حكم الشك في الطّهارة - تعذّر الطّهارة 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5651


ــ[11]ــ

   مسألة 286 : إذا شكّ في الطهارة قبل الشروع في الطّواف أو في أثنائه ، فان علم أنّ الحالة السابقة

كانت هي الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك وإلاّ وجبت عليه الطهارة

والطّواف أو استئنافه بعدها (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

قليلة أو كثيرة ، فانّ الطّواف حول الكعبة على نحو الدائرة والوصول إلى الركن الثالث هو النصف

على كل تقدير .

   فعلى الاحتمال الأوّل لا بدّ من الاعادة والاستئناف لعدم اتمام الشوط الرابع ، وعلى الاحتمال

الثاني لا حاجة إلى الاعادة بل يبني على طوافه ، فمقتضى الاحتمالين وعدم ترجيح أحدهما على الآخر

هو الجمع بين الأمرين بأن يتم طوافه من حيث قطع بعد الطهارة ثمّ يأتي بطواف آخر . ويجزئ عن

الاحتياط المذكور أن يأتي بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام ، فان كان المطلوب هو

التمام فقد أتى به ولا عبرة بما تقدم منه ، وإن كان المطلوب هو الاتمام فقد حصل ويكون الزائد لغواً .

   وممّا يؤيِّد أنّ العبرة في النصف بالنصف الصحيح خبر إبراهيم بن إسحاق عمن سأل أبا عبدالله (عليه

السلام) «عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثمّ طمثت ، قال : تتم طوافها وليس عليها غيره

ومتعتها تامّة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة ، لأ نّها زادت على النصف وقد قضت متعتها ،

فلتستأنف بعد الحج ، وإن هي لم تطف إلاّ ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج» الحديث (1) فقد جعل

الثلاثة مقابل الأربعة لا الثلاثة والنصف ، فيعلم أنّ النصف لوحظ باعتبار العدد الصحيح وهو الأربعة

.

   (1) من شكّ في الطهارة فقد يفرض أ نّه مسبوق بالطهارة فلا ريب أ نّه محكوم بالطهارة لاستصحابها

، لصحيح زرارة المعروف الدال على استصحاب الطهارة(2) سواء كان الشك في الأثناء أو بعده أو

قبله ، وقد يفرض أ نّه مسبوق بالحدث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 455 /  أبواب الطّواف ب 85 ح 4 .

(2) الوسائل 1 : 245 /  أبواب نواقض الوضوء  ب 1 ح 1 وغيره .

ــ[12]ــ

فاستصحاب الحدث يجري على كل تقدير ، وقد يفرض أ نّه من باب توارد الحالتين ويشك في السابق

واللاّحق وهذا على صور :

   أحدها :  أن يشك بعد الفراغ من الطّواف ففي مثله يحكم بالصحّة لقاعدة الفراغ لجريانها في جميع

الموارد ولا خصوصية لها بالصلاة .

   ونقل في الجواهر (1) عن كاشف اللثام (2) الحكم بالبطلان ، ولا وجه له أصلاً وهو أعرف بما قال

.

   ثانيها :  أن يشك قبل الطّواف فحينئذ لا بدّ من الطهارة لعدم إحرازها في العمل المشترط بها ،

سواء قلنا بجريان استصحابي الطهارة والحدث وتساقطهما أو قلنا بعدم جريانهما أصلاً كما عن المحقق

صاحب الكفاية (3) .

   ثالثها :  أن يشك في الأثناء ، المعروف هو البطلان لعدم إحراز الطهارة وهو الصحيح ، واحتمل في

الجواهر الصحّة بالنسبة إلى الأشواط السابقة ويتطهّر لما بقي من أشواطه نظير الشك في الطهارة بين

صلاتي الظهر والعصر فانّه يحكم بصحّة الظهر وعدم الالتفات إلى الشك ويجب الوضوء للعصر مع أنّ

العصر مترتب على الظهر ، وقال (قدس سره) ولكن لم أجد من احتمله في المقام (4) .

   ويرد عليه بالفرق بين صلاتي الظهر والعصر وبين الطّواف ، ولا يمكن إجراء قاعدة الفراغ في المقام

، ولا يقاس بباب الظهر والعصر ، والوجه أن صحّة العصر لا تتوقف على صحّة الظهر واقعاً فانّ

الترتيب بينهما ذكري ، فلو كان الظهر فاسداً واقعاً صحّ عصره فلا مانع من بطلان ظهره واقعاً وصحّة

عصره واقعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 273 .

(2) كشف اللثام 5 : 411 .

(3) كفاية الاُصول : 421 .

(4) الجواهر 19 : 273 .

ــ[13]ــ

   مسألة 287 : إذا شكّ في الطهارة بعد الفراغ من الطّواف لم يعتن بالشك (1) وإن كانت الاعادة

أحوط ، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطّواف (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لقاعدة الفراغ ، وقد عرفت عدم اختصاصها بالصلاة ، ولكن تجب الطهارة لصلاة الطّواف

لاعتبار احراز الطهارة فيها .

   (2) قد تحصّل من مجموع ما ذكرنا : أ نّه إذا شكّ في الطهارة قبل الشروع في الطّواف ، فان علم

أنّ الحالة السابقة كانت هي الطهارة فهو محكوم بالطهارة لاستصحابها ، وإن علم أنّ الحالة السابقة هي

الحدث فهو محكوم بالحدث لاستصحابه وتجب عليه الطهارة ، وإن كان المورد من باب توارد الحالتين

ولم يعلم السابق واللاّحق تجب عليه الطهارة أيضاً ، وإن شكّ في الطهارة بعد الفراغ من الطّواف يحكم

له بصحّة الطّواف على جميع التقادير لقاعدة الفراغ .

   هذا كلّه بالنسبة إلى الطّواف، وأمّا بالنسبة إلى صلاة الطّواف فلا يمكن الحكم بصحّتها بجريان قاعدة

الفراغ في الطّواف ، وتفصيل ذلك : أ نّه إذا كانت الحالة السابقة هي الطهارة فلا حاجة إلى طهارة

جديدة بل يستصحبها ويصلّي صلاة الطّواف وإن كانت الحالة السابقة هي الحدث أو كان المورد من

توارد الحالتين ولم يعلم السابق واللاّحق فلا بدّ له من الطهارة لصلاة الطّواف لاعتبار الطهارة فيها ولا

بدّ من إحرازها ، وقاعدة الفراغ الجارية في الطّواف إنّما تثبت صحّة العمل السابق الّذي مضى، وأمّا

العمل اللاّحق فلا بدّ من إحراز شرائطه .

   وبعبارة اُخرى : قاعـدة الفراغ لا تثبت أنّ الطّواف كان عن طهارة ، وإنّما تثبت صحّة الطّواف

والعمل السابق ولا تتكفل صحّة العمل اللاّحق .

   ثمّ إنّه قد يفرض أنّ المكلّف كان محدثاً بالحدث الأصغر ويشك في أ نّه توضأ أم لا، ففي مثل ذلك

تجري قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الطّواف ، ويجب عليه الوضوء للصلاة لاشتراطها بالطهارة .

ــ[14]ــ

   وقد يفرض أنّ الحالة السابقة كانت هي الحدث الأكبر كالجنابة وطاف ثمّ بعد الطّواف يشك في أ نّه

اغتسل أوّلاً وطاف أم لم يغتسل ، ففي ذلك قد يفرض أ نّه لم يحدث بالحدث الأصغر وإنّما الصادر منه

الحدث الأكبر فقط ، فهنا لا شك في جريان قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الطّواف ويغتسل لصلاة الطّواف

بمقتضى استصحاب الجنابة مثلاً ، وقد عرفت أن قاعدة الفراغ لا تثبت أنّ الطّواف كان مع الغسل

وإنّما تثبت صحّة الطّواف فقط .

   وقد يفرض أ نّه أحدث بالحدث الأصغر بعد الطّواف، ففي مثل ذلك لايمكن جريان قاعدة الفراغ

بالنسبة إلى الطّواف ولا يمكن الحكم بصحّة طوافه ، بل لا بدّ له من إعادة الطّواف ، وكذا يجب عليه

الجمع بين الوضوء والغسل لصلاة الطّواف ، والوجه في ذلك :

   أنّه يعلم إجمالاً إمّا بعدم صحّة جريان الاستصحاب بالنسبة إلى الحدث الأكبر وإمّا بعدم جريان

قاعدة الفراغ ، لأنّ المفروض أ نّه أحدث بالحدث الأصغر فمقتضى جريان الاستصحاب أ نّه بالفعل

مجنب ولا بدّ له من الغسل ولا أمر له بالوضوء ، إلاّ أنّ المفروض أ نّه أحدث بالحدث الأصغر ، فان

كان في الواقع جنباً بالفعل فطوافه باطل لأ نّه وقع حال الجنابة ، وإن لم يكن جنباً بالفعل فوظيفته

الوضوء لا الغسل فليس له أن يغتسل ويصلّي صلاة الطّواف فاذا اغتسل وصلّى يعلم إجمالاً إمّا

ببطلان الطّواف أو ببطلان الصلاة ، لأ نّه على تقدير صحّة طوافه واقعاً فهو مأمور بالوضوء للصلاة

فعلاً، لأنّه قد أحدث بالحدث الأصغر، فالجمع بين جريان الاستصحاب والاغتسال لصلاة الطّواف

وبين الحكم بصحّة الطّواف السابق غير ممكن ، فان أحدهما خلاف الواقع يقيناً ، يعني لو اغتسل

وصلّى يعلم إمّا ببطلان الصلاة أو الطّواف ، لأ نّه إذا كان مغتسلاً سابقاً فصلاته باطلة ، لأنّ وظيفته

الوضوء لا الغسل ، وإن كانت الجنابة باقية ولم يكن مغتسلاً قبلاً فالطواف باطل فهو عالم جزماً ببطلان

أحد العملين إمّا يجب عليه الوضوء للصلاة أو يجب عليه إعادة الطّواف لبطلانه ، فالجمع بين

استصحاب بقاء الجنابة والاغتسال للصلاة وبين الحكم بصحّة الطّواف السابق ممّا لا يمكن ، فقاعدة

الفراغ تسقط للمعارضة ، فاذا سقطت القاعدة تصل النوبة إلى قاعدة

ــ[15]ــ

   مسألة 288 : إذا لم يتمكن المكلّف من الوضوء يتيمم (1) وأتى بالطواف ، وإذا لم يتمكّن من

التيمم أيضاً جرى عليه حكم من لم يتمكّن من أصل الطّواف . فاذا حصل له اليأس من التمكّن لزمته

الاستنابة للطواف ، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

الاشتغال ، لأ نّه يشك في الامتثال ، كما أ نّه يجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل لإحراز الطهارة

لعدم العلم بحاله وأ نّه جنب أو غير جنب ، فيعلم إجمالاً بوجوب أحد الأمرين ، ومن جهة لزوم إحراز

الطهارة لا بدّ من الجمع بينهما ، فالشك بعد الفراغ محكوم بعدم الاعتناء في غير هذا المورد الّذي

يكون معه علم إجمالي ببطلان العمل السابق أو اللاّحق ، فانّه إذا فرضنا أنّ الجنب أحدث بالأصغر بعد

الطّواف ليس له الاكتفاء بالغسل اعتماداً على استصحاب الجنابة، ويأتي بصلاة الطّواف عن غسل ، لأ

نّه مستلزم للعلم بالمخالفة ، فتدبر فان هذه نكتة لم أر من تنبّه إليها .

   (1) لأنّ التراب أحد الطهورين وهو بمنزلة الوضوء ، والمعتبر في الطّواف هو الطهارة ، والواجد

للماء طهارته الوضوء والفاقد له طهارته التيمم ، وإذا لم يتمكن من التيمم أيضاً فهو فاقد الطهورين

فهو في الحقيقة غير متمكن من الطّواف ، لأن عدم التمكن من الشرط موجب لعدم التمكن من

المشروط فتصل النوبة إلى الاستنابة ، لما سيأتي(1) أنّ الطّواف تجب فيه المباشرة وإلاّ فيستنب .

   وبتعبير آخر : أنّ العمل بعهدة المكلف ولكن يقوم به تارة بالمباشرة واُخرى بالتسبيب بحمله وإطافته

، وإن لم يتمكن من ذلك أيضاً يطاف عنه ، فهذه مراتب الطّواف كما في صحيحة معاوية بن عمار(2)

، ولكن في المقام لا مجال للإطافة به ، لأنّ المفروض أ نّه قادر على إتيان نفس العمل ولكن لا يتمكن

من إتيانه مع الطهارة فينتهي الأمر إلى الاستنابة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الصفحة 97 ذيل المسألة 326 .

(2) الوسائل 13 : 390 /  أبواب الطّواف ب 47 ح 4 ، 6 .

ــ[16]ــ

   ويحتمل بعيداً سقوط الطهارة في الطّواف كما احتمل في الصلاة بأن يصلّي بلا طهور وهكذا المقام

يطوف بلا طهارة . وهذا الاحتمال ساقط جدّاً ، لأن ظاهر الأدلّة هو الاشتراط على الاطلاق للقادر

والعاجز .

   نعم ، لا بأس بالاحتياط بأن يطوف بلا طهارة ويستنيب فيما إذا  كان الحدث حدثاً أصغر .

   وحكى في الجواهر عن الفخر عن والده (قدس سره) أ نّه لا يرى إجزاء التيمم فيه بدلاً عن الغسل

، لعدم مشروعية التيمم للجنب من أجل الدخول في المسجدين ولا اللّبث في سائر المساجد ، ومقتضى

ذلك عدم مشروعيته للطواف لاستلزامه الدخول واللّبث في المسجد (1) .

   ويندفع بأنّ التيمم للطواف نفسه لا للدخول في المسجد نظير التيمم للصلاة فيكون متطهراً فيجوز

له الدخول في المسجد للصلاة .

   هذا مضافاً إلى ما ذكرناه في باب التيمم(2) من قيام الطهارة الترابية مقام المائية فانّ الطهارة الترابية

لها نفس الخصوصية المائية الثابتة لها فلا موجب للاستنابة ، نعم هو أحوط .

   وإن لم يتمكن من التيمم يتعين عليه الاستنابة لحرمة دخول الجنب في المسجد والاحتياط بالطواف من

غير طهارة غير جار في المقام .

   فظهر أنّ المكلف إذا كان محدثاً بالحدث الأصغر ولم يتمكن من الوضوء يتيمم ويأتي بالطواف ، وإن

لم يتمكن من التيمم أيضاً يستنيب ، والأحوط استحباباً أن يأتي هو أيضاً بالطواف من غير طهارة ، وأمّا

إذا كان محدثاً بالحدث الأكبر فيتعيّن عليه الاستنابة ولا يجوز له الدخول في المسجد ولا يحتاط بالطواف

بنفسه . وهكذا الحال في الحائض والنفساء إذا تعذر الاغتسال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 19 : 270 .

(2) في المسألة [ 1148 ] .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net