الشك في السعي بعد الفراغ منه - الشك في أثناء السعي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5265


ــ[150]ــ


الشك في السّعي

   لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي بعد التقصير ، وذهب جمع من الفقهاء إلى عدم الاعتناء

بالشك بعد انصرافه من السعي وإن كان الشك قبل التقصير ، ولكن الأظهر لزوم الاعتناء به حينئذ

(1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

والغفلة ، وقد خرجنا منها في خصوص الاحلال .

   فظهر أن الحكم بالكفارة معلّق على الاحلال لا على المواقعة ، وأمّا إذا قلّم أو قصّ شعره أو واقع

أهله ولم يأت بذلك بعنوان الاحلال من العمرة كما إذا كان ذاهلاً عن الأعمال بالمرّة فلا يترتب عليه

شيء أصلاً ، هذا مقتضى الجمع بين صحيح ابن يسار والمطلقات النافية للكفارة في مورد الخطأ .

   (1) الشك في عدد الأشواط هل يوجب البطلان كالشك في عدد أشواط الطّواف فلا بد من كونه

حافظاً ، أم فيه تفصيل ؟

   قد يفرض حصول الشك بعد الفراع من السعي وبعد التقصير ، وقد يفرض حصول الشك في

الأثناء .

   أمّا الأوّل : فلا ريب في عدم الاعتناء بالشك ، لقاعدة الفراغ .

   وقد يتخيّل أن صحيح سعيد بن يسار المتقدم (1) يدل على البطلان في هذه الصورة أيضاً ، لأنه

اشترط في الصحة كونه حافظاً للستة وإلاّ فيستأنف .

   وفيه : ما لا يخفى ، لأن الشك المفروض في صحيح سعيد بن يسار من الشك في الأثناء ، لأن المورد

بعد ما أحلّ وتذكّر النقص قال (عليه السلام) : «إن كان يحفظ أنه أتى ستة أشواط فليتم شوطاً واحداً

، وإن لم يحفظ أنه سعى فليعد السعي» فمورده

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 147 .

ــ[151]ــ

الشك قبل إتمام السعي وفي أثنائه ، والفراغ غير حاصل وإنما تخيل الفراغ ، ومفروض كلامنا هو

الشك بعد الفراغ وليس في المقام علم بالنقص ، بخلاف مورد الرواية فانه علم بالنقص ولكن لم يحفظ

أنه ستة ولم يعلم أنه ستة أو أقل .

   المورد الثاني : فاعلم أن جمعاً من الفقهاء ذهبوا إلى عدم الاعتناء إن خرج من المسعى وانصرف عن

السعي وإن كان قبل التقصير ، باعتبار أنه شك بعد التجاوز من المحل ، وممّن صرحّ بذلك شيخنا

الاُستاذ (قدس سره)(1) بدعوى أن الشك في أنه أتى بالسبعة أم لا شك بعد الفراغ ، لأن الخروج

من المسعى والانصراف عنه يحقق الفراغ والتجاوز عن السعي .

   ولكن لا يمكن إثباتها بدليل ، بل الشك حينئذ في الحقيقة حاصل في أثناء السعي وأثناء العمل .

وبالجملة : الشك إن كان حادثاً بعد التقصير فلا اعتبار به لقاعدة الفراغ ، وإن كان الشك قبل

التقصير ولم تفت الموالاة ـ  بناء على اعتبارها كما هو المختار  ـ فالشك من الشك في المحل ، وأمّا

بناء على عدم اعتبار الموالاة كما هو المشهور فلا ريب في أنه من الشك في المحل وإن فاتت الموالاة .

وأمّا بناءً على اعتبار الموالاة وشك بعد فوات الموالاة فالشك من الشك بعد المحل .

   فالكلام فيما لو لم تفت الموالاة ولم يقصّر ولكن خرج من المسعى وانصرف عنه فشك، فقد ذهب

جمع إلى عدم الاعتناء، لأنه شك بعد الفراغ، ولكن ذكرنا في المباحث الاُصولية (2) أن الشك إنما لا

يعتنى به بعد تحقق عنوان المضي والتجاوز ، والمضي قد يكون حقيقياً وقد يكون حكمياً وبالعناية باعتبار

محله ، فجريان القاعدة يحتاج إلى المضي الحقيقي أو الحكمي ، والمضي الحكمي باعتبار مضي المحل

كمضي القراءة بعد الدخول في السورة فان المضي الحقيقي غير حاصل ، لأن التدارك ممكن لعدم

الدخول في الركوع ، فالمضي هنا بمعنى مضي المحل والتجاوز عنه ، ولذا اعتبرنا الدخول في الغير في

جريان القاعدة حتى يصدق عنوان التجاوز ، لأن المفروض أن المحل باق حقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دليل الناسك (المتن) : 295 .

(2) راجع مصباح الاُصول 3 : 282 .

ــ[152]ــ

ويتمكّن من التدارك .

   وأمّا المضي الحقيقي فهو كالشك بعد الفراغ من الصلاة ، فان الصلاة قد مضت على كل تقدير

سواء كانت صحيحة واقعاً أو كانت باطلة ولا يمكن تداركها ، والشك إنما هو في أمر ماض لا في أمر

حالي ، وكالشك في إتيان بعض أجزاء الوضوء بعد الفراغ منه والانصراف عنه .

   والجامع أن يكون الشك متعلقاً بشيء لا يمكن تداركه بالفعل لتعلقه بأمر قد مضى ، بخلاف الشك

في القراءة بعد الدخول في السورة فان المضي فيه حكمي لامكان التدارك ، وهذا هو الميزان في جريان

قاعدة الفراغ والتجاوز ، وذلك من دون فرق بين الشرائط الشرعية غير المقوّمة كاشتراط الصلاة

بطهارة اللباس والبدن أو اعتبار الستر ونحو ذلك ، وبين الشرائط غير الشرعية المقوّمة كالدخول في

الوقت ، فان كان محرزاً للوقت ولكن رجع شكه إلى عمله وإيقاعه في الوقت تجري القاعدة ، وأمّا إذا

كان بالفعل شاكاً في دخول الوقت فالقاعدة لا تتكفل صحة الصلاة ولا دخول الوقت . وكذا لو كان

هناك إناءان أحدهما فيه ماء مطلق والآخر فيه ماء مضاف وتوضأ وكان حين الوضوء ملتفتاً ثم شك في

أنه توضأ من المطلق أو المضاف فهنا تجري القاعدة ، لأن الشك يرجع إلى عمله ، ففي المقام لو خرج

من المسعى ولم يحرز الشوط السابع فبعد لم يتجاوز ولم يتحقق الفراغ بل هو في الأثناء فلا بد من

الاعتناء به .

   وربما يقال بأن المناط في جريان قاعدة الفراغ هو الفراغ الاعتقادي ، ولكن لا  يمكن إثباته بدليل ،

لأن موضوع الروايات هو المضي وهو يتحقق بالفراغ الحقيقي أو الحكمي ، وأمّا المضي الاعتقادي فلا

يشمله عنوان المضي ، فالعبرة بأحد أمرين :

   المضي الحكمي العنايتي أو الحقيقي ، وأمّا المضي الاعتقادي الخيالي فلا عبرة به . وإن كان شكه بعد

الخروج من المسعى فضلاً عن وجوده فيه ، فلا بدّ من الاعتناء وتفصيل هذا البحث يطلب من تقريراتنا

الاُصولية .

ــ[153]ــ

   مسألة 348 : إذا شك وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع أو التاسع فلا اعتبار

بشكه ويصح سعيه. وإذا كان هذا الشك أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف (1).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) إذا شك في عدد الأشواط وهو في المسعى ، فتارة يشك في الزيادة والنقيصة معاً ، واُخرى

يشك في النقيصة فقط ، وثالثة يشك في الزيادة فقط .

   فان كان شكه متمحضاً في النقيصة ، كما إذا شك بين الستة والخمسة أو كان شكه بين الزائد

والناقص كما إذا شك بأن هذا الشوط هو السادس أو التاسع ، ففي كلا الصورتين يحكم بالبطلان

كما هو الحال في الطّواف ، وليس له نفي الزائد بأصالة عدم الزيادة ، لأن المستفاد من النصوص كما

تقدّم(1) لا بدّ من أن يكون حافظاً للأعداد وكذلك السعي .

   ويدل على ذلك مضافاً إلى التسالم ، ما في ذيل صحيح سعيد بن يسار المتقدم(2) «وإن لم يكن

حفظ أنه قد سعى ستة فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط» ولا نحتمل اختصاص الحكم بمورده

وهو الستة ، بل يشمل الحكم بالاعادة والبطلان ما إذا لم يحفظ الخمسة أو الأربعة .

   ويستدل لذلك أيضاً بالروايات المتقدمة الواردة في الشك في عدد أشواط الطّواف كصحيحة الحلبي

«في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة ، قال : يستقبل» (3) فان الطّواف ما لم يذكر فيه البيت يشمل

السعي بين الصفا والمروة ، وقد اُطلق الطّواف في الآية(4) والروايات(5) على السعي بين الصفا

والمروة ، والمستفاد من هذه الروايات أن الأشواط لا بدّ أن تكون محفوظة ولا يدخله الشك .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 78 .

(2) في ص 147 .

(3) الوسائل 13 : 361 / أبواب الطّواف ب 33 ح 9 .

(4) البقرة 2 : 158 .

(5) الوسائل 13 : 491 / أبواب السعي ب 13 ح 2 ، 4  و ص 493 / أبواب السعي ب 14

ح 2 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net