مسألة 428 : يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة طوائف :
الاُولى : المعذور كالمريض والممرّض ، ومن خاف على نفسه أو ماله من المبيت بمنى (2) .
ـــــــــــــــــــــــــ (2) لا ينبغي الاشكال في عدم وجوب المبيت في جميع موارد الضرورة كالضرر
ــ[384]ــ
الثانية : من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي من ليلته إذا خرج من منى بعد دخول
الليل (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
والحرج ، لارتفاع الأحكام والتكاليف الشرعية في موارد الضرر والحرج .
(1) وتدل عليه عدّة من النصوص المعتبرة :
منها : صحيحة معاوية بن عمار «عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء
حتى طلع الفجر، فقال: ليس عليه شيء كان في طاعة الله عزّ وجلّ»(1) والمستفاد منها الاشتغال
بالعبادة ولو بغير الطّواف والسعي ، فلا خصوصية لهما ، لأن الظاهر من التعليل كون الشخص
مشغولاً بالعبادة وبطاعة الله تعالى ، فلا يفرق بين كونه مشغولاً بالطواف أو بالصلاة أو بقراءة القرآن
ونحو ذلك ، ففي الحقيقة يجوز تبديل عبادة إلى اُخرى ، ولو كان الأمر مختصاً بالطواف والسعي فلا
وجه للتعليل .
ثم إنه لا يلزم في الاشتغال بالعبادة أن يكون مشغولاً بالعبادة من أول الليل إلى آخره ، بل يجوز له
الخروج من منى بعد العشاء ويشتغل بالعبادة بقية الليل ، وإن مضى شطر من الليل وهو في منى ،
ويدل على ذلك صحيحة معاوية بن عمار لقوله : «فان خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلاّ وأنت
في منى إلاّ أن يكون شغلك نسكك» (2) فانه يظهر من هذا بوضوح أنه يجوز له الخروج في الليل قبل
النصف ، وأنه لو خرج قبل النصف واشـتغل بقية الليل بالعبـادة ، فليس عليه شيء ، وإنما الممنوع
أن يخرج ولا يرجع قبل النصف ولا يشتغل بالعبادة ، وأمّا إذا خرج في الليل ورجع قبل النصف أو لم
يرجع ولكن اشـتغل بالعبادة فليس عليه شيء ، وأيضاً يستفاد هذا المعنى من صحيحة اُخرى لمعاوية
بن عمار «وسألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه وفي السعي بين الصفا والمروة حتى
يطلع الفجر ؟ قال : ليس عليه شيء كان في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 255 / أبواب العود إلى منى ب 1 ح 13 .
(2) الوسائل 14 : 254 / أبواب العود إلى منى ب 1 ح 8 .
ــ[385]ــ
ما عدا الحوائج الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما (1) .
الثالثة : من طاف بالبيت وبقي في عبادته ثم خرج من مكة وتجاوز عقبة المدنيين فيجوز له أن يبيت في
الطريق دون أن يصل إلى منى . ويجوز لهؤلاء التأخير في الرجوع إلى منى إلى إدراك الرمي في النهار (2)
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــ
طاعة الله» (1) فان المتفاهم منه بقي مقداراً من الليل ـ إلى زمان العشاء ـ في منى ثم خرج من منى
وقت العشاء لزيارة البيت ، فحكم (عليه السلام) بأنه ليس عليه شيء فهو في الحقيقة مزج مبيته بين
البقاء في منى وبين البقاء في مكة للإشتغال بالعبادة .
(1) فان العبرة بالصدق العرفي ، ولا يلزم الاستيعاب تمام الليل ، فالفصل العادي بمقدار المتعارف
ولو للاستراحة ولقضاء الحوائج الضرورية غير مضر .
(2) إذا خرج الناسك من منى قاصداً مكة المكرمة لزيارة البيت مثلاً سواء خرج في النهار وبقي إلى
الغروب ، أو خرج في الليل ولكن ينوي الخروج من مكة للمبيت بمنى ، فخرج من مكة قاصداً المبيت
بمنى فنام في الطريق فلم يدرك البقاء في مكة ، ولم يصل إلى منى ، ففي جملة من الروايات أنه لا بأس
عليه ، ففي صحيحة جميل «مَن زار فنام في الطريق ، فان بات بمكة فعليه دم ، وإن كان قد خرج منها
فليس عليه شيء وإن أصبح دون منى» (2) .
ولا يخفى أن هذه الرواية صحيحة على طريق الشيخ (3) ، وقد رواها الكليني عن جميل مرسلاً (4)
فلم يعلم أن الرواية مسندة أو مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها ، وقد تقدم نظير ذلك في غير مورد من
الاختلاف بين الشيخ والكليني في إسناد الرواية وإرسالها.
وفي صحيحة هشام «إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 14 : 254 / أبواب العود إلى منى ب 1 ح 9 .
(2) الوسائل 14 : 256 / أبواب العود إلى منى ب 1 ح 16 .
(3) التهذيب 5 : 259 / 881 .
(4) الكافي 4 : 514 / 3 .
|