الثامن : إذا لم تثبت المانعية وتردّد أمر فساد الصلاة في غير المأكول بين أن يكون من جهة وجود المانع أو عدم الشرط ، فلا أصل يحرز به المانعية أو عدم الشرطية ، وذلك للعلم الإجمالي بأحد الجعلين إمّا جعل الشرطية أو جعل المانعية فلا مجال لجريان الأصل في أحد الطرفين . فإذا فرضنا أنّ الحكم كان على تقدير ثبوت المانعية هو الرجوع إلى البراءة في الشبهات الموضوعية ، كما أنّ مقتضى الأصل هو الاشتغال على تقدير الشرطية ، فعند عدم إحراز المانعية يكون المرجع
ــ[28]ــ
هو قاعدة الاشتغال ، فإنّ احتمال الشرطية وعدم إحراز حصول المأمور به في الخارج ولو بمعونة الأصل كاف في عدم استقلال العقل بالبراءة .
وإن شئت قلت : إنّ استقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان أو شمول أدلّة البراءة الشرعية يتوقّف على إحراز أن يرجع الشكّ إلى الشكّ في التكليف ، كما إذا ثبتت المانعية ، وأمّا عند احتمال الشرطية فيحتمل أن يكون الشكّ في الامتثال ، واحتمال أن يكون الشكّ في الامتثال بعينه شكّ في الامتثال ، ومعه يحكم العقل بالاشتغال لا محالة .
وبهذا اندفع ما أفاده شيخنا الاُستاذ العلاّمة (قدّس سرّه)(1) من رفع الكلفة الزائدة على تقدير الشرطية بحديث الرفع ، إذ الكلفة إنّما هي في حكم العقل بلزوم إحراز الامتثال ، وليس هناك مجعول شرعي يشكّ فيه حتّى يتمسّك في رفعه بالأصل ، نعم نفس الشرطية مجعول شرعي، إلاّ أنّ الأصل في نفيها معارض بأصالة عدم جعل المانعية . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) لم نعثر عليه في مظانّ وجوده .
|