الكلام في وجوب رمي اليوم الثالث عشر لمن بات ليلة في منى - اعتبار المباشرة في رمي الجمار 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3940


ــ[394]ــ

وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضاً على الأحوط (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

فانه يدل بوضوح على أن المراد بكل يوم غير اليوم العاشر ، وأنّ كل يوم من اليوم الحادي عشر

والثاني عشر له رمي .

   وبالجملة المستفاد من مجموع هذه الروايات وجوب الرمي في اليومين الحادي عشر والثاني عشر .

ويؤيد ذلك خبر بريد العجلي قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل نسي رمي الجمرة

الوسطى في اليوم الثاني ، قال : فليرمها في اليوم الثالث لما فاته ولما يجب عليه في يومه»(1) فانه صريح

في وجوب الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر ، ولكن في سنده اللؤلؤي وهو ممن لم تثبت وثاقته

، فان النجاشي وإن وثقه (2) ولكنه معارض بتضعيف غيره كابن الوليد والصدوق وأبي العباس بن

نوح (3) .

   (1) لا ريب ولا خلاف في عدم وجوب الرمي في اليوم الثالث عشر إذا لم يبت ليلته في منى ونفر

بعد زوال النهار من اليوم الثاني عشر ، فلا يجب عليه الرجوع قطعاً في اليوم الثالث عشر إلى منى

للرمي ، فالمراد من قول المحقق في الشرائع ويجب أن يرمي كل يوم من أيام التشريق(4) وجوب الرمي

في اليوم الثالث عشر إذا بات ليلته في منى ،  فيكون اليوم الثالث عشر حينئذ كيوم الثاني عشر .

   وبالجملة قد تسالموا على أن من بات ليلة الثالث عشر في منى يجب عليه الرمي في اليوم الثالث عشر

أيضاً ، فان تم في البين إجماع فهو ، وإلاّ فاثبـاته بدليل مشكل جدّاً إذ لا يوجد دليل على وجوب

الرمي في اليوم الثالث عشر على من أقام ليلته في منى .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 73 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 15 ح 3 .

(2) رجال النجاشي : 40 / 83 .

(3) راجع منتهى المقال 2 : 371 ، معجم الرجال 5 : 297 .

(4) الشرائع 1 : 315 .

ــ[395]ــ

   واستدلّ صاحب الجواهر باطلاق بعض النصوص(1) ولم نعثر على نص معتبر يدل باطلاقه على

وجوب ذلك وهو أعرف بما قال . نعم ورد في الفقه الرضوي(2) ودعائم الاسلام (3) الأمر بالرمي

في اليوم الثالث عشر على نحو الاطلاق وإن لم يبت ليلته في منى ، ولم يقل أحد من الفقهاء بذلك أصلاً

، وإنما قالوا بالوجوب على من بات ليلة الثالث عشر ، فما التزم به الأصحاب لا دليل عليه ، وما دل

عليه الكتابان لم يلتزموا بمضمونهما ، مضافاً إلى ضعف الروايات المذكورة في الكتابين .

   أضف إلى ذلك : أنه يستفاد من بعض النصوص عدم الوجوب وهو صحيح معاوية ابن عمار قال :

«إذا نفرت في النفر الأول ـ إلى أن قال ـ إذا جاء الليل بعد النفر الأوّل فبت بمنى فليس لك أن

تخرج منها حتى تصبح» (4) فانه إذا جاز النفر عند الاصباح أي بعد طلوع الفجر ، فلا يتمكن من

الرمي ، لأن وقته ما بين طلوع الشمس إلى الغروب ، فتجويز النفر عند الاصباح يستلزم تجويز ترك

الرمي كما لا يخفى .

   فالحكم بوجوب الرمي يوم الثالث عشر لمن بات ليلته في منى مبني على الاحتياط .

   ثم إن الخبر المتقدم لا ريب في صحته ، وإنما وقع الكلام في المراد بمحمد بن إسماعيل الذي روى عنه

الكليني وروى هو عن الفضل بن شاذان وتبلغ رواياته عن محمد بن إسماعيل 761 رواية ، فربما

احتمل بعضهم أنه محمد بن إسماعيل بن بزيع ، وهذا بعيد جدّاً ، لاختلاف الطبقة وعدم إمكان رواية

الكليني عنه بلا واسطة ، لأن محمد بن بزيع من أصحاب الرضا (عليه السلام) والفصل بينهما كثير

جدّاً ، فرواية الكليني عنه بلا واسطة أمر غير ممكن .

   واحتمل بعضهم أنه محمد بن إسماعيل البرمكي صاحب الصومعة ، وهذا أيضاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 16 .

(2) فقه الرضا : 225 .

(3) دعائم الاسلام 1 : 324 .

(4) الوسائل 14 : 277 / أبواب العود إلى منى ب 10 ح 2 .

ــ[396]ــ

بعيد ، فان طبقته متقدمة على طبقة الكليني ، فان الكليني يروي عنه بواسطة شيخه . على أن محمد بن

إسماعيل البرمكي لم يرو عن الفضل بن شاذان ولا في مورد واحد فيتعين أن يكون محمد بن إسماعيل

النيسابوري الذي روى عنه الكشي بلا واسطة وهو يروي عن الفضل بن شاذان والكليني قريب

الطبقة للكشي ، فيمكن رواية الكليني عن محمد بن إسماعيل النيسابوري بلا واسطة ، وهو وإن لم يوثق

في كتب الرجال ولكن يحكم بوثاقته لوقوعه في أسناد كامل الزيارات ، ويؤيد وثاقته إكثار الكليني

الرواية عنه .

   بقي الكلام في روايتين :

   الاُولى : ما رواه الكليني بسند صحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «إذا

أردت أن تنفر في يومـين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس وإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق

وهو يوم النفر الأخير فلا شيء عليك أيّ ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده»
الحديث(1) فيستفاد من ذلك ثبوت الرمي في اليوم الثالث عشر .

   ورواه الشيخ مثله(2) وكذا في رواية الصدوق(3) ونسخ الكافي المطبوعة التي بأيدينا حتى في مرآة

العقول(4) مشتملة على كلمة «رميت» وكل من حكى عن الكافي  كالوافي(5) والحدائق(6)

والجواهر(7) ذكروها مع قوله «ورميت» إلاّ أن صاحب الوسائل رواها عن الكافي بدون كلمة «

ورميت» وهو ملتفت إلى وجود هذه الكلمة في رواية الشيخ والصدوق ، ويذكر رواية الشيخ

والصدوق مع الاشتمال على ذكر هذه الكلمة ، فعدم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 274 / أبواب العود إلى منى ب 9 ح 3 ، الكافي 4 : 520 / 3 .

(2) التهذيب 5 : 271 / 926 .

(3) الفقيه 2 : 287 / 1414 .

(4) مرآة العقول 18 : 213 .

(5) الوافي 14 : 1269 / 1 .

(6) الحدائق 17 : 326 .

(7) الجواهر 20 : 42 .

ــ[397]ــ

ذكرها في رواية الكليني ليس غفلة واشتباهاً منه (قدس سره) .

   فيعلم أن نسخة الكافي الموجودة عند صاحب الوسائل كانت غير مشتملة على ذكر كلمة «

ورميت» ولولا القرينة الخارجية لقلنا بأن نسخة الكافي الموجودة عند صاحب الوسائل غير صحيحة

وكانت غلطاً ، وإن من المطمأن به وجود هذه الكلمة في الكافي ، ولكن القرينة القطعية الخارجية قائمة

على أن نسخة الكافي الموجودة عند صاحب الوسائل هي الصحيحة ، وكلمة «ورميت» غير موجودة

في الكافي ، لأن العبارة لو كانت هكذا «فلا شيء عليك أيّ ساعة رميت ونفرت قبل الزوال أو

بعده» لأمكن تصديقها ، ولكن العبارة المذكورة في الرواية هكذا «فلا شيء عليك أيّ ساعة نفرت

ورميت قبل الزوال أو بعده» ولا معنى للرمي بعد الزوال أو قبله ، ولم يتوهم أحد أن الرمي يجب

إيقاعه قبل الزوال أو يجب إيقاعه بعد الزوال ، وإنما الرواية في مقام الفرق بين النفرين وأن النفر الأول

يجب أن يتحقق بعد الزوال ، وأمّا النفر الثاني فمخير بين أن ينفر قبل الزوال أو بعده ، وأمّا الرمي قبل

الزوال وبعده فمما لا محصل له ، ولا أقل من الشك في وجود هذه العبارة «ورميت» في الكافي

وعدمه ، فلا يمكن الاستدلال به والاعتماد عليه ، ولم يستدل أحد من العلماء بهذه الرواية فيما نعلم ،

وهذا كاشف ظني أو قطعي عن عدم وجود هذه الكلمة في الرواية ، وإنما استدل صاحب الجواهر

لوجوب الرمي في اليوم الثالث عشر باطلاق بعض النصوص، وقد عرفت أنه لم نجد إطلاقاً يدل على

ذلك .

   الثانية : صحيحة معاوية بن عمار الحاكية لحج النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأنه حلق وزار

البيت ورجع إلى منى فأقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق ثم رمى الجمار ونفر حتى

انتهى إلى الأبطح الحديث (1) فانه يدل على ثبوت الرمي في اليوم الثالث عشر ، إلاّ أنه لا يدل على

الوجوب ، لأن أكثر ما ذكر قبله وبعده ليس بواجب قطعاً ، وإنما هو مستحب كالتوقف بالأبطح

والاقامة ليلة الثالث عشر وغيرهما مما لم يقل أحد بالوجوب ، فلا يمكن استفادة الوجوب من مجرد فعل

النبيّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 11 : 213 / أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4 .

ــ[398]ــ

ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة فلا تجوز الاستنابة اختياراً (1) .
ــــــــــــــ

ــــــ

(صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

   (1) لظهور نفس الأمر بالمباشرة ، ونيابة الغير تحتاج إلى الدليل ، على أنه ورد في الكسير والمبطون

والمريض أنه يرمى عنهم (1) فيعلم من ذلك أن الرمي واجب مباشرة وإنما تسقط المباشرة بالعذر .
ـــــــــــــــ

(1) الوسائل 14 : 74 / أبواب رمي جمرة العقبة ب 17 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net