وظيفة المصدود عن الحجّ إن صُدّ عن الموقفين - وظيفة المصدود عن الطواف والسعي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4408


ــ[419]ــ

   مسألة 440 : المصدود عن الحج إن كان مصدوداً عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصّة ،

فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد والتحلّل به عن إحرامه والأحوط ضم الحلق أو التقصير إليه ، بل

الأحوط [ (1) ] اختيار الحلق إذا  كان ساق معه الهدي في العمرة المفردة (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

محله كما في الآية بناءً على عمومها للمصدود (2) والجواب عن ذلك : أن مقتضى فعل النبي (صلّى

الله عليه وآله) وصحيح زرارة الذبح في مكان الصد ، والبعث يختص بالحصر بالمرض ونحوه .

   وذهب بعضهم إلى التخيير بين الذبح في محل الصد وبين البعث والانفاذ ، اختاره الشيخ النائيني (3)

 ولم يستبعده الجواهر ونسبه إلى جماعة (4) .

   ولكنه لا دليل عليه ، بل مقتضى صحيح زرارة تعين الذبح في محل الصد ، فان المقابلة بينه وبين

المحصور تقتضي وجوب الذبح في مكان الصد . ودعوى أن الأمر بالذبح في محل الصد وارد في مورد

توهم الحظر ولا يستفاد منه الوجوب فاسدة ، لأن المقابلة بين الصد والحصر تدل على التعيين .

   ولو قطعنا النظر عن ذلك والتزمنا بعدم دلالة الجملة الخبرية على الوجوب ، وقلنا بعدم وجوب

الذبح في مكان الصد ، ولكن لا دليل على لزوم البعث ، فليذبح حيث شاء ولو في بلاده .

   والحاصـل : عدم وجوب الذبح في مكان الصد لا يقتضي الوجوب في خصوص مكان آخر ، بل

له أن يذبح في أيّ مكان شاء . هذا تمام الكلام في المصدود عن العمرة المفردة أو المتمتّع بها .

   (1) إذا صد عن الوقوفين أو عن الوقوف في المشعر الاختياري منه والاضطراري

ــــــــــــــــــــــــــــ

[ 1 ] قوله «بل ...» هذه الجملة غير موجودة في المناسك ط 12 .

(2) الكافي لأبي الصلاح : 218 .

(3) دليل الناسك (المتن) : 476 .

(4) الجواهر 20 : 117 .

ــ[420]ــ

منه معاً فلا حج له ، لما عرفت أن الوقوف الاختياري والاضطراري للمشعر ركن للحج ويفسد الحج

بتركهما فيشمله صحيح زرارة «المصدود يذبح حيث صد» (1) فان مقتضى إطلاقه أن المصدود سواء

صد عن العمرة المفردة أو عمرة التمتّع أو الحج وظيفته الذبح في مكانه ، وهذا مما لا كلام فيه .

   إنما الكلام في أن الاحلال بالذبح متعين عليه أم لا ؟

   ذكر صاحب الجواهر أن الأمر بالاحلال بالذبح في النص وإن أفاد الوجوب ولكن الظاهر إرادة

الاباحة منه هنا ، لأنه في مقام توهم الحظر ، فله أن يتحلل بالذبح قبل الوقوفين ، وله أن يبقى على

إحرامه حتى يفوت الموقفان ويتحلّل بعمرة مفردة ولا يسقط عنه الحج بذلك ، فالذبح وظيفة المصدود

إذا أراد التحلّل قبل الوقوفين ، وأمّا إذا صبر المصدود ولم يتحلل ففات الموقفان لم يجز له التحلل بالهدي

، بل يتحلل بعمرة مفردة كغيره ممّن يفوته الحج(2) . وصرّح بذلك المحقق في الشرائع(3) واختاره

الشيخ النائيني(4) وادعى صاحب الجواهر (قدس سره) اتفاق الأصحاب على ذلك .

   أقول : إن تم الاجماع فهو ، وإلاّ فاثبات ما ذكروه بدليل مشكل جداً ، لأنهم (قدس سرهم) ذكروا

في وجهه أن الأمر بالذبح ورد في مقام توهم الحظر ، فله الترك حتى يفوت الحج عنه ، أي الموقفان ،

فتشمله أدلّة تبديل الحج إلى العمرة المفردة .

   ويرد على ذلك أوّلاً : أن الظاهر من قوله «يذبح حيث صد» هو وجوب الذبح في مكان الصد ،

بقرينة المقابلة للمحصور الذي يجب عليه البعث والارسال .

   وثانياً : قد عرفت أن نفس الآية الشريفة تكفينا في وجوب الذبح ، لصحة إطلاق الحصر على

المصدود لغة ، فان وجوب الهدي عند الحصر والمنع عن الحج استثناء من وجوب إتمام الحج والعمرة

المذكورة في صدر الآية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 180 / أبواب الاحصار والصدّ ب 1 ح 5 .

(2) الجواهر 20 : 129 ، 133 .

(3) الشرائع 1 : 323 .

(4) دليل الناسك (المتن) : 479 .

 
 

ــ[421]ــ

   وثالثاً : أن الروايات الدالة على تبدل الحج إلى العمرة المفردة إذا فاته الموقفان منصرفة عن المصدود

بالعدو ، بل الظاهر من تلك الأدلّة أنّ من دخل مكة ولم يدرك الموقفين لضيق الوقت أو لمانع آخر من

مرض ونحوه يعدل إلى المفردة ، وليس لها إطلاق يشمل المنع ظلماً وصدّاً من العدو الذي لم تكن

وظيفته الوقوف من الأوّل بل كانت وظيفته شيء آخر ، بل تشمل الروايات مَن كانت وظيفته

الوقوف ففات .

   وبعبارة اُخرى : أن تلك الروايات موردها مَن ليس له محلل غير العمرة ، فلا تشمل من كان له

محلل كالذبح في مكانه .

   ورابعاً : أن أدلّة العدول قابلة للتقييد بالذبح والتحلل به في خصوص المصدود ومَن فاته الوقوف

بسبب الصد .

   ثم إن في المقام رواية ربما يقال بأنها تدل على التبدّل إلى العمرة ، المفردة وهي صحيحة الفضل بن

يونس عن أبي الحسـن (عليه السلام) قال : «سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالماً له يوم

عرفة قبل أن يعرف ، فبعث به إلى مكة فحبسه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع ؟ فقال :

يلحق فيقف بجمع ، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا شيء عليه ، قلت : فان خلى عنه يوم

النفر كيف يصنع ؟ قال : هذا مصدود عن الحج إن كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت

اُسبوعاً ثم يسعى اُسبوعاً ويحلق رأسه ويذبح شاة ، فان كان مفرداً للحج فليس عليه ذبح ولا شيء

عليه» (1) .

   فانه يدل على أنه من اُطلق يوم النحر يتمكن من درك الوقوف الاضطراري للمشعر ، ثم ينصرف

إلى منى ويأتي بأعمالها ، قد تم حجّه ولا يجري عليه حكم المصدود ، وأمّا إذا اُطلق يوم النفر فهو

مصـدود عن الحج لفوات مطلق الوقوف الاختياري والاضطراري عنه ، فعليه الطواف والسعي

والحلق ثم الذبح ، فربما يتوهّم دلالة ذلك على التبدّل إلى العمرة المفردة ، لأن ذلك من أعمال العمرة

المفردة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 13 : 183 / أبواب الاحصار والصد ب 3 ح 2 .

ــ[422]ــ

   والجواب : أنه لو قلنا بالتبدل إلى العمرة المفردة فلا يجب فيها الذبح ، مع أن الرواية صرحت

بوجوب الذبح ، فما في الصحيحة لا قائل به ، وما ذكره لا ينطبق على ما في الصحيحة ، فانه لو قيل

بالانقلاب إلى المفردة فالتحلل منها بطواف النساء لا بالذبح ولم يقل أحد بقيام الذبح مكان طواف

النساء .

   ثم إن صاحب الجواهر (1) ذكر الفقرة الأخيرة من رواية الفضل ما يخالف عما ذكره الكليني (2)

ويوافق التهذيب (3) «وإن كان دخل مكة مفرداً للحج فليس عليه ذبح ولا حلق» ولا يخفى أن

بطلان ذلك واضح ، إذ لو انقلب حجّه إلى العمرة المفردة فكيف لم يكن فيها حلق ولا طواف النساء

.

   وبالجملة : الرواية على كلا الطريقين ، سواء على ما في الكافي وسواء على ما في التهذيب لا تنطبق

على ما يجب في العمرة المفردة ، فالرواية من الشواذ التي لا بدّ من ردّ علمها إلى أهلها ، فلا يمكن أن

تكون المستند في المقام .

   وممّا يدل على أن الرواية من الروايات الشاذة المهجورة ، أن المذكور في الرواية ليس حكماً شرعياً

مستقلاً تأسيسياً، بل المذكور فيها من باب تطبيق الكلي على مصداقه حيث قال (عليه السلام): «هذا

مصدود عن الحج» يعني ينطبق عنوان المصدود الكلي على مورد السؤال ، ومن الضروري أن حكم

المصدود ليس ما ذكر من الطواف والسعي والحلق والذبح ، فكيف يمكن تطبيق كلي المصدود على

المذكور في الرواية .

   وقد استدلّ صاحب الجواهر بهذه الصحيحة على عدم وجوب ضم الحلق إلى الذبح ، وأن التحلل

لا يحتاج إلى الحلق أو التقصير (4) .

   وفيه : أن كلمة «ولا حلق» إنما وردت في نسخة التهذيب ، وأمّا الكافي فلم تذكر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 120 .

(2) الكافي 4 : 371 / 8 .

(3) التهذيب 5 : 465 / 1623 .

(4) الجواهر 20 : 120 .

ــ[423]ــ

وإن كان عن الطواف والسّعي بعد الموقفين قبل أعمال منى أو بعدها ، فعندئذ إن لم يكن متمكناً من

الاستنابة فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد ، وإن كان متمكناً منها فالأحوط الجمع بين الوظيفتين ذبح

الهدي في محله والاستنابة (1)

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

فيه هذه الكلمة . على أن الرواية نفت الذبح أيضاً مع أن الذبح مفروغ عنه ، فالمذكور في الرواية

خارج عن محل كلامنا ، لأن محل الكلام فيما يتحلل بالذبح، وإنما وقع الكلام في أنه هل يضم إليه

الحلق أم لا . هذا كله فيما إذا صد قبل الموقفين ، وأمّا إذا صد بعدهما فسيأتي حكمه .

   (1) إذا صدّ بعد الموقفين عن الطواف والسعي وعن دخول مكة ، سواء صد قبل الاتيان بأعمال

منى أو بعده ، فقد يفرض أنه لا يتمكن من الاستنابة فلا شك في دخوله في عنوان المصدود ويجرى عليه

أحكامه .

   وأمّا إذا تمكن من الاستنابة فهل يجري عليه أحكام المصدود أم تجب عليه الاستنابة؟ وجهان بل قولان

.

   ذهب جماعة إلى أنه مصدود كما يظهر من اطلاق عبارة المحقق لقوله (قدس سره) : يتحقق الصد

بالمنع عن الموفقين وكذا بالمنع من الوصول إلى مكة (1) واختاره صاحب الجواهر (2) .

   وذهب جماعة منهم شيخنا النائيني إلى أنه يستنيب ويتم حجّه لاطلاق أدلّة النيابة(3) .

   أقول : إذا كان لدليل النيابة إطلاق يشمل المقام فلا كلام ، فانه حينئذ لا يصدق عليه عنوان

المصدود ، لأن المصدود هو الذي لا يتمكن من إتمام الحج أو العمرة ، وأمّا من تمكّن من الاتمام ولو

بفعل النائب وبالتسبيب فلا يشمله دليل الصد ، ولكن الكلام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 323 .

(2) الجواهر 20 : 128 .

(3) دليل الناسك (المتن) : 480 .

ــ[424]ــ

وإن كان الأظهر جواز الاكتفاء بالذبح إن كان الصد صداً عن دخول مكة ، وجواز الاكتفاء

بالاستنابة إن كان الصد بعده .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

في شمول أدلّة النيابة لمورد كلامنا ، والظاهر أنه لا إطلاق لأدلة النيابة بحيث تشمل المقام ، وذلك لأن

دليل النيابة يختص بمن كان داخل مكة ولكن عجز عن الطواف أو السعي لمرض أو شيخوخة أو لصدّ

من العدو ونحو ذلك من الأعذار ، لأن المذكور في أدلّة النيابة أنه يطاف به أو يطوف عنه ، ويظهر من

ذلك أنه دخل مكة ولكن لا يتمكن من الطواف بنفسه فيطاف به إن تمكن من ذلك وإلاّ فيطوف عنه

كما ورد في المريض والكسير والمبطون ، وأمّا إذا كان خارج مكة وعجز عن الدخول أو منع عنه فلا

تشمله أدلّة النيابة .

   ومما يؤكد ما ذكرنا : أن دليل النيابة لو كان يشمل مَن عجز عن دخول مكة فلعله لا يبقى مورد

لعنوان المصدود ، لأن كل أحد غالباً يتمكن من الاستنابة ، فما يظهر من كلام المحقق من إجراء أحكام

المصدود حتى في فرض التمكن من الاستنابة هو الصحيح ، والأحوط استحباباً هو الجمع بين وظيفة

المصدود والاستنابة ، هذا كله فيما إذا صد عن الوصول إلى مكة .

   وأمّا إذا دخل مكّة المكرّمة فصدّ عن الطّواف والسّعي معاً أو عن أحدهما ، فهل يجري عليه أحكام

الصد أم تجب عليه الاستنابة ؟

   ظاهر عبارة المحقق في الشرائع أنّ الصدّ منحصر بالمنع عن الوقوفين وبالمنع من الوصول إلى مكّة ،

وأمّا إذا دخل مكّة فصدّ عن الأعمال فلا يصدق عليه عنوان المصدود بل اللاّزم عليه الاستنابة (1) .

   ولكن صاحب الجواهر علّق على كلام المحقق وأجرى أحكام الصدّ حتّى بالنسبة إلى الدّاخل إلى مكّة

إذا منع من الطّواف والسّعي ، وذكر بأنّ دليل الصّد غير مقيّد بما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 1 : 323 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net