الرابع : دعوى أنّ الروايات الدالّة على جواز الصلاة في الخز(2) تدلّ على جوازها فيما كان يطلق عليه الخز ، وكان لبسه متعارفاً في تلك الأزمنة ، ومن المعلوم ندرة العلم بخلوص الخز وعدم غشّه بوبر الأرانب وغيرها ، فتكون تلك الأدلّة دالّة على جواز الصلاة فيما احتمل غشّه بغيره ممّا لا يؤكل لحمه ، إذ تخصيصها بخصوص الخالص يوجب إلغاءها وعدم الفائدة في تجويز الصلاة فيه فإنّ إحراز خلوصه من الغشّ نادر ، لا يمكن اختصاص تلك الأدلّة بمورده . وبعدم القول بالفصل بين موارد المشتبه يتعدّى إلى سائر موارد الشبهة ، فيتمّ المطلوب .
ويرد عليه أوّلا : أنّ تلك الأدلّة على تقدير دلالتها على جواز الصلاة في غير الخالص أيضاً قد قيّدت بما دلّ على عدم الجواز في المغشوش، فيكون التمسّك بها لجواز الصلاة فيما احتمل فيه الغشّ من التمسّك بالإطلاق في الشبهات ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) الوسائل 4 : 359 / أبواب لباس المصلّي ب8 ـ 10 .
ــ[39]ــ
المصداقية ، وقد عرفت(1) عدم جوازه .
وثانياً : أنّ الحكم بجواز الصلاة في محتمل الغشّ ـ بدعوى أنّ التخصيص بخصوص ما علم خلوصه يوجب التقييد بالفرد النادر ـ على تقدير تماميته يوجب تخصيصاً آخر في أدلّة عدم جواز الصلاة في غير المأكول ، فكما أنّ الخز خارج عن تلك الأدلّة يكون خليطه خارجاً عنها إمّا مطلقاً أو في خصوص الجهل بالحال ، ومعه كيف يمكن دعوى عدم القول بالفصل ، وأنّ جواز الصلاة في محتمل الغش يوجب جواز الصلاة في غيره من المشتبهات أيضاً .
وبالجملة : ليس في تلك الأدلّة ولو بقرينة ما دلّ على عدم الجواز في المغشوش دلالة على الجواز فيما احتمل فيه الغش ، ويكون حينئذ إحراز موضوعها متوقّفاً على حصول العلم أو حجّة اُخرى من الخارج ، كبقيّة الموضوعات الخارجية ، وليس إحراز الخلوص ولو بحجّة غير العلم من الفرد النادر الذي لا يمكن حمل المطلقات عليه ، وعلى تقدير الدلالة فلا يمكن التعدّي من موردها إلى غيره .
ولا يخفى أنّ هذا الوجه على تقدير تماميّته يترتّب عليه الجواز حتّى على القول بالشرطية وأنّ الأمر تعلّق بالصلاة في غير ما لا يؤكل ، فإنّ مقتضى دلالة الأخبار على جواز الصلاة في الخز المحتمل للغشّ هو ذلك كما لا يخفى . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص34 .
|