عدم جواز نظر المملوك إلى مالكته - عدم جواز نظر الصبي إلى مالكته 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6594


   [ 3669 ] مسألة 37 : لا يجوز للمملوك النظر إلى مالكته (2) ولا للخصي

ـــــــــــــــــــــــــ
   (2) والكلام فيه في مقامين :

   الأوّل : في دلالة قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيمانُهُنَّ) .

   الثاني : في دلالة النصوص .

   أمّا المقام الأول : فقد تقدم قريباً أ نّه لا مجال لاستفادة الجواز منها ، حيث عرفت أنّ المراد بها هو خصوص الإماء ، لامتناع إرادة خصوص العبيد أو الجامع بينهما ، على ما تقدّم مفصّلاً .

   كما عرفت أنّ صحيحة معاوية بن عمّار (1) لا يمكن تصديق مدلولها بل لا بدّ من ردّ علمها إلى أهلها ، لأنها تتضمن جواز المماسة وهو مما لا يقول به أحد .

   نعم ، نسب إلى الشهيد (قدس سره) في المسالك القول بأنّ الكليني قد روى أخباراً كثيرة بطرق صحيحة عن الصادق (عليه السلام) تدلّ على أنّ قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيمانَهُنَّ) شامل للمملوك مطلقاً (2) . إلاّ أ نّه غير تامّ ، فإنّه لم يرد في الكافي ما يمكن جعله دليلاً لكلام الشهيد (قدس سره) غير صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة وقد عرفت الحال فيها .

   وأمّا المقام الثاني : فلا يخفى أنّ النصوص الواردة في المقام على طائفتين :

   الاُولى : ما دلّ على الجواز ، كصحيحة معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : المملوك يرى شعر مولاته وساقها ؟ قال : «لا بأس» (3) .

   وصحيحة إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أينظر المملوك إلى شعر مولاته ؟ قال : «نعم ، وإلى ساقها» (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 33 هـ 2 .

(2) مسالك الأفهام 7 : 52 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 124 ح 3 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 124 ح 6 .

ــ[75]ــ

النظر إلى مالكته أو غيرها (1) كما لا يجوز للعنِّين والمجبوب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   الثانية : ما دلّ على عدم الجواز ، كصحيحة يونس بن عمار ويونس بن يعقوب جميعاً عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «لا يحلّ للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها إلاّ إلى شعرها غير متعمّد لذلك» (1) .

   والظاهر أنّ استثناء الشعر ليس من جهة حرمة النظر إلى سائر أعضائها حتى ولو لم يكن متعمداً ، إذ لا كلام في عدم حرمة ذلك ، بل ذلك من جهة أنّ وقوع النظر غير العمدي إلى الشعر أمر يتفق حصوله في الخارج كثيراً ، فإنّ من المتعارف كشف المرأة رأسها في المنزل بخلاف سائر أعضائها فإنّها مستورة بثيابها ، فلا يتّفق وقوع النظر غير العمدي إليها إلاّ نادراً .

   وحيث إنّ المعارضة بين هاتين الطائفتين مستحكمة ، إذ لا مجال للجمع بين «لا  بأس» و «لا يحل» فلا بدّ من الرجوع إلى قواعد باب التعارض .

   وعليه فلما كانت الطائفة الثانية هي الموافقة لكتاب الله ، حيث عرفت أنّ الآية الكريمة تدلّ على عدم الجواز ، فلا بدّ من العمل بها وطرح الطائفة الاُولى . على أنّ الطائفة الاُولى هي الموافقة للعامّة، حيث يلتزمون بجواز نظر العبد إلى مولاته، فتكون مخالفة الطائفة الثانية للعامّة مرجحاً آخر لها ، فتحمل الطائفة الاُولى على التقيّة لا محالة .

   ومن هنا يتضح أ نّه لا داعي لتوجيه ترجيح الثانية على الاُولى بإعراض المشهور عنها ، فإنّ فيه ما قد عرفته مراراً .

   (1) والكلام فيه تارة فيما يستفاد من قوله تعالى : (أَوِ التّابِعينَ غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) (2) ، واُخرى فيما يستفاد من النصوص .

   أمّا المقام الأوّل : فقد استدلّ بالآية الكريمة على عدم وجوب التستّر من الخصي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 124 ح 1 .

(2) سورة النور 24 : 31 .

ــ[76]ــ

وجواز إبداء الزينة له ، باعتبار أ نّه من مصاديق (غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ) نظراً إلى أنّ معناه من لا يطمع في النساء وليس بحاجة إليهن .

   إلاّ أ نّه لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لأنّ المستثنى في الآية الكريمة من حرمة الإبداء ليس مطلق (غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ) وإنّما خصوص التابعين ، ومن الواضح أنّ المتفاهم العرفي من التابع من لا استقلال له فيختصّ الحكم به ، كالعبد الخصي أو المجبوب أو كبير السن .

   وهذا المطلب ـ أعني كون المستثنى خصوص التابعين ـ لم أجد من تنبّه إليه من قبل حيث لم يذكر في كلماتهم .

   نعم ، استظهر العلاّمة (قدس سره) الجواز في خصوص العبد الخصي (1) وتابعه على ذلك المحقق الكركي (2) .

   هذا كلّه لو كنّا نحن وهذه الآية المباركة فقط ، إلاّ أ نّه قد ورد في جملة من النصوص الصحيحة تفسير (غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ) بالأحمق .

   ففي صحيحة زرارة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قوله عزّ وجلّ (أَوِ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) قال : «الأحمق الذي لا يأتي النساء» (3) .

   وفي صحيحة عبدالرّحمن عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن (غَيْرِ أُولي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) قال : «الأحمق المولّى عليه الذي لا يأتي النساء» (4) .

   ومن الواضح أ نّه بعد صراحة هاتين الصحيحتين وغيرهما ، لا مجال للتمسك بإطلاق الآية الكريمة لإثبات الحكم لمطلق التابع الذي لا رغبة له في النساء ، بل لا بدّ من الاقتصار على مدلولهما مقيدين إطلاق الآية الكريمة بذلك .

   وأمّا المقام الثاني : فالنصوص الواردة على طائفتين :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تذكرة الفقهاء 2 : 574 .

(2) جامع المقاصد 12 : 38 .

(3) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 111 ح 1 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 111 ح 2 .

ــ[77]ــ

   الاُولى : ما تدلّ على الجواز ، كصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال : سألت أبا  الحسن الرضا (عليه السلام) عن قناع الحرائر من الخصيان ، فقال : «كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن (عليه السلام) ولا يتقنعن» . قلت : فكانوا أحراراً ؟ قال : «لا» . قلت : فالأحرار يتقنع منهم ؟ قال : «لا» (1) .

   الثانية : ما تدلّ على عدم الجواز ، كصحيحة عبدالملك بن عتبة النخعي ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن اُم الولد ، هل يصلح أن ينظر إليها خصي مولاها وهي تغتسل ؟ قال : «لا يحلّ ذلك» (2) .

   وهي من حيث السند صحيحة ، فإنّ عبدالملك بن عتبة النخعي قد وثّقه النجاشي صريحاً في ترجمة عبدالملك بن عتبة الهاشمي ، وذكر أن الكتاب الذي نسب إليه هو للأول (3) .

   وأما من حيث الدلالة فلا يخفى أنّ السؤال فيها عن نظر الخصي إلى اُم الولد وهي تغتسل ، ومن الواضح أنّ كلمة (تغتسل) إن لم تكن ظاهرة في كشف تمام البدن فلا أقلّ من احتمال ذلك فيها ، وعليه فتكون الصحيحة أجنبية عن محل الكلام ولا تعارض صحيحة ابن بزيع لاختلاف موضوعها ، حيث إنّ الكلام في جواز نظره إلى الشعر خاصّة لا تمام الجسد فإنّه مقطوع العدم .

   وصحيحة محمد بن إسحاق ، قال : سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) قلت : يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه فيناولهنّ الوضوء فيرى شعورهنّ ، قال : «لا» (4) .

   وهي صحيحة السند أيضاً ، فإنّ محمد بن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن عمّار ـ الثقة ـ كما صرح بذلك الشيخ الصدوق (قدس سره) (5) ، ويشهد له رواية ابن أبي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 125 ح 3 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 125 ح 1 .

(3) رجال النجاشي : 239 ترجمة برقم 635 .

(4) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب 125 ح 2 .

(5) الفقيه 3 : 300 / 1434 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net