الكلام في تحقق الصدّ بالنسبة إلى أعمال منى - عدم سقوط الحجّ عن المصدود بالهدي 

الكتاب : المعتمد في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الحج   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3727


ــ[425]ــ

وإن كان مصدوداً عن مناسك منى خاصة دون دخول مكة ، فوقتئذ إن كان متمكناً من الاستنابة

فيستنيب للرمي والذبح ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ثم يأتي ببقية المناسك ، وإن لم يكن متمكناً من

الاستنابة فالظاهر أن وظيفته في هذه الصورة أن يودع ثمن الهدي عند من يذبح عنه ثم يحلق أو يقصر في

مكانه، فيرجع إلى مكة لأداء مناسكها فيتحلل بعد هذه كلها عن جميع ما يحرم عليه حتى النِّساء من

دون حاجة إلى شيء آخر ، وصح حجّه وعليه الرمي في السنة القادمة على الأحوط(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

 إذا كان الصّد خارج مكّة ، بل يشمل المنع من الدّخول في المسجد للطّواف أو في المسعى للسّعي

(1).

   ولكن الصحيح ما ذهب إليه المحقق ، لأنّ أدلّة النيابة غير قاصرة الشمول لمن دخل مكّة المكرّمة

ومنع عن الطّواف أو السّعي كما في نصوص المريض والكسير والمغمى عليه الآمرة بالنيابة ، فانّه

متمكن من إتمام الحج بفعل الغير وبالتسبيب ، فمن كان ممنوعاً عن الطّواف أو السّعي بعد الوصول إلى

مكّة لا يدخل في عنوان المصدود بل عليه أن يستنيب .

   (1) لو صد بعد إدراك الموقفين عن نزول منى خاصة ، فان أمكنه الاستنابة استناب للرمي والذبح ،

ويحلق أو يقصّر في مكانه ، إذ الحلق في منى يختص بمن يتمكن من الحلق فيها وإلاّ فيحلق في مكانه ،

وأمّا الاستنابة للذبح فجائزة حتى اختياراً قطعاً وأمّا الرمي فلا قصور في أدلّة النيابة في شمولها له ، وكون

المنوب عنه موجوداً في أرض منى أو في خارجها لا أثر له .

   وإن لم يمكنه الاستنابة ذكر في الجواهر أن فيه وجهين :

   أحدهما : أنه يتحلل بالهدي في مكانه لصدق الصد ، ولا تجب عليه بقية الأعمال .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 128 .

ــ[426]ــ

   ثانيهما : احتمال البقاء على إحرامه ، لأن أدلّة الصد لا تشمل المورد ، لاختصاصها بالصد عن

أركان الحج ، نقل ذلك عن المسالك والمدارك وغيرهما (1) ولكن شيخنا النائيني(2) حكى عنهم بأنه

يبقى على إحرامه إلى أن يتحلل بمحلله وليس في كلامهم ما يدل على هذا التقييد ، بل مقتضى كلامهم

أنه يبقى على إحرامه إلى الآخر وإلى متى شاء .

   والظاهر أن كلا القولين ضعيف والوجه في ذلك: أن وجوب الرمي والذبح والحلق قد يفرض أن

وجوبها وجوب مطلق ، بمعنى أن صحة الطواف والسعي مشروطة بوقوعهما بعد أعمال منى الثلاثة،

ولا يصح الطواف أو السعي بدون الاتيان بتلك الأعمال، فحينئذ يكون الصد عن أعمال منى صداً

عن الطواف أيضاً ، لعدم تمكنه من الطواف المأمور به الصحيح ، فان الصد عن المقدمة صدّ عن ذي

المقدمة ، فان الشرطية المطلقة تقتضي تحقق الصد بالنسبة إلى الطواف حقيقة فكيف يقال بأنه غير داخل

في الصد مع أنه غير متمكن من الطواف فلا يحتمل بقاؤه على إحرامه .

   وأمّا إذا فرضنا أن شرطية التقدم شرط اختياري ، بمعنى سقوط شرطية التقدم عند العجز وعدم

التمكن كما هو المختار ، فلا يتحقق الصد ، بل يودع ثمن الهدي عند مَن يثق به ليشتري به الهدي ،

وإن لم يتمكّن من ذلك فينتهي الأمر إلى الصوم ، فعدم القدرة لا يكون مانعاً من الطواف .

   وأمّا الحلق فانما يجب مع التمكن وإلاّ فيسقط كما يستظهر ذلك من سقوطه في فرض النسيان أو

الجهل ، فيصح الحلق خارج منى ، فيعلم أن وجوب الحلق في منى مقيد بالقدرة عليه في منى وإلاّ

فيسقط وجوبه .

   وأمّا الرمي فاذا لم يرم نسياناً وتذكر في مكة وأمكنه الرجوع يرجع ويرمي ، وإن تذكر في طريقه إلى

بلاده فليس عليه شيء ، ولو كان متمكناً من الرجوع فعدم الرمي لا يكون مانعاً عن الطواف وكذا

عدم الذبح ، بل يودع ثمنه عند من يشتري الهدي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 20 : 126 .

(2) لاحظ دليل الناسك (المتن) : 481 .

ــ[427]ــ

   مسألة 441 : المصدود لايسقط عنه الحج بالهدي المزبور، بل يجب عليه الاتيان به في القابل إذا

بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقراً في ذمّته (1) .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ

وإن لم يجد الهدي فيجب عليه الصيام ، والمذكور في الآية الكريمة (فَمَن لَمْ يَجِد)(1) والمراد به من

لايتمكّن من الهدي ولو من حيث عدم المال كما هو المراد في آية التيمم(2) وآية الظهار(3) وكيف

كان لا تصل النوبة إلى إجراء أحكام المصدود عليه ولا موجب لبقائه على إحرامه ، فان الرمي يسقط

وثمن الهدي يودعه ، والحلق يأتي به في مكانه .

   وبالجملة : الصد عن الحلق لا يوجب تبدل الحكم بل يحلق في مكانه ، وأمّا الذبح فاذا منع عنه

يودع ثمنه عند من يشتري وإلاّ يشمله قوله تعالى : (فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أيّام) وأمّا الرمي فوجوبه

مشروط بالتمكّن منه كما يظهر ذلك من سقوطه في حال النسيان أو الجهل إذا تذكره في الطريق ،

وعليه أن يقضيه في السنة القادمة بناء على الاحتياط .

   ويزيد ذلك وضوحاً إطلاق السنة على الرمي في النص في مقابل إطلاق الفريضة على الطواف ، كما

اُطلق السنة على غير الخمسة المذكورة في حديث لا تعاد وورد أن السنة لا تنقض الفريضة (4) وهذه

الكبرى تنطبق على المقام من أن الرمي سنة في قبال ما  افترضه الله تعالى في الكتاب ولا تنقض الفريضة

بذلك .

   فتحصل: أن الصد لا يتحقق بالنسبة إلى الرمي والذبح والحلق خلافاً للجواهر(5) وشيخنا

النائيني(6).

   (1) المصدود بأقسامه لا يسقط عنه الحج بالمرة وإنما مقتضى الأدلّة تحليله بالهدي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البقرة 2 : 196 .

(2) النساء 4 : 43 .

(3) المجادلة 58 : 4 .

(4) الوسائل 5 : 470 /  أبواب أفعال الصلاة ب 1 ح 14 .

(5) الجواهر 20 : 127 .

(6) دليل الناسك (المتن) : 480 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net