3 ـ الوقوف بمزدلفة \ حدّ المشعر 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4407

 

الوقوف في المزدلفة

   وهو الثالث من واجبات حج التمتّع ، والمزدلفة إسم لمكان يقال له المشعر الحرام وحدّ الموقف من

المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسّر ، وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلاّ عند الزحام وضيق

الوقت فيرتفعون إلى المأزمين . ويعتبر فيه قصد القربة (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

   (1) لا خلاف بين المسلمين كافة في أن الوقوف بالمشعر من واجبات الحج ويدل عليه الكتاب العزيز

(فَإذا أفَضْتُم مِن عَرَفات فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ)(1) ولذا اُطلق عليه الفريضة في النصوص(2)

باعتبار ذكره في القرآن، وتدل عليه الروايات الكثيرة :

   منها : الروايات البيانية الحاكية لحج النبي (صلّى الله عليه وآله) (3) وفي جملة من النصوص : أن من

فاته الوقوف بالمشعر فلا حج له وفاته الحج (4) .

   إنما يقع الكلام في بعض الخصوصيات :

   منها : أن حد الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر كما في النصوص المعتبرة(5) وأمّا نفس

الحدود فهي خارجة عن الموقف ، ولا يجوز الوقوف فيها اختياراً إلاّ إذا كان هناك زحام وحرج فيجوز

الوقوف في المأزمين (6) خاصة كما في موثق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 198 .

(2) الوسائل 14 : 10 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 4 .

(3) الوسائل 11 : 213 / أبواب أقسام الحج ب 2 .

(4) الوسائل 14 : 37 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 23 .

(5) الوسائل 14 : 17 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 .

(6) المأزم : الطريق الضيق بين جبلين ، ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر مأزمان . مجمع

البحرين 6 : 7 .

ــ[200]ــ

سماعة قال «قلت لأبي عبدالله عليه السلام إذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال:

يرتفعون إلى المأزمين» (1) .

   لكن الأصحاب جوّزوا الارتفاع إلى الجبل حتى المحقق في الشرائع (2) ولذا اعترض عليهم صاحب

الحدائق بأن النص تضمّن جواز الوقوف في المأزمين عند الضيق ولم يذكر فيه الجبل ، وإنما الجبل حد

آخر للمشعر ولم يرد في النص جواز الوقوف عليه (3) وكذلك صاحب الوسائل جوّز الوقوف على

الجبل ، وذكر الجبل في عنوان الباب التاسع من الوقوف بالمشعر ، واستدل بموثق محمد بن سماعة .

وهذا سهو منه ، فان الجبل المذكور في هذا الموثق إنما هو جبل عرفات ، فان الشيخ روى باسناده عن

محمد بن سماعة الصيرفي عن سماعة بن مهران قال : «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : إذا كثر الناس

بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال : يرتفعون إلى وادي محسر ، قلت : فاذا كثروا بجمع

وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ فقال : يرتفعون إلى المأزمين ، قلت : فاذا كانوا بالموقف وكثروا

وضاق عليهم كيف يصنعون ؟ فقال : يرتفعون إلى الجبل ، وقف في ميسرة الجبل ، فان رسول الله (

صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقف بعرفات ، فجعل الناس يبتدرون إخفاف ناقته يقفون إلى جانبها ،

فنحّاها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ففعلوا مثل ذلك ، فقال : أيها الناس إنه ليس موضع

إخفاف ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كلّه موقف ، وأشار بيده إلى الموقف وقال : هذا كلّه موقف»

الحديث(4).

   وصاحب الوسائل روى هذه الرواية في أبواب الوقوف بعرفة عن محمد بن سماعة من دون أن يصفه

بالصيرفي ، مع أن الموجود في التهذيب محمد بن سماعة الصيرفي عن سماعة بن مهران ، وفي الوسائل عن

محمد بن سماعة عن سماعة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 19 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 9 ح 1 .

(2) الشرائع 1 : 290 .

(3) الحدائق 16 : 433 .

(4) الوسائل 13 : 535 / أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب11 ح4. التهذيب 5 : 180 /

604 .

 
 

ــ[201]ــ

   ثم إنّ ذكر القطعة الأخيرة من هذه الموثقة في الباب التاسع من أبواب الوقوف بالمشعر سهو منه ، لما

عرفت من أن المراد من الجبل المذكور فيه هو جبل عرفات لا الجبل الذي هو حد المشعر ، فما ذكره

صاحب الحدائق من الاعتراض على الأصحاب هو الصحيح ، إذ لا دليل على جواز الارتفاع إلى

الجبل في المشعر الذي هو حد آخر للمشعر وهو غير الجبل الواقع في المشعر ، فقد صرح في صحيح

زرارة بأن الجبل حد آخر للمشعر ، فعن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال للحكم بن عتيبة «ما حد

المزدلفة ؟ فسكت ، فقال أبو جعفر (عليه السلام) : حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسر»

(1) .

   وبالجملة : لا دليل على جواز الوقوف على الجبل الذي هو من حدود المشعر .

   نعم ، لو أرادوا من الجبل المأزمين كما حمل صاحب الجواهر عبارة المحقق على ذلك(2) فلا بأس به ،

وإن كان بعيداً ، ولكن كلام صاحب الوسائل صريح في أنّ الجبل المذكور في عنوان الباب غير المأزمين

، لأنه ذكر الجبل في قبال المأزمين .

   ثم إنّ بعض الأعلام(3) استشكل في جواز الوقوف في المأزمين لخروجه عن الموقف وقال : لأن

الوقوف بالمشـعر من الأركان فكيف يسوغ تركه بمجرّد كثرة الناس والمضايقة .

   ولا يخفى أنّ ما ذكره من أوضح موارد الاجتهاد في مقابل النص ، فانّ الأحكام تعبّدية ولا مانع من

كون الموقف موقفاً عند الامكان وعدم الزحام ، وأمّا عند الزحام والضيق يكون الموقف أوسع ،

وليس وجوب الوقوف في المزدلفة من الأحكام العقلية التي لا تقبل التخصيص .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 17 / أبواب الوقوف بالمشعر ب 8 ح 2 .

(2) الجواهر 19 : 67 .

(3) الظاهر أنه السيد الحكيم (قدس سره) في دليل الناسك : 340 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net