البيان الثاني للمتأخّرين
ذهب عدّة من المتأخّرين إلى تبعيّة الأفعال للأوصاف والنعوت المنتقلة من الآباء والاُمّهات بقانون الوراثة ، كصاحبي مجلّة الحيوان(1) وكتاب أصل الأنواع(2) وغيرهما ممّن رأى انتقال الصفات من الضروريات في القوانين الكونية ولهم في تقريبه بيانات مختلفة ، ذكرنا بعضها في التعليم(3) ولا نحتاج إلى نقلها في المقام .
والذي نقول في الجواب هو : أنّ ثبوت الوراثة في ظواهر الأجسام النامية والحيّة وإن كان مسلّماً في الجملة ، وقد أسهبنا البحث عنه في التعليم إلاّ أنّ ثبوتها في الأوصاف الأوّليّة غير العارضية محلّ نظر ، بل منع رأساً .
ونعني بالأوصاف الأوّليّة ما يكون جميع أفراد النوع بما هي أفراد النوع واجدة لها ، كالتعجّب والضحك مثلا ، فإنّ هاتين الصفتين اللتين هما من لوازم النفس الناطقة : الاُولى بواسطة إدراك الكلّي والثانية بواسطتهما ، ممّا لا يقبل الوراثة ولا يخضع لها أصلا ، ومن هذا القبيل القدرة على الفعل والترك .
فهذان البيانان ـ أي بيان مذهب العلّة وقاعدة الوراثة ـ هما عمدة ما استدلّوا به على الجبر والاضطرار ، وأمّا بياناتهم الاُخر فأكثرها استدلالات للاختيار ــــــــــــــــــــــــــــ (1) لم نعثر عليها . (2) أصل الأنواع (تشارلز داروين) : 131 وما بعدها . (3) لم نعثر عليه ، نعم ذكر المقرّر البحث في كتاب جبر واختيار : 148 (باللغة الفارسية) .
ــ[74]ــ
وبعضها في غاية الجودة والمتانة .
|