ميقات المقيم بمكّة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3677


   مسألة 146 : إذا أقام في مكّة وكانت استطاعته في بلده أو استطاع في مكّة قبل إنقلاب فرضه إلى

حج الإفراد أو القِران فالأظهر جواز إحرامه من أدنى الحل ، وإن كان الأحوط أن يخرج إلى أحد

المواقيت والإحرام منها لعمرة التمتّع بل الأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده(2).

 

ــــــــــــــــــــــــــــ
   (2) قد عرفت في المسألة السابقة أنّ المقيم في مكّة قد يجب عليه حجّ التمتّع ، كما إذا كانت

إستطاعته في بلده قبل مجاورته في مكّة أو استطاع في مكّة قبل إنقلاب فرضه إلى الإفراد ، كما إذا

استطاع قبل السنتين ففي هاتين الصورتين يجب عليه التمتّع ويجب عليه الخروج لإحرام عمرة التمتّع بلا

خلاف .

   ولكن الخلاف وقع في تعيين ميقاته الّذي يجب الإحرام منه ، والأقوال في ذلك ثلاثة .

 الأوّل :  أنّ ميقاته ميقات أهل بلده ومهل أرضه ، فيجب عليه الخروج إلى ذلك الميقات ويحرم منه ،

ذهب إليه جماعة كالمحقق في غير الشرائع (1) والعلاّمة (2)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المختصر النافع : 80 .

(2) إرشاد الأذهان : 309 ، التحرير 93 السطر 34 ، المنتهى 2 : 664 السطر 24 .

ــ[180]ــ

وغيرهما .

   الثّاني :  أ نّه أحد المواقيت المخصوصة المعروفة على سبيل التخيير بينها فيجوز للعراقي أن يحرم من

ميقات الشامي وبالعكس ولا يلزمه أن يحرم من ميقات أهله وإليه ذهب جماعة آخرون كالمحقق في

الشرائع(1) وكالشهيدين(2) .

   الثّالث :  ما نقل عن الحلبي(3) وتبعه بعض متأخِّري المتأخِّرين كالمحـقق الأردبيلي (4) واستحسنه

السبزواري في الكفاية (5) واحتمله قويّاً صاحب المدارك (6) وهو أنّ ميقاته أدنى الحل ، وأنّ حاله

حال المعتمر مفردة وهو في مكّة فلا حاجة إلى الخروج إلى المواقيت المخصوصة .

   أقول : يقع البحث تارة : فيما تقتضيه القاعدة واُخرى : فيما تقتضيه النصوص الخاصّة .

   أمّا القاعدة المستفادة من الرّوايات العامّة فمقتضاها لزوم الإحرام من المواقيت المعروفة الّتي وقّتها

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لكل قطر من الأقطار فلأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن يلملم

ولأهل المدينة مسجد الشجرة وهكذا فالواجب عليهم الإحرام من هذه المواقيت كل بحسب ميقاته .

   نعم ، هناك روايات تدل على أن كلّ من مرّ بميقات أحرم منه وإن لم يكن من أهل ذلك ، ولا يلزم

أن يحرم من ميقات بلده خاصّة (7) .

   إلاّ أ نّه وقع الكلام في أنّ هذه الرّوايات هل تشمل المجاور في مكّة ويريد الحجّ منها ، أم تختص بمن

يريد الحجّ من خارج مكّة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 271 .

(2) الدروس 1 : 342 ، الروضة 2 : 211 .

(3) الكافي لأبي الصلاح : 202 .

(4) مجمع الفائدة 6 : 41 .

(5) كفاية الأحكام : 56 السطر 12 .

(6) المدارك 7 : 207 .

(7) الوسائل 11 : 331 /  أبواب المواقيت ب 15 .

 
 

ــ[181]ــ

   ودعوى انصراف هذه الأخبار عمّن يريد الحجّ من مكّة واختصاصها بمن يريد الحجّ من خارج مكّة

، لصدق المرور على الميقات على من كان خارجاً من مكّة وأراد الحجّ ، وأمّا من كان مجاوراً في مكّة

فلا يصدق عليه المرور على الميقات فلا بدّ له أن يحرم من ميقات بلده .

   فاسدة ، إذ لا موجب لدعوى الإنصراف ، وذلك لصدق المرور على الميقات على من يقصد الحجّ

من مكّة أيضاً ، بأن يخرج المقيم في مكّة إلى أحد المواقيت فيحرم منه فإنّه يصدق عليه حينئذ أ نّه مرّ

على الميقات واجتازه . فالظاهر شمول هذه الرّوايات لمن جاور مكّة أيضاً .

   وبالجملة لو كنّا نحن وهذه الرّوايات ولم تكن رواية خاصّة واردة في حكم المقيم لالتزمنا بجواز

الإحرام من أيّ ميقات شاء على سبيل التخيير ، هذا كلّه بالنظر إلى ما تقتضيه القاعدة المستفادة من

الرّوايات العامّة .

   وأمّا بالنظر إلى الروايات الخاصّة الواردة في المقام ، فالمستفاد من بعضها كموثقة سماعة «عن المجاور

أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحجّ ؟ قال : نعم ، يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء» (1) لزوم الخروج إلى

ميقات بلده ومهل أرضه ، ولو تمّت هذه الطائفة لكانت مخصّصة لما دلّ على كفاية الإحرام من أيّ

ميقات شاء ، بإعتبار إطلاق تلك الأدلّة من حيث حجّ المقيم وحجّ الخارج ، واختصاص هذه الموثقة

بالمجاور .

   ولكن دلالة الموثقة على وجوب الخروج إلى ميقات بلده مخدوشة ، لتعليق الوجوب على مشيئته

وذلك ظاهر في عدم الوجوب ، وإلاّ فلا معنى لتعليق الحكم الوجوبي بمشيئته .

   وعلى فرض دلالتها على الوجوب فمعارضة بروايات اُخر تدل على عدم تعيين ميقات خاص

كموثقة اُخرى لسماعة «فإن هو أحبّ أن يتمتع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتّى

يجاوز ذات عرق ، أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 264 /  أبواب أقسام الحجّ ب 8 ح 1 .

ــ[182]ــ

بالعمرة إلى الحجّ ، فإنّ هو أحب أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها» (1) والمستفاد منها

جواز الإحرام من الخارج من أيّ ميقات شاء ، إذ لا تحتمل خصوصيّة لذات عرق أو عسفان . فيظهر

بذلك ضعف مستند القول الأوّل .

   ثمّ إنّ الجهل بموضع ذات عرق أو عسفان وأ نّه قبل الميقات أو بعده غير ضائر في استفادة التخيير

منها ، لأنّ المتفاهم منها عدم تعيين ميقات خاص له وجواز الإحرام من أيّ ميقات شاء .

   وبما ذكرنا ظهر صحّة القول الثّاني وهو جواز الإحرام من المواقيت على سبيل التخيير .

   وأمّا الإحرام من أدنى الحل فتدل عليه جملة من النصوص .

   منها :  صحيح الحلبي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) لأهل مكّة أن يتمتعوا ؟ قال : لا ،

قلت : فالقاطنين بها ، قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكّة ، فإذا أقاموا شهراً فإنّ

لهم أن يتمتعوا ، قلت : من أين ؟ قال : يخرجون من الحرم ، قلت : من أين يهلون بالحج ؟ فقال : من

مكّة نحواً ممّن يقول الناس» (2) .

   ومنها :  موثقة سماعة الواردة في المجاور بمكّة في حديث «من دخلها بعمرة في غير أشهر الحجّ ثمّ أراد

أن يحرم فليخرج إلى الجعرانة فيحرم منها» (3) فإنّها واضحة الدلالة في الخروج إلى أدنى الحل

والإحرام منه ، وهذه الطائفة من الرّوايات مستند القول الثّالث ، وهو الإحرام من أدنى الحل .

   فيقع الكلام في الجمع بين هذه الطائفة والرّوايات السابقة الّتي استفدنا منها التخيير .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 270 /  أبواب أقسام الحجّ ب 10 ح 2 .

(2) الوسائل 11 : 266 /  أبواب أقسام الحجّ ب 9 ح 2 .

(3) الوسائل 11 : 264 /  أبواب أقسام الحجّ ب 8 ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net