حكم قتل الأفعى والحيّة والعقرب وغيرها - حكم قتل الغراب والحدأة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 31631


ــ[304]ــ

   مسألة 205 : يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى والأسود الغدر وكلّ حيّة سوء والعقرب والفارة ، ولا

كفارة في قتل شيء من ذلك (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   ولا يخفى أنّ الاستدلال به متوقف على ثبوت الملازمة بين ثبوت الكفّارة للقتل في الحرم وبين القتل

حال الإحرام ، وموضوع الرّواية هو القتل في الحرم ، ومورد كلامنا القتل حال الإحرام وإن لم يكن في

الحرم ، فالرواية أجنبيّة عن محل الكلام .

  هذا ، مضافاً إلى ضعف السند بالعطار والمكاري كما صرّح به المحقق في الشرائع(1) والمشهور أيضاً

لم يلتزموا بثبوت الكفّارة حتّى يدّعى الإنجبار ، فحال الأسد حال سائر السباع في عدم ثبوت الكفّارة

في قتله سواء جاز قتله أم لا .

   وكذلك يجوز قتل سباع الطير المؤذي لحمام الحرم ولا كفارة في قتله ، لصحيح معاوية بن عمار «أ

نّه اُتي أبو عبدالله (عليه السلام) فقيل له : إنّ سبعاً من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شيء من

حمام الحرم إلاّ ضربه فقال : فانصبوا له واقتلوه فإنّه قد ألحد» (2) .

   (1) لا كلام في جواز قتل هذه الحيوانات ، إنّما الكلام في أنّ الحكم بالجواز هل يختص بما إذا

أرادته وخاف منها أم لا ؟

   المعروف بينهم جواز القتل مطلقاً ، ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه

السلام) في حديث قال : «ثمّ اتّق قتل الدواب كلّها إلاّ الأفعى والعقرب والفارة ، فأمّا الفارة فإنّها

توهي السقاء ، وتضرم على أهل البيت ، وأمّا العقرب فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مدّ

يده إلى الحجر فلسعته ، فقال : لعنك الله لا برّاً تدعينه ولا فاجراً ، والحيّة إن أرادتك فاقتلها ، وإن لم

تردك فلا تردها ، والأسود الغدر فاقتله على كل حال ، وارم الغراب والحدأة رمياً على ظهر بعيرك»

(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 326 .

(2) الوسائل 13 : 83 /  أبواب كفارات الصّيد ب 42 ح 1 .

(3) الوسائل 12 : 545 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 2 .

ــ[305]ــ

   ولو كان جواز القتل مختصّاً بما أراده لم يكن وجه لذكر المذكورات بالخصوص بل كان حالها حال

جميع السباع ، مضافاً إلى أنّ الفارة لا تريد الشخص بل تهرب من الإنسان ، ولعل العقرب كذلك .

   على أنّ اختصاص الحيّة بما إذا أرادت يدل على أنّ المذكورات غير مختصّة بصورة الإرادة وأنّ

الحكم مطلق .

   وأمّا قوله : «والأسود الغدر فاقتله على كل حال» فلا يوهم اختصاص القتل المطلق به ، بل هذا

استثناء من الحيّة الّتي لا تقتل على كل حال ، وأنّ هذا القسم من الحيّة يقتل مطلقاً ، فإطلاق الصدر

على حاله .

   ويدل عليه أيضاً إطلاق صحيح الحلبي قال «يقتل في الحرم والإحرام الأفعى والأسود الغدر وكل

حيّة سوء ، والعقرب والفارة هي الفويسقة» (1) .

   وأمّا صحيح حسين بن أبي العلاء عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال لي : يقتل المحرم الأسود

الغدر والأفعى والعقرب والفارة ، فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سمّاها الفاسقة والفويسقة ،

ويقذف الغراب ، وقال : اقتل كل واحد منهنّ يريدك» (2) فربّما يوهم الاختصاص بصورة الإرادة ،

ولكن قد عرفت أنّ الرّواية مشتملة على ما لا يريد كالفارة فلا تتحقق الإرادة في موردها ، بل الظاهر

أنّ قوله (عليه السلام) : «اقتل كل واحد منهنّ يريدك» حكم آخر وجوبي يختص بصورة الإرادة فإنّه

يجب القتل حينئذ دفعاً للخطر والضرر العظيم ، فلا يوجب تقييد الحكم بالجواز في الصدر بذلك .

 عود على بدء :  سبق لنا أن ذكرنا الرّوايات المجوّزة لذبح المحرم الحيوانات الأهليّة (3) ، فقد روى

الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «يذبح

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 546 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 6 .

(2) الوسائل 12 : 546 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 5 .

(3) راجع ص 298 .

ــ[306]ــ

   مسألة 206: لابأس للمحرم أن يرمي الغراب والحدأة ولا كفارة لو أصابهما الرّمي وقتلهما(1).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

في الحرم الإبل والبقر والغنم والدجاج» (1) .

   وفي النسخة القديمة المطبوعة بالطبع الحجري : «في الحل» بدل قوله «في الحرم» والفرق بينهما

واضح ، ولا ريب أنّ النسخة المطبوعة بالحجري فيها تحريف وغلط لإطباق بعض النسخ الخطية

والطبعة الجديدة على قوله : «في الحرم» كما في الوسائل (2) ، وكذلك نقلها في الوافي (3) ، وفي

الوسائل أسقط كلمة «والغنم» مع أ نّها مذكورة في التهذيب ، وذلك إمّا اشتباه من الوسائل أو من

غلط النساخ .

   وكيف كان : الجملة المذكورة في التهذيب جملة إيجابيّة إلاّ أنّ الصدوق روى في الفقيه بنفس السند

بالجملة السلبية وأ نّه قال (عليه السلام) : «لا يذبح في الحرم إلاّ الإبل والبقر والغنم والدجاج» (4)

وقد ذكرنا آنفاً  (5) أ نّه لا يمكن الاعتماد على رواية الصدوق ، فإنّه مضافاً إلى ما تقدّم يرد عليه :

أنّ دلالة رواية الصدوق على عدم جواز غير الأنعام وغير الدجاج بالإطلاق ، ويرفع اليد عنه بالكلية

المذكورة الصريحة الدالّة على جواز ذبح المحرم كلّما جاز للمحل ذبحه ، ولا ريب في جواز ذبح هذه

الحيوانات للمحل في الحرم فيجوز ذبحه للمحرم أيضاً ، فإنّ المحرّم على أهل الحرم إنّما هو صيد الحرم

ومن دخل الحرم مستجيراً به ، وشي منهما غير صادق على الحيوانات الأهليّة .

   (1) لا كلام في جواز قتل الغراب والحدأة للنصوص المتعدّدة .

   وإنّما يقع الكلام في اُمور :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التهذيب 5 : 367 .

(2) الوسائل 12 : 548 /  أبواب تروك الإحرام ب 82 ح 1 .

(3) الوافي 12 : 125 / 11675 .

(4) الفقيه 2 : 172 .

(5) في ص 298 .

ــ[307]ــ

   الأوّل : هل يختص جواز القتل بما إذا كان المحرم على ظهر بعيره ، كما جاء ذلك في الرّواية المتقدّمة

، فلا يجوز إذا كان راجلاً أو راكباً غير البعير ، أو يعم جميع الحالات ؟ .

   الثّاني : أنّ جواز القتل هل يختص بالغراب الأبقع أو يشمل غيره ؟ .

   الثّالث : هل يختص الحكم المذكور بالرّمي أو يعم مطلق القتل وإن لم يكن بسبب الرّمي ؟ .

   أمّا الأوّل : فلا يخفى أنّ الرّوايات على قسمين :

   أحدهما : مطلق الرجم والقتل وإن لم يكن على ظهر البعير كصحيح الحلبي «ويرجم الغراب والحدأة

رجماً» (1) .

   ثانيهما : خصّ الجواز بما إذا كان على ظهر بعيره كما في صحيحة معاوية بن عمار «وارم الغراب

والحدأة رمياً على ظهر بعيرك» (2) .

   ولكن الظاهر أ نّه لا موحب للتقييد ، فإنّه محمول على الغالب ، والقيد وإن كان له مفهوم عندنا في

الجملة لكن فيما إذا لم يحمل على الغالب .

   وممّا يدل على أنّ القيد إنّما ذكر لأجل الغلبة وأ نّه غير دخيل في الحكم المذكور قوله : «على ظهر

بعيرك» إذ لا نحتمل دخل ملكيّة البعير في الحكم بعدم الجواز .

   هذا كلّه مضافاً إلى القطع بعدم الفرق بين الراجل والراكب ، وبعدم الفرق بين المراكب .

   وأمّا الثّاني : فالظاهر أن ذكر الأبقع في بعض النصوص كمعتبرة حنان بن سدير «والغراب الأبقع

ترميه» (3) لا دلالة فيها على الاختصاص ، إذ لعلّ التقييـد به فيها لأجل كثرة الابتلاء بخصوص هذا

الحيوان وأ نّه حيوان خبيث ، ويشهد لذلك قوله :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12 : 546 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 6 .

(2) الوسائل 12 : 545 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 2 .

(3) الوسائل 12 : 547 /  أبواب تروك الإحرام ب 81 ح 11 .

ــ[308]ــ

«فإن أصبته فابعده الله» فإنّ ذلك يكشف عن خصوصيّة في الأبقع وخيانته .

   وأمّا الثّالث : هل يجوز قتله بأيّ سبب من أسباب القتل ولو بغير الرّمي كالسيف والعصا ونحو ذلك

؟ .

   ذكر بعضهم الاختصاص بالرّمي والرّجم ، ومنهم من جوّز القتل بأيّ سبب كان كشيخنا النائيني (

قدس سره) (1) .

   والظاهر هو الاختصاص ، لأنّ التفصيل في الرّوايات بينه وبين بقيّة المذكورات فيها قاطع للشركة ،

فإنّه بالنسبة إلى بقيّة الحيوانات اُطلق القتل فيها ، وأمّا في خصوص الغراب قيّد القتل بالرّمي ، فيعلم أنّ

للغراب حكم خاص .

   هذا مضافاً إلى عدم جواز قتل الدواب على الإطلاق ، وقد خرجنا منه في قتل الغراب بسبب الرّمي

أو الرّجم ، وأمّا بقيّة أقسام القتل فيشملها عموم المنع .

انتهى الجزء الثّالث بحوله تعالى

ويليه الجزء الرّابع وأوّله كفارات الصّيد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لاحظ دليل الناسك (المتن) : 180 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net