حكم تارك الحلق والتقصير - حكم تقديم الطواف أو السعي على الحلق والتقصير 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4192


ــ[337]ــ

   مسألة 408 : إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً منه بالحكم إلى أن خرج من منى رجع وقصر أو

حلق فيها (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

لأن الصيد الحرمي لم يحدد باليوم الثالث عشر بل هو محرم ما دام كان في الحرم ، وفي صحيحة حماد «

إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول ، ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب

الصيد حتى ينفر الناس ، وهو قول الله عزّوجلّ (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى) فقال :

اتقى الصيد» (1) فان النفر الثاني للناس هو اليوم الثالث عشر .

   فتحصل : أنه بملاحظة هذه الروايات تبقى حرمة الصيد الاحرامي إلى زوال الشمس من اليوم

الثالث عشر ، ولكن حيث لا قائل بمضمون هذه الروايات ، حتى أن صاحب الجواهر قال لم نجد أحداً

أفتى بذلك من أصحابنا ، بل ولا من ذكر كراهته أو استحباب تركه أو غير ذلك ، فلذا يكون الحكم

بالحرمة وعدم التحلل منه إلى الظهر من اليوم الثالث عشر مبنياً على الاحتياط كما صرحنا بذلك في

المسألة 425 .

   (1) يقع البحث تارة : في الناسي ، واُخرى : في الجاهل ، وثالثة : في العالم العامد .

   أمّا الناسي : فوظيفته أن يرجع إلى منى ويقصِّر أو يحلق فيها، لصحيح الحلبي، قال: «سألت أبا عبدالله

(عليه السلام) عن رجل نسي أن يقصّر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : يرجع إلى منى

حتى يلقي شعره بها حلقاً كان أو تقصيراً»(2) وتشير هذه الصحيحة إلى أن إلقاء الشعر لابد أن يكون

بمنى ، والمراد من إلقاء الشعر حلقه أو قصره هناك ، فان الالقاء بمعنى الفصل والنزع ، ومنه ألقى ثوبه

أي نزعه عن جسده .

   وأمّا الجاهل : فلم يذكر إلاّ في رواية أبي بصير(3) ولكنها ضعيفة بعلي بن أبي حمزة إلاّ أنه يجري

عليه حكم الناسي للجزم بعدم الفرق بين الجهل والنسيان ، ولا نحتمل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 280 / أبواب العود إلى منى ب 11 ح 3 .

(2) ، (3) الوسائل 14 : 218 / أبواب الحلق ب 5 ح 1 ، 4 .

ــ[338]ــ

فان تعذّر الرجوع أو تعسّر عليه قصّر أو حلق في مكانه وبعث بشعر رأسه إلى منى إن أمكنه ذلك (1)

.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

بطلان الحج بذلك في مورد الجهل فانه لا يبطل في العمد فضلاً عن الجهل ، وقد عرفت أن المستفاد من

صحيح الحلبي وجوب إلقاء الشعر حلقاً أو تقصيراً في منى ، ومورده وإن كان النسيان ولكن لا

خصوصية له ، فخصوصية النسيان ملغاة .

   والنتيجة : أن حكم الجاهل كالناسي ويؤيده خبر أبي بصير .

   وأمّا المتعمد : فالمستفاد من صحيحة محمد بن مسلم(1) هو الصحة ، لأنه يسأل فيها عمن زار

البيت قبل أن يحلق وهو عالم بعدم جواز ذلك ، والغالب هو الخروج يوم العيد إلى مكة لطواف البيت

، فأجاب (عليه السلام) بأن عليه دم شاة ، ويعلم من ذلك أن حجّه صحيح وإنما عليه دم شاة . وأمّا

بالنسبة إلى الحلق فوظيفته الاتيـان به إذ لا موجب لسقوطه والواجب على ما هو عليه ، ومجرد تعمد

الخروج من منى يوم العيد لا يوجب سقوط الواجب عنه ، وصحيح علي بن يقطين (2) أيضاً حكم

بالصحة وقال : لا بأس بالحج ، ويبقى عليه التقصير على ما هو وظيفته .

   فتحصل : أنه في جميع الحالات : النسيان والجهل والعمد يحكم بصحة حجّه ولزوم الرجوع إلى منى

للحلق أو التقصير، نعم في خصوص العالم العامد ـ  على ما سيأتي  ـ يجب عليه إعادة الطّواف، وأمّا

الناسي والجاهل فلا ، فالحكم بالرجوع إلى منى للحلق أو التقصير فيها مشترك بين جميع الحالات الثلاثة

من النسيان والجهل والعمد .

   (1) هذه المسألة تنحل إلى حكمين :

   أحدهما : أنه إذا لم يتمكن من الرجوع إلى منى والحلق فيها حلق في مكانه ولا يسقط عنه الحلق ،

ويدل عليه صحيح مسمع «في رجل نسي أن يحلق أو يقصّر حتى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 215 / أبواب الحلق ب 2 ح 1 .

(2) الوسائل 14 : 217 / أبواب الحلق ب 4 ح 1 .

ــ[339]ــ

   مسألة 409 : إذا لم يقصّر ولم يحلق نسياناً أو جهلاً فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج

وتداركه لم تجب عليه إعادة الطّواف على الأظهر ، وإن كانت الاعادة أحوط ، بل الأحوط إعادة

السعي أيضاً ، ولا يترك الاحتياط باعادة الطّواف مع الامكان فيما إذا  كان تذكّره أو علمه بالحكم

قبل خروجه من مكة (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

نفر ، قال : يحلق إذا ذكر في الطريق أو أين كان» (1) .

   والظاهر أن المراد بالنفر بقرينة قوله : «في الطريق أو أين كان» هو النفر والخروج من مكة ، فيدل

الخبر على وجوب الحلق في أيّ مكان تذكر ولو في أثناء الرجوع إلى بلده ، وهو وإن كان مطلقاً من

حيث التمكن من العود إلى منى وعدمه ولكنه يتقيد بما إذا لم يتمكن من العود إلى منى ، وأمّا مع

التمكن من العود فليس له الحلق إلاّ في منى كما في صحيح الحلبي المتقدم (2) فيحمل خبر مسمع على

ما إذا لم يتمكن من الرجوع إلى منى جمعاً بينه وبين صحيح الحلبي .

   ثانيهما : إرسال الشعر إلى منى ، ويدل عليه صحيح حفص البختري «في الرجل يحلق رأسه بمكة ،

قال : يرد الشعر إلى منى» (3) ونحوه صحيح معاوية بن عمار لقوله : «من أخرجه فعليه أن يردّه»(4)

.

   (1) لو طاف أو سعى قبل التقصير أو الحلق فقد يكون عالماً عامداً ومع ذلك يأتي بهما قبل الحلق

فحينئذ لا شك في فساد الطّواف والسعي ، لعدم إتيان المأمور به على وجهه وعدم مراعاة الترتيب

المأخوذ في ذلك، فبحسب القاعدة الأولية يحكم بالبطلان للاخلال بالشرط وهو الترتيب عمداً .

   ويدل على ذلك أيضاً : صحيح علي بن يقطين المتقدم الآمر بالاعادة وأنه إذا قصر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 219 / أبواب الحلق ب 5 ح 6 .

(2) في ص 337 .

(3) ، (4) الوسائل 14 : 219 / أبواب الحلق ب 6 ح 1 ، 5 .

ــ[340]ــ

قبل الطّواف يقصِّر ويطوف بالحج (1) .

   وبالجملة لاينبغي الريب في لزوم إعادة الطّواف والسعي إذا كان عالماً عامداً وعليه الجبر بشاة كما

في صحيح ابن مسلم (2) .

   وأمّا إذا كان ناسياً أو جاهلاً فطاف ثم علم أو تذكّر بلزوم الترتيب ، ففي هذه الصورة ذهب

المشهور إلى إعادة الطّواف أيضاً لأجل الاخلال بالترتيب وفقدان الشرط فيكون الطّواف واقعاً في غير

محله ويجب عليه الاتيان به في محله . مضافاً إلى إطلاق صحيح علي بن يقطين المتقدم، لعدم تقييده

بصورة العمد، بل ادعي عليه الاجماع وعدم الخلاف .

   أقول : إن تم الاجماع فهو ، وإن لم يتم كما هو كذلك جزماً ، لأن هذه الاجماعات ليست تعبّدية

قطعاً، فالظاهر عدم لزوم الاعادة بالنسبة إلى خصوص الجاهل والناسي وذلك لصحيح جميل ومحمد بن

حمران المتقدمين(3) فانهما صريحان في تقديم الطّواف على الحلق نسياناً فحكم (عليه السلام) بعدم

البأس ، وقد عرفت أن الجاهل كالناسي من هذه الجهة ، وقوله (عليه السلام) : «لا ينبغي له إلاّ أن

يكون ناسياً» صريح في الجواز والاجتزاء في صورة النسيان ، فان قوله «إلاّ أن يكون ناسياً» استثناء

من قوله «لا ينبغي» كما أن قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) «لا حرج» يدل على الصحة وأنه

غير باطل ، ونسبة الصحيحين إلى صحيحة علي بن يقطين نسبة العام والخاص لاطلاق خبر ابن يقطين

ولم يذكر فيه الجهل والنسيان بل هو مطلق من جهتهما فيقيد بغير الناسي والجاهل بالصحيحين .

   والنتيجة : أن الترتيب شرط ذكري لا على نحو الاطلاق نظير شرطية أو جزئية بعض أجزاء الصلاة

وشرائطها في حال الذكر خاصة ببركة حديث لا تعاد ، ولكن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 217 / أبواب الحلق ب 4 ح 1 ، وتقدم في ص 338 أيضاً .

(2) الوسائل 14 : 215 / أبواب الحلق ب 2 ح 1 .

(3) في ص 321 .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net