عتبار الأمن والسلامة في الطريق - إذا استلزم حجّة تلف مال في بلده أو ترك واجب 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4386


ــ[23]ــ

   الثّاني : الأمن والسّلامة وذلك بأن لايكون خطراً على النفس أو المال أو العرض ذهاباً وإياباً وعند

القيام بالأعمال(1)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الوقت فلا يجوز له أن يتصرّف في المال بما يخرجه عن الاستطاعة، بل يجب عليه التحفّظ على المال إلى

السنة القادمة ، وذلك لتقبيح العقل تفويت الواجب عليه وتعجيز نفسه عن أدائه بعد تنجزه ووجوبه

عليه بشرائطه وحدوده وإن كان الواجب متأخّراً ، فإنّ الميزان في عدم جواز تعجيز نفسه من إتيان

الواجب هو تنجّز الوجوب وفعليته، سواء كان الواجب فعليّاً أو استقباليّاً .

   نعم ، وقع الكلام في مبدأ هذا الوجوب ، فقد ذكر بعضهم أنّ مبدأه خروج الرفقة فلا يجوز تعجيز

نفسه عند خروج الرفقة ، وذكر السيِّد الطباطبائي (قدس سره) في العروة أنّ مبدأه هو التمكّن من

المسير ولا عبرة بخروج الرفقة (1) ، وعن بعضهم أنّ مبدأه أشهر الحجّ ، فلا يجوز تفويت الاستطاعة

فيها كما عن المحقق النائيني (قدس سره) (2) .

   ولكن الظاهر أ نّه لا دليل على شيء من ذلك ، فإنّ مقتضى الآية المباركة والنصوص المفسّرة

للاستطاعة تنجز الوجوب عليه بمجرّد حصول الزاد والرّاحلة وتخلية السرب وصحّة البدن ، من دون

فرق بين حصول ذلك في أشهر الحجّ أم لا ، أو خروج الرفقة والتمكّن من المسير أم لا ، بل مقتضاها أ

نّه متى حصلت الاستطاعة تنجز الوجوب عليه في أيّ وقت كان ، وعليه فلو حصلت له الاستطاعة في

هذه السنة لا يجوز له تفويتها فيما لو علم بتمكّنه من الحجّ في السنين اللاّحقة ، ويجب عليه إبقاء المال

إلى السنة المقبلة .

   (1) أمّا اعتبار الأمن وعدم الخطر في الطريق على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) العروة الوثقى 2 : 239 / 3020 .

(2) دليل الناسك : 36 .

ــ[24]ــ

كما أنّ الحجّ لا يجب مباشرة على مستطيع لا يتمكّن من قطع المسافة لهرم أو مرض أو لعذر آخر ،

ولكن تجب عليه الاستنابة على ما سيجيء تفصيله .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

المعبّر عنه بالاستطاعة السربيّة ، فتدل عليه نفس الآية الشريفة : (... مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...)(1)

فإنّ الاستطاعة السبيليّة الواردة في الآية لا تصدق إلاّ على ما إذا كان الطريق مأموناً ومخلى سربه ، لا

يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله .

   مضافاً إلى دلالة النصوص المعتبرة على ذلك ، منها : صحيحة هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله (عليه

السلام) في قوله عزّ وجلّ: (وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ ا لْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَـبِيلاً) ما يعـني بذلك ؟

قال : من كان صحيحاً في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة» (2) .

   ومنها : معتبرة محمّد بن يحيى الخثـعمي قال : «سأل حفص الكناسي أبا عبدالله (عليه السلام) وأنا

عنده عن قول الله عزّ وجلّ : (... وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ ا لْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...) ما يعني

بذلك ؟ قال : من كان صحيحاً في بدنه مخلى سربه له زاد  وراحلة فهو  ممّن يستطيع الحجّ ، الحديث»

(3) . بل مجرّد الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله يكفي في سقوط الحجّ ، لأنّ الخوف بنفسه

موضوع مستقل لجواز الترك وقد جرت سيرة العقلاء على الاجتناب عن محتمل الضّرر .

   وأمّا اعتبار الاستطاعة البدنيّة فتدل عليه أيضاً الرّوايات المفسّرة للآية الكريمة كصحيحة هشام

ومعتبرة الخثعمي المتقدّمتين ، وأمّا وجوب الاستنابة فيما إذا لم يتمكّن من المباشرة فسيأتي تفصيله في

المسألة 63 .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) آل عمران 3 : 97 .

(2) الوسائل 11 : 35 /  أبواب وجوب الحجّ ب 8 ح 7 .

(3) الوسائل 11 : 34 /  أبواب وجوب الحجّ ب 8 ح 4 .

 

ــ[25]ــ

   مسألة 13 : إذا  كان للحج طريقان أحدهما مأمون والآخر غير مأمون ، لم يسقط وجوب الحجّ بل

وجب الذهاب من الطريق المأمون وإن كان أبعد (1) .

   مسألة 14 : إذا كان له في بلده مال معتد به ، وكان ذهابه إلى الحجّ مستلزماً لتلفه لم يجب عليه

الحجّ (2) . وكذلك إذا كان هناك ما يمنعه عن الذهاب شرعاً ، كما إذا استلزم حجّه ترك واجب أهم

من الحجّ كإنقاذ غريق أو حريق أو توقف حجّه على ارتكاب محرم ، كان الإجتناب عنه أهم من الحجّ

(3) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لعدم اختصاص الوجوب بأقرب الطرق بل العبرة بالإستطاعة والقدرة على الحجّ .

   (2) لحديث نفي الضرر الحاكم على جميع الأحكام الأوّليّة .

   وربما يقال بعدم جريان قاعدة لا ضرر في المقام ، لأنّ دليل وجوب الحجّ مخصّص لدليل نفي الضرر

، نظير التكليف بالجهاد والزّكاة ووجوب الإنفاق على الرحم من الأحكام الضرريّة المبتنية على الضرر

، فلا مجال لإجراء قاعدة نفي الضرر في أمثال هذه الموارد .

   والجواب عنه : أنّ الحجّ وإن كان حكماً ضرريّاً في نفسه ويستوجب صرف المال ولكن القاعدة

تجري بالنسبة إلى الزائد عمّا يقتضيه طبع الحجّ .

   (3) جميع ذلك من موارد التزاحم فتلاحظ الأهميّة ، فإنّ دليل وجوب الحجّ ودليل الواجب أو

الحرام مطلقان ولا يمكن الجمع بينهما في مقام الإمتثال فيقع التزاحم بينهما فاللازم تقديم الأهم

وترجيحه على غيره والتخيير في المتساويين ، كما أنّ الأمر كذلك في سائر التكاليف الإلهيّة المتزاحمة .

هذا بناءً على المختار من أنّ الاستطاعة المعتبرة ليست إلاّ العقليّة ، غاية الأمر أ نّها استطاعة خاصّة

مفسّرة باُمور معيّنة في الرّوايات ولم يؤخذ في موضوع الحجّ عدم المانع الشرعي ، وأمّا بناءً على مسلك

المشهور من اعتبار القدرة الشرعيّة والتمكّن الشرعي في وجوب الحجّ ، بحيث اُخذ في موضوع الحجّ

عدم المانع الشرعي ، فيمكن القول بعدم وجوب الحجّ إذا استلزم مانعاً شرعيّاً




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net