اعتبار القصد والاختيار في الوقوف - مبدأ الوقوف ومنتهاه 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3857


ــ[184]ــ

   مسألة 367 : يعتبر في الوقوف أن يكون عن اختيار ، فلو نام أو غشي عليه هناك في جميع الوقت لم

يتحقق منه الوقوف (1) .

   مسألة 368 : الأحوط للمختار أن يقف في عرفات من أول ظهر التاسع من ذي الحجة إلى الغروب

، والأظهر جواز تأخيره إلى بعد الظهر بساعة تقريباً والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجباً يأثم

المكلف بتركه إلاّ أنه ليس من الأركان ، بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد

حجّه ، نعم لو ترك الوقوف رأساً باختياره فسد حجّه . فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في

الجملة (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) الجهة الرابعة: أن الواجب من الوقوف هي الحصة الاختيارية، فلابدّ من صدوره عن قصد

واختيار ، وقد ذكرنا في بحث التعبّدي والتوصّلي من مباحث علم الاُصول(1) أن ما وجب على

المكلف لا بد من صدوره عنه بالاختيار حتى إذا كان توصلياً فضلاً عما إذا كان عبادياً ، وإلاّ فلا يصح

استناد الفعل إليه ، فلو وقف غافلاً في تمام المدّة أو نام أو غشي عليه في جميع الوقت من الزوال إلى

الغروب فان الوقوف منه لم يتحقق .

   نعم ، لو أفاق أو انتبه في بعض الوقت اجتزأ به ، لأن الواجب الركني الذي يفسد الحج بتركه هو

مسمى الوقوف لاتمام الوقت ، فان الزائد عن المسمى وإن كان واجباً مستقلاًّ يأثم بتركه عمداً ولكن

لا يفسد الحج بتركه .

   (2) يقع الكلام في مبدأ الوقوف بعرفات ومنتهاه ، أمّا المنتهى : فلا خلاف في أنه يجب الوقوف إلى

الغروب ، وأمّا الروايات ففي بعضها ورد غروب الشمس وفي بعضها إلى أن وقع القرص ـ قرص

الشمس ـ وفي بعضها إذا ذهبت الحمرة من ها هنا ، وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس(2)

وجميع ذلك يرجع إلى معنى واحد ـ كما ذكرنا ذلك في باب أوقات الصلاة (3) ـ وهو استتار

القرص

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع محاضرات في اُصول الفقه 2 : 139  وما بَعدها .

(2) الوسائل 13 : 557 / أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 22 ، 23 .

(3) في أوقات اليومية والنوافل ذيل المسألة [ 1180 ] .

ــ[185]ــ

ولا عبرة بالحمرة الباقية في السماء بعد غروب الشمس والتي توجد في وسط السماء من قمة الرأس ،

بل العبرة بزوال الحمرة من المشرق ، وهي تحصل باستتار القرص قطعاً كما هو المشاهد .

   وأمّا المبدأ : فالمشهور أنه من الزوال ، بل قال في المدارك (1) واعتبر الأصحاب في النية وقوعها

عند تحقق الزوال ليقع الوقوف الواجب ـ وهو ما بين الزوال والغروب ـ بأسره بعد النية ، ولكن

الأخبار الواردة في المسألة لا تعطي ذلك ، بل ربما يظهر من بعضها خلافه كما صرح بذلك في المدارك

أيضاً ، بل لم نعثر على رواية تدل على الأمر بالوقوف من الزوال ، ولذا نسب إلى جماعة من القدماء

وإلى جملة من المتأخرين جواز التأخير عن الزوال بمقدار الاشتغال بالغسل وصلاة الظهرين .

   ففي صحيحة معاوية بن عمار الواردة في صفة حج النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه انتهى إلى نمرة

وهي بطن عرنة بحيال الأراك ، فضربت قبّته ، وضرب الناس أخبيتهم عندها ، فلما زالت الشمس

خرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومعه قريش(2) وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد

فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ثم صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ثم مضى إلى الموقف فوقف به

(3) .

   وفي صحيحة اُخرى لمعاوية بن عمار في حديث قال «فاذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة ،

ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ، فاذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر

والعصر بأذان واحد وإقامتين ، فانما تعجل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء ، فانه يوم دعاء

ومسألة» (4) .

   وفي موثقة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا ينبغي الوقوف تحت الأراك ، فأمّا

النزول تحته حتى تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس به» (5) فان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدارك 7 : 393 .

(2) في منتقى الجمان [ 3 : 344 ] «ومعه فرسه» بدل «قريش» .

(3) الوسائل 11 : 213 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4 .

(4) الوسائل 13 : 529 / أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب 9 ح 1 .

(5) الوسائل 13 : 533 / أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ب 10 ح 7 .

ــ[186]ــ

المستفاد من هذه النصوص جواز التأخير بمقدار الاشتغال بالغسل وأداء الظهرين واستماع الخطبة .

   بل المستفاد من النصوص استحباب التأخير بمقدار أداء هذه الأعمال تأسياً بالنبي (صلّى الله عليه

وآله وسلّم) وللأمر به في بعض النصوص المعتبرة ، ولا ينافي ذلك كون التقديم والوقوف من أول

الزوال أحوط ، فان ذلك نظير الاتمام والقصر في أماكن التخيير من كون الاتمام أفضل والقصر أحوط

.

   نعم ، لا يبعد اعتبار الاشتغال بالعبادة في هذه المدة في صورة التأخير ، فالتأخير عمداً من دون أن

يشتغل بعبادة مشكل . وهذه الاُمور تشغل مقدار ساعة من الزمان تقريباً .

   وذكر في الحدائق أنه يشتغل بالوقوف ومقدماته من الغسل أوّلاً ثم الصلاة الواجبة والخطبة

واستماعها كما ورد في كيفية حج النبي (صلّى الله عليه وآله) ثم يأتي الموقف (1) ولكنّ الأحوط

خروجاً عن مخالفة المشهور هو الوقوف من أول زوال يوم عرفة فيأتي بهذه الأعمال في عرفات .

   وما احتمله صاحب الجواهر من إمكان إرادة إتيان هذه المقدمات والأعمال كلها في عرفات من

النصوص (2) بعيد جداً ، لتصريح النص بأنه يأتي بها بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة .

وقد احتمل أيضاً أن المسجد الذي صلى فيه النبي (صلّى الله عليه وآله) غير المسجد الموجود الآن

بنمرة المسمى بمسجد إبراهيم (عليه السلام) ولكنه غير ثابت .

   وكيف كان فلا خلاف في أن الواجب الركني هو مسمي الوقوف والزائد عليه واجب غير ركني

يأثم بتركه ويصح حجّه ، وتدل على ذلك الروايات الدالة على أن من أفاض قبل الغروب عليه بدنة

(3) فان ذلك يكشف عن الاكتفاء بالوقوف ولو

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 16 : 377 .

(2) الجواهر 19 : 23 .

(3) الوسائل 13 : 558 / أبواب إحرام الحج والوقوف ب 23 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net