واجبات الإحرام \ الأوّل:النيّة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3886

 

كيفيّة الإحرام

   وواجبات الإحرام ثلاثة اُمور :

   الأمر الأوّل : النيّة ، ومعنى النيّة أن يقصد الإتيان بما يجب عليه في الحجّ أو العمرة متقرّباً به إلى الله

تعالى ، وفيما إذا لم يعلم المكلّف به تفصيلاً وجب عليه قصد الإتيان به إجمالاً ، واللاّزم عليه حينئذ

الأخذ بما يجب عليه شيئاً فشيئاً من الرسائل العمليّة أو ممّن يثق به من المعلّمين (2)

ــــــــــــــــــــــــــ
   (2) فإنّ القصد بما يجب عليه من الأعمال والأفعال يتوقف على معرفته لذلك تفصيلاً أو إجمالاً ،

فيجوز له تعلّم الأعمال والواجبات شيئاً فشيئاً من الرسائل العمليّة أو ممّن يثق به من العلماء والمرشدين

، ولا يجب عليه أن يكون عالماً بجميع الأعمال من الأوّل .


ــ[252]ــ

فلو أحرم من غير قصد بطل إحرامه (1) .

   ويعتبر في النيّة اُمور :

   الأوّل : القربة كغير الإحرام من العبادات (2) .

   الثّاني : أن تكون مقارنة للشروع فيه (3) .

   الثّالث : تعيين أنّ الإحرام للعمرة أو للحج ، وأنّ الحجّ تمتع أو قران أو إفراد ، وأ نّه لنفسه أو لغيره

، وأ نّه حجّة الإسلام ، أو الحجّ النذري أو الواجب بالإفساد أو الندبي ، فلو نوى الإحرام من غير

تعيين بطل إحرامه (4) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لأنّ العمل الصادر من دون قصد كالعمل الصادر غفلة أو سهواً غير اختياري له ، فلا بدّ له

من القصد إليه ليكون صدوره منه اختياريّاً .

   (2) لأنّ الإحرام من العبادات ، ولا يتّصف العمل بالعبادة إلاّ بالقربة والخلوص ونفي التشريك ،

وأن يكون الداعي والمحرّك إلى العمل هو الأمر الإلهي كما في سائر الاُمور العباديّة .

   (3) فإنّ العمل إذا كان عباديّاً يجب أن يكون العمل من أوّله إلى آخره مقارناً للنيّة ، فلا بدّ من أن

يكون الإحرام بتمام أجزائه صادراً عن النيّة والقصد والقربة ، فلو صدر بعض الأجزاء بلا نيّة لا

يترتب الأثر على العمل إذ لم يأت بالعمل المأمور به .

   هذا لو بنينا على أنّ الإحرام عبارة عن التلبية فالأمر واضح ، فلو سبق لسانه بأوّل جزء من التلبية

من دون قصد وأتى ببقيّة الأجزاء مع النيّة لا يجزي ذلك عمّا وجب عليه من التلبية .

   نعم ، لو التزمنا بأنّ الإحرام عبارة عن الالتزام النفساني بالتروك وعقد القلب عليه ، فهو أمر بسيط

نفساني إمّا موجود أو معدوم ، ولا يتصوّر فيه أوّل أو آخر ، فلا يتصوّر فيه حصول القصد في الأثناء .

   (4) لأنّ الحجّ له أقسام كثيرة مختلفة ، فإذا لم يقصد أمراً معيّناً وقسماً خاصّاً في مقام الامتثال لا يقع

ما أتى به عن شيء منها ، فإنّ امتثال كل أمر يتوقف على قصده

ــ[253]ــ

   مسألة 177 : لا يعتبر في صحّة النيّة التلفظ ولا الإخطار بالبال ، بل يكفي الداعي كما في غير

الإحرام من العبادات (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

معيّناً ، ولا يتعيّن إلاّ بالقصد حين الإتيان بالعمل ، فلو فرضنا أ نّه أحرم وقصد أن يعيّنه بعد ذلك بحيث

كان العمل حين الإتيان به غير معين ، لا يكفي هذا في مقام الامتثال .

   نعم ، يكفي التعيين الإجمالي ، بأن يقصد المتعيّن واقعاً وإن كان لا يدري به فعلاً ، كما لو فرضنا أنّه

عيّنه سابقاً وكتبه في دفتره الخاص ولكن نسي ما كتبه وعيّنه ، فيقصد الإحرام على النحو الّذي كتبه ،

فإنّ هذا يكون مجزئاً في مقام الامتثال ، لأنّ الفرد متعيّن واقعاً ، والمفروض أنّه يقصد الفرد المعيّن

الواقعي ولا يضر جهله به بالفعـل نظير تعيين البسملة إلى سورة خاصّة ، كما إذا قرأ البسملة وقصد

بها السورة الّتي بعد هذه الصفحة وهو لا يعلم السورة بالفعل .

   (1) فإنّ النيّة عبارة عن القصد ، وهو يتحقق وإن لم يتلفظ به ، والميزان في صحّة العمل القربي

استناد الفعل إلى الله تعالى بحيث يكون أمره سبحانه محرّكاً وداعياً إليه ولا يلزم أزيد من ذلك كما هو

الحال في جميع العبادات .

   نعم ، يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنيّة في خصوص باب الحجّ ، للأمر به في

النصوص :

   منها : صحيح حماد «اللّهمّ إنّي اُريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك ، وإن شئت

أضمرت الّذي تريد» (1) .

   ومنها : صحيحة معاوية بن عمار في حديث «اللّهمّ إنّي اُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك

وسنّة نبيّك (صلّى الله عليه وآله وسلّم) » (2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 342 /  أبواب الإحرام ب 17 ح 1 .

(2) الوسائل 12 : 340 /  أبواب الإحرام ب 16 ح 1 .

ــ[254]ــ

   مسألة 178 : لا يعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرماته ـ  حدوثاً وبقاءً  ـ إلاّ الجماع

والاستمناء ، فلو عزم من أوّل الإحرام في الحجّ على أن يجامع زوجته أو يستمني ـ قبل الوقوف

بالمزدلفة ـ أو تردد في ذلك ، بطل إحرامه على وجه ، وأمّا لو عزم على الترك من أوّل الأمر ولم

يستمر عزمه ، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   ومنها : صحيح ابن سنان «إذا أردت الإحرام والتمتّع فقل : اللّهمّ إنّي اُريد ما أمرت به من التمتّع

بالعمرة إلى الحجّ»(1) .

   وفي بعض الرّوايات ما يظهر منه استحباب الإضمار وعدم التلفّظ ففي صحيح منصور بن حازم «

أمرنا أبو عبدالله (عليه السلام) أن نلبّي ولا نسمِّي شيئاً ، وقال : أصحاب الإضمار أحب إليّ»(2)

وحملوا هذه الرّوايات على التقيّة جمعاً بين الأخبار كما عن المنتهى(3) والمدارك(4) .

   ويمكن أن يقال : إنّ ما دلّ على استحباب الإضمار يراد به عدم الإظهار بالعمرة أو الحجّ ، لا

استحباب إضمار النيّة وعدم التلفظ بها ، فإنّه بذلك يجمع بين التلفظ بالنيّة والتقيّة .

   (1) لأنّ الإحرام ليس هو الالتزام وتوطين النفس على ترك المحرمات ، بل الإحرام عبارة عن التلبية

الموجبة للإحرام والدخول في الحرمة أو عمّا يترتب على التلبية ، فالإحرام اسم للسبب أو للمسبب ،

فهو نظير الأفعال التوليديّة المترتبة على عناوين خاصّة كالطهارة المترتبة على الوضوء أو الغسل ، ولذا

قد يؤمر بالغسل وقد يؤمر بالطهارة كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطّهَرُوا) وقوله تعالى : (... وَلاَ

جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا ...) وهكذا المقام ، فإنّه قد اُمر في الرّوايات تارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 341 /  أبواب الإحرام ب 16 ح 2 .

(2) الوسائل 12 : 344 /  أبواب الإحرام ب 17 ح 5 .

(3) المنتهى 2 : 676 ، السطر 24 .

(4) لاحظ المدارك 7 : 300 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net