الثاني : دعوى أنّ العمومات أو المطلقات الواردة في وجوب الصلاة أو في وجوب التستر حجّة على جوازها في كلّ شيء ، ولا يزاحمها إلاّ حجّة اُخرى ومن الضروري أنّ دليل التخصيص لا يكون حجّة إلاّ فيما علم انطباق موضوعه على الموجود الخارجي ، فما لم يعلم كون شيء من غير المأكول لا يكون دليل
ــ[35]ــ
النهي عن الصلاة فيه حجّة بالقياس إليه ، فيتمسّك بالعموم ، فيحكم بجواز الصلاة فيه واقعاً .
ويرد عليه : أنّه على تقدير تسليم وجود عموم أو إطلاق في البين فلا محالة يكون دليل التخصيص كاشفاً عن تقيّد موضوعه بغير عنوان المخصّص واقعاً ، فإنّه مقتضى الجمع بين الدليلين ، ضرورة استحالة بقاء العام أو المطلق على عمومه أو إطلاقه بعد ورود التخصيص أو التقييد، فكاشفية العموم أو الإطلاق تتضيّق بورود التخصيص أو التقييد ، وينكشف بهما عدم إرادة العموم أو الاطلاق من أوّل الأمر .
وحينئذ فصدق عنوان المخصّص على فرد وإن كان مشكوكاً فيه فلا يكون دليل التخصيص حجّة بالقياس إليه ، إلاّ أنّ صدق عنوان العام بعد تقييده بغير عنوان المخصّص يكون مشكوكاً فيه ، فلا يكون الدليل العام حجّة بالقياس إليه أيضاً .
وبالجملة : إنّما يصحّ التمسّك بالعموم أو الإطلاق فيما إذا كان الشكّ راجعاً إلى الشكّ في أصل التخصيص أو التقييد ، ولو بالنسبة إلى غير ما يعلم التخصيص أو التقييد بالقياس إليه ، وأمّا إذا علم التخصيص أو التقييد وكان الشكّ راجعاً إلى الانطباق ـ كما في الشبهات المصداقية ـ فلا يمكن التمسّك معه بالعموم أو الإطلاق ، فإنّ صدق عنوان العام الثابت تقييده بدليل المخصّص لا يكون محرزاً معه ، ومع عدم إحرازه لا يصحّ التمسّك به ، ولتحقيق المقام وتوضيحه مقام آخر(1).
ثمّ إنّه لو قلنا بجواز التمسّك بالعموم في الشبهات المصداقية فلا يثبت به إلاّ الحكم الظاهري بجواز الصلاة ، وبعد انكشاف الخلاف وأنّها وقعت في غير المأكول لابدّ من إعادتها ، إلاّ أن يدلّ دليل شرعي على الصحّة والإجزاء ، كحديث ــــــــــــــــــــــــــــ (1) محاضرات في اُصول الفقه 4 (موسوعة الإمام الخوئي 46) : 343 .
ــ[36]ــ
لا تعاد(1) أو غيره . ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 5 : 470 / أبواب أفعال الصلاة ب1 ح14 .
|