بقيت في المقام شبهتان اُخريان للأشاعرة ، استدلّوا بهما على مطلوبهم(2):
الاُولى : أنّ كلّ ما يصدر عن العبد لا يخلو إمّا أن يكون قد تعلّقت به الإرادة الأزلية أو لا ، فعلى الأوّل لابدّ من وقوعه لاستحالة تخلّف الإرادة عن مراده تعالى ، وعلى الثاني فلابدّ من عدم وقوعه ، لاستحالة وقوع شيء ما لم يرده تعالى .
الثانية : أنّ الأفعال لا تقع وفق المقاصد ، فإنّ كثيراً ما يقصد الإنسان الإطاعة والعبادة وغيرهما من الأفعال العادية مع كثرة اشتياقه إليها ، ومع ذلك لا يحصل الفعل على وفق مقصوده .
ولمّا كانت الشبهة الاُولى مأخوذة من الفلاسفة القدماء أخّرنا الجواب عنها عندما نتعرّض لأقوال الفلاسفة(3).
وأمّا الشبهة الثانية ـ وهي وقوع الأفعال على خلاف مقاصد العباد ـ فلمّا ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) وهاتان الشبهتان تعدّان الدليلين الرابع والخامس من الأدلّة العقلية لهم . (3) في ص55 .
ــ[44]ــ
كانت بظاهرها في غاية السخافة أعرضنا عن جوابها ، ولو اُريد بها ما ذكره بعض متأخّري الفلاسفة ببيان أتمّ معروف عندهم بقانون العلّة فالجواب عنها يظهر عند التعرّض له ولجوابها عندما نتكلّم عن أقوال الفلاسفة وردودها(1). ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص70 .
|