : إذا أمكنه الخروج مع الرفقة الاُولى ولم يخرج معهم لوثوقه بالإدراك مع التأخير ولكن

اتّفق أ نّه لم يتمكّن من المسير ، أو أ نّه لم يدرك الحجّ بسبب التأخير ، استقرّ عليه الحجّ وإن كان

معذوراً في تأخيره (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لأنّ موضوع استقرار وجوب الحجّ عليه هو مجرّد التمكّن من السير مع القافلة الاُولى ، وإن

جاز له التأخير مع الرفقة الثّانية . ولكن الظاهر أ نّه لا موجب للإستقرار مع جواز التأخير كما ذكر

سيِّدنا الاُستاذ (دام ظله) في تعليقته على العروة (1) ، إذ لا عبرة بمجرّد التمكّن من الخروج والسير

مع القافلة الاُولى ، وإلاّ فلازمه أ نّه لو سافر مع القافلة الاُولى وكان متمكّناً من التأخير مع الثّانية واتّفق

عدم الإدراك مع الاُولى لأسباب طارئة بينما أدرك الثّانية ، أنّ الحجّ يستقر عليه في هذا الفرض ، ولا

أظن أن أحداً يلتزم بذلك ، والسبب فيه أ نّه قد عمل على طبق وظيفته الشرعيّة ولم يهمل في الإمتثال،

وإنّما قدّم أو أخّر بمسوغ شرعي، والعبرة في استقرار الحجّ بالإهمال والتفويت العمدي كما صرّح

بذلك المحـقّق حيث أخذ عنوان الإهمال موضوعاً للإسـتقرار(2) والمفروض عدم صدق الإهمال على

من عمل بوظيفته الشرعيّة وقدّم أو أخّر السير بعذر شرعي .

   وما استدلّ به للإستقرار من أخبار التسويف(3) والأخبار الدالّة على خروج الحجّ من أصل

المال(4) لا يعمّ المقام ، وهو من قد عمل بوظيفته الشرعيّة وكان التسويف والتأخير مستنداً إلى عذر

شرعي ، فالحكم المذكور في المتن مبني على الإحتياط .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العروة الوثقى 2 : 221 / 2981 .

(2) الشرائع 1 : 256 .

(3) الوسائل 11 : 25 /  أبواب وجوب الحجّ ب 6 .

(4) الوسائل 11 : 66 /  أبواب وجوب الحجّ ب 25 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net