أدلّة استحباب النكاح 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 12634

  


بسم الله الرّحمن الرّحيم

المقدّمة

   الحمد لله ، والصّلاة والسّلام على خير خلقه وأشرف بريته محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللّعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدِّين .

   أمامك ـ قارئي الكريم ـ بحوث تحكي جانباً من فقه العترة (عليهم السلام) حاولت بها ـ قدر الإمكان ـ بيان هذا الجانب الحساس من الحياة وما يتفرّع عليه من الآثار .

   وهذه البحوث تقريرات لمحاضرات ألقاها سماحة آية الله العظمى فقيه الاُمّة ومرجعها الأعلى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ـ دام ظله ـ في هذا الموضوع ـ  شرحاً وتعليقاً على كتاب العروة الوثقى لسماحة آية الله العظمى السيد الطباطبائي (قدس سره) ـ على طلاّب الحوزة العلمية في النجف الأشرف .

   ولم يكن من قصدي حينما سجّلتُ هذه المحاضرات أن اُقدمها إلى الطبع ، بل كنت أتوخى من وراء ضبطها أن تكون لي الركائز العلمية الرصينة في بناء تحصيلي العلمي ، لذلك بذلت غاية الوسع والجهد في الضبط والتدقيق ، فإنّه ـ دام ظلّه ـ وإن تميّز في محاضراته بسهولة البيان وعذوبته إلاّ أ نّها ـ في الوقت نفسه ـ تعتمد على الرصانة في التدقيق والتحقيق .

   ولكن لطف سيِّدنا الاُستاذ الوالد ـ دام ظلّه ـ وفضله العميم حفّزني على نشرها ، حيث تفضَّل فأوْلاها بعضاً من وقته الغالي فراجعها بتمامها ، ومن ثم أمرني بتقديمها إلى الطبع وأمره مطاع .

   أمّا اختياري لهذا الموضـوع بالذات من بين تلك البحـوث التي كان لي شرف ضبطها لحضوري عند إلقائها في مجالس الدرس ، فهو ما لهذا البحث من الصلة العميقة بين الأفراد في حياتهم الإجتماعية ، ذلك لأنّ الأحكام الفقهية وإن كانت كلّها قوانين إلهيّة تضمّنتها الشريعة الإسلامية ، إلاّ أنّ بعض بحوثها يتصل بالفرد ـ بالمباشرة ـ بشكل أكثر من بقية البحوث الأخرى .

   ومن هذه البحوث « النِّكاح » حيث يتوقّف عليه تنظيم الحياة الإجتماعية ويبتني عليه أساس كيانه السليم .

   وفي الختام أرفع هذه الدراسة إلى مقام سيدنا الوالد ـ دام ظله ـ لأضع بين يديه ثمار غرسه راجياً منه القبول ، وسائلاً المولى عزّ وجلّ أن يطيل في عمره الشريف ذخراً للإسلام وملاذاً للمسلمين ، وأن يوفقني للاستمرار في هذا النهج المبارك .

   فإنّه من وراء القصد ، وهو الموفق .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

النجف الأشرف 1 / ج 1 / 1404 هـ

محمّد تقي الخوئي       

ــ[1]ــ


كتاب النِّكاح
 

ــ[2]ــ

ــ[3]ــ


كتاب النِّكاح

   النكاح مستحب في حدّ نفسه بالإجماع ، والكتاب ، والسنّة المستفيضة بل المتواترة .

   قال الله تعالى : (وأنكِحُوا الأَيامى مِنكُمْ والصَّالحينَ مِنْ عِبادِكُمْ وإِمائكُمْ إن يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهمُ اللهُ مِن فَضْلهِ واللهُ واسِعٌ عليمٌ ) (1) .

   وفي النبوي المروي بين الفريقين : «النكاح سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» (2) .

   وعن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : «تزوَّجوا فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : من أحبَّ أن يتبع سنّتي فإنّ من سنّتي التزويج» (3) .

   وفي النبوي : «ما بني بناء أحب إلى الله تعالى من التزويج» (4) .

   وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «من تزوّج أحرز نصف دينه فليتَّق الله في النصف الآخر»(5).

   بل يستفاد من جملة من الأخبار استحباب حبّ النساء ، ففي الخبر عن الصادق (عليه السلام) : «من أخلاق الأنبياء حبّ النساء» (6) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة النور 24 : 32 .

(2) المستدرك ، ج 14 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 1 ح 15 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 1 ح 14 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 1 ح 4 .

(5) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 1 ح 12 .

(6) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدّمات النكاح ، ب 3 ح 2 .

ــ[4]ــ

   وفي آخر عنه (عليه السلام): «ما أظنّ رجلاً يزداد في هذا الأمر خيراً إلاّ ازداد حبّاً للنساء»(1).

   والمستفاد من الآية وبعض الأخبار أ نّه موجب لسعة الرزق ، ففي خبر اسحاق ابن عمّار ، قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : الحديث الذي يرويه الناس حق أنّ رجلاً أتى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فشكا إليه الحاجة ، فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات ، قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «نعم هو حق» ثم قال (عليه السلام) : «الرزق مع النساء والعيال» (2) .

   ويستفاد من بعض الأخبار كراهة العزوبة ، فعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «رذّال موتاكم العزّاب» (3) .

   [ 3633 ] مسألة 1: لا فرق على الأقوى في استحباب النكاح بين من اشتاقت نفسه ومن لم تشتق، لإطلاق الأخبار، ولأن فائدته لا تنحصر في كسر الشهوة بل له فوائد، منها زيادة النسل وكثرة قائل لا إله إلاّ الله، فعن الباقر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلاً لعلّ الله أن يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلاّ الله»(4) .

   [ 3634 ] مسألة 2 : الاستحباب لا يزول بالواحدة بل التعدد مستحب أيضاً ، قال الله تعالى : (فانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباع ) (5) . والظاهر عدم اختصاص الاستحباب بالنكاح الدائم أو المنقطع ، بل المستحب أعمّ منهما ومن التسري بالإماء .

   [ 3635 ] مسألة 3 : المستحب هو الطبيعة أعمّ من أن يقصد به القربة أو لا . نعم ، عباديّته وترتّب الثواب عليه موقوفة على قصد القربة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 3 ح 3 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 11 ح 4 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 2 ح 3 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 1 ح 3 .

(5) سورة النساء 4 : 3 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net